logo-img
السیاسات و الشروط
منذ سنة

كيف يجبر ثلاثة أشخاص على البيعة لأبي بكر ؟

كيف يجبر ثلاثة أشخاص هم أبو بكر ، وعمر ، وأبو عبيدة ، من حضر في السقيفة ، وهم الأوس والخزرج على البيعة لأبي بكر ؟! .. بل كيف يجبر هؤلاء الثلاثة ، مئة وعشرين ألفاً كانوا قد حضروا الغدير ، وبايعوا الإمام علياً عليه السلام هناك ؟! ..


أهلا وسهلا بكم في تطبيق المجيب إن التاريخ يكشف لنا عن واقع معقد كان في أواخر حياة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وكان هناك طموح في السلطة يمثله الاتجاه القريشي، وكان الأنصار يخشون من تسلط رجل من قريش لما بينهم وبين قريش من قتال وحروب قبل فتح مكة، ويظهر من مبادرة أبي بكر وعمر وأبي عبيدة للأخذ بزمام الأمور وتنصيب الخليفة حتى قبل تجهيز النبي الأكرم أن هناك من كان يدبّر الأمر قبل رحيل النبي الأكرم، لذا سارعوا إلى السقيفة عندما سمعوا باجتماع الأنصار، وأما الانصار فبسبب تفرقهم فيما بينهم استطاع الممثل عن قريش ( أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ) التغلب عليهم في تلك الجلسة، حيث أن الخزرج رشحوا سعد بن عبادة الأنصاري للخلافة، وهذا يغيظ الشق الثاني من الأنصار وهم الأوس، لذا نجد في الحديث الذي دار بين القوم في السقيفة أن من بادر لبيعة أبي بكر هُم الأوس، حتى لا يتسلط عليهم سعد بن عبادة الخزرجي، لما كان بين الأوس والخزرج قبل مجيء النبي الأكرم إليهم من حروب طاحنة معروف بحروب بعاث. وبعد أن بايع الأوس أبا بكر ضعف موقف الأنصار قبال ممثلي قريش، ومع ذلك لم يبايع الخزرج إلا متأخرين، وقد ذكر التأريخ المواقف المعارضة لبيعة أبي بكر منها موقف سعد بن عبادة رئيس الخزرج، وبعض آخر من قبيلته. وأماً من كان حاضرا في الغدير فليسوا كلهم من أهل الحل والعقد والتأثير في المجتمع، فقادة الرأي كانوا فرق معروفة، يمكن أن نصنّفها إلى أربعة أقسام، حزب الإمام علي ويضم بني هاشم وبعض الصحابة الأوائل كعمار وأبي ذر وسلمان والمقداد، وحزب قريش الذي كان الممثل الرسمي له أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ويضم أكثر المسلمين بعد فتح مكة وهم ليسوا فئة قليلة العدد، بل كانت ذات تأثير حتى في زمن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله قال تعالى (( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ )) ( المائدة ، ٤١ ) وهذه الآية نازلة في نهاية حياة الرسول الأكرم، والأنصار كانوا على حزبين فأغلب الخزرج كانوا رافضين لتنصيب أبي بكر، والأوس وافقوا على أبي بكر حتى لا تكون الخلافة لسعد بن عبادة. هذا بيان إجمالي لواقع تلك المرحلة والتفاصيل والتعقيدات أكثر من ذلك بكثير، ومنه يعلم أنه لم تكن القضية بهذه البساطة، وأن هناك ثلاثة أشخاص غلبوا مائة وعشرين ألفا.