logo-img
السیاسات و الشروط
( 19 سنة ) - العراق
منذ سنة

تفاصيل وداع الإمام الحسين لابنه زين العابدين قبل المعركة

كيفَ ودعَ الإمامُ الحُسين عليهِ السلام إبنهُ الإمام زين العابدين عليه السلام قبل خروج الإمام إِلى المعركة؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته مرحبًا بك أيها السائل الكريم جاء في زينب الكبرى (عليها السلام) من المهد الى اللحد, سيد محمد كاظم القزويني ,ص213-217: كانت ساعات يوم عاشوراء تقترب نحو العصر، دقيقة بعد دقيقة، والإمام الحسين (عليه السلام) يعلم باقتراب تلك اللحظة التي يفارق فيها الحياة بأفجع صورة وأفظع كيفية. وها هو ينتهز تلك اللحظات ليقوم بما يلزم، فقد جاء ليودع ولده البار المريض: الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام). وكانت السيدة زينب (عليها السلام) ـ والتي تفايضت صحيفة أعمالها بالحسنات ـ قد أضافت إلى حسناتها حسنةً أخرى، وهي تمريض الإمام زين العابدين (عليه السلام) وتكفل شؤونه. ودخل الإمام الحسين على ولده في خيمته، وهو طريح على نطع الأديم، فلا سرير ولا فراش وثير، قد امتص المرض طاقات بدنه، لا طاقات روحه المرتبطة بالعالم الأعلى. فدخل عليه، وعنده السيدة زينب تمرضه، فلما نظر علي بن الحسين إلى أبيه أراد أن ينهض فلم يتمكن من شدة المرض ، فقال لعمته: سنديني إلى صدرك، فهذا ابن رسول الله قد أقبل. فجلست السيدة زينب خلفه، وسندته إلى صدرها. فجعل الإمام الحسين (عليه السلام) يسأل ولده عن مرضه، وهو يحمد الله تعالى، ثم قال: يا أبت ما صنعت اليوم مع هؤلاء المنافقين؟ فقال له الحسين (عليه السلام): يا ولدي إستحوذ عليهم الشيطان، فأنساهم ذكر الله، وقد شب القتال بيننا وبينهم، حتى فاضت الأرض بالدم منا ومنهم. فقال: يا أبتاه أين عمي العباس؟ فلما سأل عن عمه إختنقت السيدة زينب بعبرتها، وجعلت تنظر إلى أخيها كيف يجيبه؟ لأنه لم يخبره ـ قبل ذلك ـ بمقتل العباس خوفاً من أن يشتد مرضه. فقال: يا بني إن عمك قد قتل، وقطعوا يديه على شاطئ الفرات. فبكى علي بن الحسين بكاءً شديداً حتى غشى عليه، فلما افاق من غشيته جعل يسأل أباه عن كل واحد من عمومته، والحسين (عليه السلام) يقول له: قتل. فقال: وأين أخي علي، وحبيب بن مظاهر، ومسلم بن عوسجة وزهير بن القين؟ فقال له: يا بني! إعلم أنه ليس في الخيام رجل إلا أنا وأنت، وأما هؤلاء الذين تسأل عنهم فكلهم صرعى على وجه الثرى. فبكى علي بن الحسين بكاءً شديداً، ثم قال ـ لعمته زينب ـ : يا عمتاه علي بالسيف والعصا. فقال له أبوه: وما تصنع بهما؟ قال: أمّا العصا فاتوكأ عليها، وأمّا السيف فأذب به بين يدي أبن رسول الله (صلى الله عليه واله) فإنه لا خير في الحياة بعده. فمنعه الحسين (عليه السلام) عن ذلك وضمه إلى صدره، وقال له: يا ولدي! أنت أطيب ذريتي، وأفضل عترتي، وأنت خليفتي على هؤلاء العيال والأطفال، فإنهم غرباء، مخذولون ، قد شملتهم الذلة، واليتم، وشماتة الأعداء، ونوائب الزمان. سكتهم إذا صرخوا، وآنسهم إذا استوحشوا، وسل خواطرهم بلين الكلام، فإنه ما بقي من رجالهم من يستأنسون به غيرك، ولا أحد عندهم يشتكون إليه حزنهم سواك. دعهم يشموك وتشمهم، ويبكوا عليك وتبكي عليهم. ثم لزمه بيده وصاح بأعلى صوته: يا زينب! ويا أم كلثوم، ويا رقية! ويا فاطمة! إسمعن كلامي، وأعلمن أنّ إبني هذا خليفتي عليكم وهو إمام مفترض الطاعة. ثم قال له: يا ولدي بلغ شيعتي عني السلام، وقل لهم: إنَّ أبي مات غريباً فاندبوه، ومضى شهيداً فابكوه. دمتم في رعاية الله

3