عبد السلام - البحرين
منذ 4 سنوات

 السبب الحقيقي لنشوء الفرق

السلام عليكم لماذا خالف مالك و أحمد والشافعي وابو حنيفة مذهب أهل البيت ?


الاخ عبد السلام المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في البداية لا بأس بذكر نبذة مختصرة في كيفية نشوء المذاهب الأربعة ليتضح من خلالها الجواب إن شاء الله تعالى . فنقول وبالله نستعين: إن الناس في زمن النبي (ص) كانوا يلجأون إليه في معرفة أمور دينهم وإلى من جعلهم النبي (ص) من قبله كأمراء أو رسل إلى البلاد الأخرى وبقي الحال على ذلك إلى أن قبضَ النبي (ص). وأما بعد زمانه (ص) فكان الناس يسألون الخلفاء خاصة والصحابة عامة لما تفرّقوا في سائر البلدان , لأنهم كانوا أقرب الناس إلى رسول الله (ص) وأعرفهم بأحكام دينه. ولما جاء عصر التابعين وتابع التابعين انقسم العلماء إلى قسمين, أهل الحديث وأهل الفتوى , وكثر المفتون في المدينة ومكة والشام ومصر والكوفة وبغداد وغيرها من بلاد الإسلام, فكان العامة يسألون من يظهر لهم علمه ومعرفته دون أن يتمذهبوا بقول واحد بعينه. إلا أنّ المهاترات التي وقعت بين أهل الحديث وأهل الفتوى وبالأخص أهل الرأي منهم من جهة , مضافاً إلى تقريب الخلفاء لبعض العلماء دون البعض الآخر من جهة أخرى, وَ لَّدَ روح التعصب عند الناس لبعض الفقهاء والحرص على الإلتزام بآرائه الفقهية وطرح آراء غيره. ولمّا ظهر أبو حنيفة كفقيه له آراؤه الفقهية, إستطاع أن يستقطب له تلاميذ صار لهم الدور الكبير بعد ذلك في نشر تلك الآراء , ولاسيما القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري الذي نال الحظوة عند الخلفاء العباسيين, فتولى منصب قاضي القضاة عند هارون الرشيد , وكان هارون لا يعيّن قاضياً أو مفتيا إلا بالرجوع إلى أبي يوسف (انظر الانتقاء لابن عبد البر ص172), فسعى أبو يوسف على نشر مذهب استاذه أي مذهب أبي حنيفة بواسطة القضاة الذين كان يعينهم هو وأصحابه. ولمّا بزغ نجم مالك بن أنس أراد أبو جعفر المنصور أن يحمل الناس على العمل بما في الموطأ , وأمر من ينادي في الناس : ((ألا لا يفتينَّ أحد ومالك بالمدينة))، وحظي مالك بمكانة عظيمة عنده وعند من جاء بعده من أبنائه الخلفاء. فسببَّ ذلك ظهور أتباع له يروجّون مذهبه, ويظهرون التعصب له . ومن هنا قال ابن حزم الأندلسي : ((مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرياسة والسلطان: مذهب أبي حنيفة , ومذهب مالك عندنا ...))(انظر وفيات الاعيان لابن خلكان6/144). ثمَّ تألق الشافعي وبرز على علماء عصره, وساعده على ذلك تتلمذه على مالك في المدينة ونزوله ضيفاَ لما ذهب الى مصر عند محمد بن عبد الله بن الحكم الذي كانت له في مصر مكانة عظيمة ومنزلة علمية, وكان مقدماً عند أهل مصر, فقام هذا الأخير بنشر علم الشافعي وبثّ كتبه , مضافاً إلى مالقيه الشافعي في باديء الامر من المالكية في مصر من الإقبال والحفاوة, بسبب كثرة ثنائه على الإمام مالك, وتسميته ب(الإستاذ). ولما وقع الإمام أحمد بن حنبل في محنة خلق القرآن , وضربَ وحبـسَ مع ما أظهر من الصبر والتجلد, جعل له المكانة عند الناس , ولا سيما بعدما أدناه المتوكل العباسي وأكرمه وعظّمه , وعني به عناية فائقة. هكذا نشأت هذه المذاهب وانتشرت دون غيرها, تحت عوامل مختلفة من الترغيب والترهيب عاشها أصحابها وأتباعهم. ثمّ إنَّ الأغراض السياسية والمآرب الدنيوية كانت وراء دعم الخلفاء لهذه المذاهب واستمرارها ,فإنّ خلفاء بني العباس أرادوا أن يلفتوا الناس إلى علماء من أهل السنة لتكون لهم المكانة السامية عند الناس, بإعتبارهم أئمة في الدين ليصرفوا الأنظار عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذين كانت نقطة التوتر بينهم هي الاولوية بالخلافة. ولهذا كان شعراء بني العباس يثيرون هذه المسألة في مناسبات كثيرة , يعرّضون فيها بأبناء علي وفاطمة (عليهما السلام) ويحتجون بأنّ الخلافة ميراث النبي (ص) وعلي (ع) ابن عم النبي (ص) والعباس عمّه , وابن العم لايرث مع وجود العم. وممّا أنشده مروان بن أبي الجنوب للمتوكل : ملك الخليفة جعـفـر ***** للدين والدنيــا سلامه لـكم ترَاث محمـــد ***** وبعد لكم تنفى الظلامة يرجوا التراث بنــو ***** البنات ومالهم فيها قلامه والصهر ليس بــوارث ***** والبنت لاترث الإمامـة مـا للذين تنحلــــوا ***** ميراثـكم إلاّ الندامــة أخذ الوراثة أهلهـــا ***** فعلام لومكم علامــه لو كان حقكـم لمــا ***** قامت على الناس قيامه ليس التراث لغيركــم ***** لا والإلـه , ولاكرامه أصبحت بين محبكــم ***** والمبغضين علامـــه قال مروان : فعقد لي على البحرين واليمامة , وخلع لي أربع خلع , وخلع علي المنتصر, وأمر لي المتوكل بثلاثة آلاف دينار ونثرت علي. (الكامل في التأريخ لابن الاثير 7/101). أنظر (مسائل خلافية للشيخ علي آل محسن - طبعة دار الهادي ص118- 121). ودمتم في رعاية الله