العلية واختيار الإنسان
السلام عليكم هل اختيار الإنسان أن يفعل فعلا ما خاضع للعلية؟ فإن كانت علة تامّة فقد جبر أن يختار فعلا كذائيا، وإن كانت ناقصة فما متمّمها؟ ، والعلة هي الظروف المحيطة وحالته النفسية، وهي إما خارجة عن إراداته فلا يحاسب عليها أو ناتجة عن اختياراته السابقة، ولكن اختياراته السابقة هذه يجري عليها نفس الكلام والسؤال عن عللها، حتى نرجع لأول اختيار له فرضا، فلا يكون اختارَ شيئا قبله، فلو اختار فعلا سيئا ف علة اختياره هذا الفعل لا بد أمر لا دخل له فيه، فلا يحاسب عليه، وكذا ما يترتب عليها، فيجري الجبر في كل اختياراته ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا وسهلا بكم في تطبيق المجيب إن كل فعل يتحقق فلابد أن تكون له علته التامة حتى يتحقق، وعلته التامة مؤلفة من مجموعة عناصر، يكون للظروف المحيطة وحالته النفسية وقدرته على اتخاذ القرار وغيرها من العوامل دور مهم في فعل الأفعال، ولكن مع ذلك تبقى هناك مساحة لاختيار الإنسان، ونحن نستشعر ذلك بالوجدان، فأكثر أفعالنا تكون لنا القدرة على فعلها وعلى تركها، ولا نجد مبرر لاستبعاد عنصر الاختيار من ضمن أجزاء العلة التامة للفعل، ومساحة الاختيار قد تختلف من شخص لآخر، تبعا للوراثة والتربية وامتلاك زمام النفس، وبمقدار مساحة الاختيار التي لدى الإنسان يكون حسابه على الفعل يوم القيامة. نعم الأفعال السابقة لها تأثير على مساحة الاختيار، فمثلا المدمن على التدخين غير فاقد للاختيار ولكن مساحة اختياره ضيقة بالنسبة لترك التدخين بخلاف المدخن غير المدمن، فإن مساحة اختياره واسعة، وضيق مساحة الاختيار بالنسبة للمدمن هي بسبب فعل اختياري محض، وهو الاعتياد على التدخين، والإنسان الذي تضيق مساحة اختياره بسبب أفعاله الاختيارية السابقة لا يعفى عن الحساب فيما لو ارتكب محرما ناتجا عن ضيق مساحة اختياره، لأنه هو الذي ألقى نفسه في هذا الضيق، وسلب عن نفسه المساحة الواسعة للاختيار، وقد ثبت أن الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار. فقد تبين مما تقدم: ١- أن لكل فعل مجموعة عناصر تشكل علته التامة، وواحد من هذه العناصر هو الاختيار. ٢- إن مساحة الاختيار تختلف بين الناس تبعا لاختلاف القدرات الناشئة من الوراثة أو البيئة، والمقدار الذي لأيكون للإنسان دخل في ضيق مساحة اختياره يكون معذورا تجاهه، بينما ضيق مساحة الاختيار بسبب أفعال اختيارية سابقا يتحمل الإنسان مسؤوليتها ولا يعذر لو كان الفعل خاطئا.