سلطان - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 السبب الحقيقي لنشوء الفرق

من هم الجهمية ؟ وبماذا يعتقدون ؟ ولماذا اغلب الوهابية وربما الاشعرية والمعتزلة يكنون لهم العداء ويرمونهم بالكفر ؟ ارجو الافادة


الأخ سلطان المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في كتاب بحوث في الملل والنحل قال السبحاني: الجهمية وسماتها : الجبر والتعطيل مؤسسها جهم بن صفوان السمرقندي (ت128ه) قال الذهبي : (جهم بن صفوان، ابو محرز السمرقندي الضال المبتدع، راس الجهمية، هلك في زمان صغار التابعين، وما علمته روى شيئا، لكنه زرع شرا عظيما) . قال المقريزي (الجهمية اتباع جهم بن صفوان الترمذي مولى راسب، وقتل في اخر دولة بتي امية، وهو : 1- ينفي الصفات الالهية كلها، ويقول : لا يجوز يوصف الباري بصفة يوصف بها خلقه . 2- ان الانسان لا يقدر على شي ولا يوصف بالقدرية ولا الاستطاعة . 3- ان الجنة والنار يفنيان، وتنقطع حركات اهلهما . 4- ان من عرف الله ولم ينطق بالايمان لم يكفر، لان العلم لا يزول بالصمت، وهو مؤمن مع ذلك . وقد كفره المعتزلة في نفي الاستطاعة . وكفره اهل السنة بنفي الصفات وخلق القرآن ونفي الرؤية . 5- وانفرد بجواز الخروج على الامام الجائر . 6- وزعم ان علم الله حادث لا بصفة يوصف بها غيره . وقد ذكر ابن الاثير في حوادث سنه (128ه) كيفية قتله بيد نصير بن سيار، ومن اراد فليرجع اليه . وقد نسب اليه عبد القاهر البغدادي، اصولا تقرب مما نسب اليه المقريزي في خططه على ما عرفت . وقال : (وكان جهم مع ضلالاته التي ذكرها يحمل السلاح ويقاتل السلطان وخرج مع السريج بن حارث على نصير بن سيار وقتله سلم بن احوز المازني في اخر زمان بني مروان، واتباعه اليوم ب(نهاوند)، وخرج اليهم في زماننا اسماعيل بن ابراهيم بن كبوس الشيرازي الديلمي، فدعاهم الى مذهب شيخنا ابي الحسن الاشعري ‘ فأجابه قوم منهم وصاروا مع اهل السنة . وقد نسب اليه الشهرستاني عدة أمور نذكر منها أمرين : 1- ان الانسان لا يقدر على شي ولا يوصف بالاستطاعة وانما هو مجبور على افعاله لا قدرة له، والله هو الذي يخلق الافعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات، وتنسب اليه الافعال مجازا كما تنسب الى الجمادات، كما يقال اثمرت الشجرة، وجرى الماء، وتحرك الحجر، وطلعت الشمس وغربت، وتغيمت السماء وامطرت، واهتزت الارض وانبتت، الى غير ذلك، والثواب والعقاب جبر، كما ان الافعال كلها جبر قال : واذا ثبت الجبر فالتكليف جبر . 2- ان حركات اهل الخلدين تنقطع، والجنة والنار تفنيان بعد دخول اهلهما فيهما، وتلذذ اهل الجنة بنعيمها، وتالم اهل النار بجحيمها . اذ لا تتصور حركات لا تتناهى اخرا، كما لا تتصور حركات لا تتناهى اولا وحمل قوله تعالى (خالدين فيها) على المبالغة والتاكيد دون الحقيقة في التخليد . كما يقال خلد الله ملك فلان، واستشهد على الانقطاع بقوله تعالى : (خالدين فيها ما دامت السموات والارض الا ماشاء ربك) فالاية اشتملت على شريطة واستثنا، والخلود والتابيد لا شرط فيه ولا استثناء . وقد نقل الشهرستاني عنه امورا اخر، مضى بعضها في كلام غيره . اقول : قاعدة مذهبه أمران : الاول : الجبر ونفي الاستطاعة والقدرة، فالجهم بن صفوان رأس الجبر واساسه، ويطلق عليه وعلى اتباعه الجبرية الخالصة في مقابل غير الخالص منها . قال الشهرستاني : (الجبر هو نفي الفعل حقيقة عن الانسان واضافته الى الرب تعالى، والجبرية اصناف، فالجبرية الخالصة هي التي لاتثبت للعبد فعلا ولا قدرة على الفعل اصلا . والجبرية المتوصطة هي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة اصلا . فأما من اثبت للقدرة الحادثة اثرا ما في الفعل وسمي ذلك كسبا فليس بجبري) . يلاحظ عليه : ان الفرق الثلاث كلهم جبريون من غير فرق بين نافي القدرة والاستطاعة كما عليه الجهم او مثبتها، لكن قدرة غير مؤثرة، بل مقارنة لايجاده سبحانه فعل العبد وعمله، او مؤثرة في اتصاف الفاعل بكونه كاسبا والفعل كسبا، لما عرفت من ان القول بالكسب نظرية مبهمة جدا لا ترجع الى اصل صحيح، وان القول بأنه سبحانه هو الخالق المباشر لكل شي لا يترك لنظرية الكسب مجالا للصحة، لان الكسب لو كان امرا وجوديا فالله هو خالقه وموجده (اخذا بانحصار الخلق في الله) وان كان امرا عدميا اعتباريا، فلا يخرج الفاعل من كونه فاعلا مجبورا . وعلى أي تقدير،فالقول بالجبر واذاعته بين الناس وانقيادهم له كان حركة رجعية الى العصر الجاهلي، وقد كان الجبر سائدا على مشركي العرب وغيرهم . الثاني : تعطيل ذاته سبحانه عن التوصيف بصفات الكمال والجمال ومن هنا نجمت المعطلة . ولكنه لم يتبين لي صدق ما اليه البغدادي والشهرستاني من انه قال : لا يجوز ان يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه، لان ذلك يقتضي تشبيها، فنفى كونه حيا عالما واثبت كونه قادرا، فاعلا، خالقا، لانه لا يوصف شي من خلقه بالقدرة والفعل والخلق . واظن ان مراده من قوله (بصفة يوصف بها خلقه) هي الصفات الخبرية، كاليد، والعين، والرجل، وما أشبهها،مما اصر اهل الحديث والحشوية على توصيفه سبحانه بها، بالمعنى اللغوي الملازم للتجسيم والتشبيه . هاتان قاعدتا مذهب الجهم، وأما غيرهما مما نسب اليه، فمشكوك جدا . ودمتم في رعاية الله

2