محمد - النرويج
منذ 4 سنوات

 الدليل العقلي على غيبته (عجل الله فرجه)

ارجوكم رجاء حار ردوا على هذه الشبهة التي لم يزل النواصب يكررونها في كل محفل لينالوا منًّ ومن مذهبنا وهو نقلاً عن شيخهم الناصبي وهو يقول ما نصه: ************************* إن الإمام لطف وهو غائب عنكم فأين اللطف الحاصل مع غيبته وإذا لم يكن لطفه حاصلا مع الغيبة وجاز التكليف بطل أن يكون الإمام لطفا في الدين وحينئذ يفسد القول بإمامة المعصوم.... لو كان اللطف حاصلا في حال الغيبة كحال الظهور لوجب أن يستغنوا عن ظهوره ويتبعوه إلى أن يموتوا وهذا خلاف ما يذهبون إليه.... وأما الغائب فلم يحصل به شيء فإن المعترف بوجوده إذا عرف أنه غاب من أكثر من أربعمائة سنة وستين سنة وأنه خائف لا يمكنه الظهور فضلا عن إقامة الحدود ولا يمكنه أن يأمر أحدا ولا ينهاه لم يزل الهرج والفساد بهذا. ************************* جزاكم الله خيرا..


الأخ محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا الكلام يعود لابن تيمية الحراني في كتابه (منهاج السنة: 6/ 389 - 390) وهو يشنع على الشيعة الإمامية في اعتقادهم بإمامة الأئمة (عليهم السلام) الى الإمام المهدي (عجل الله فرجه). وملخص هذه الشبهة: لا شك أنّ الإمام أو أن الرئيس الذي تشهد به العقول والعادات بأنه لطف لا توجبه الإمامية، والرئيس الذي لا يحصل به لطف ولا يتمكن من فعل أكثر مقاصد الإمامة والرئاسة توجبه الإمامية وتجعله لطف، وهذا متناقض! فيقال في الردّ عليه: لا شكّ أنّ الرئاسة التي توجبها العقول وتشهد بها العادات هي مطلق الرئاسة لرئيس ما، وهي التي توجبها الإمامية، وإذا صحّ وثبت وجوب الرئاسة والإمامة من حيث هي هي، نظرنا بعد ذلك في صفات ذلك الرئيس الإمام، ومن قبل من يكون، ومن يتولّى نصبه وتعيينه. فوجدنا العقول أيضا توجب وتدلّ أنّ من صفة هذا الرئيس أن يكون معصوما، لئلا يميل هواه إلى أحد من الخلق بغير حقّ، ولئلا يصدر منه ما يوجب الأدب وبه يستحق، لأنّه لو صدر عنه ما يستحق به الأدب فمن الذي يؤد به؟! لا بدّ له من إمام يؤدّ به ويأخذ على يده ويكون من ورائه يسدّده، وإلاّ لكان الفساد ناشئا من نفس الإمام وجهته. وكيف يصحّ ذلك! والعقول لم توجب الرئيس الإمام إلاّ ليكون حال الخلق معه إلى الصلاح أقرب، ومن الفساد أبعد، فعلى هذا لا يجوز أن يكون الفساد ناشئا من جهة الإمام الرئيس ألبتة. ووجدنا العقول أيضا توجب وتدلّ أنّ نصب هذا الإمام الرئيس وتعيينه لا يكون إلى الخلق، بل إلى اللّه‏ وإلى رسوله، لما يعلم كلّ عاقل من تضاد آراء الخلق واختيارهم، واختلاف قصودهم وأهوائهم، وتباين طرقهم ومذاهبهم. وإذا صحّ وثبت وجوب الإمامة، وكون الرئيس معصوما، وكون نصبه وتعيينه إلى اللّه‏ وإلى رسوله، فقد صحّ وثبت قول الإمامية اتّفاقا؛ لأنّ الحاصل من هذا الكلام، وجوب ما أوجبته العقول وشهدت به العادات، وقد شهدت العقول والعادات بأنّ الرئيس لطف، وأنّ نصبه وتعيينه إلى اللّه‏ سبحانه وإلى رسوله، وأنّه يجب أن يكون معصوما، هذا كلّه أوجبته العقول وشهدت به العادات. وقد شهد ابن تيمية بأنّ العقول والعادات شهدت بالمعنى الأوّل، وهو كون الرئيس الإمام لطف، فثبت ذلك وصحّ باعترافه وبالأدلّة القاطعة! ثمّ لا يخلوا إمّا أن يكون نصب هذا الرئيس إلى اللّه‏ وإلى رسوله حسب، أو إلى الخلق. فإن قلت بالأوّل، فهو الحقّ، وفي ذلك صحّة مذهب الإمامية قطعا! لأنّ ليس أحد من الطوائف يقول: إنّ اللّه‏ ورسوله صلى‏الله‏عليه ‏و‏آله نصّبا رئيسا وعيناه ونصّا عليه بالإمامة والخلافة سوى الإمامية، ولم يدّع ذلك أحد غيرهم. وإن قلت بالثاني، وهو نصب هذا الرئيس الذي أوجبته العقول وشهدت به العادات إلى الخلق لا إلى اللّه‏ ولا إلى رسوله، بل إذا اختار الخلق والأمّة رئيسا وبايعوه بالإمامة صار إماما كما تقوله المعتزلة. فيقال لك : فما دليلك وبرهانك على ذلك؟ فإنّ العقول والعادات لا توجب ذلك ولا تشهد به، بل تشهد بفساده كما بيّناه أوّلاً، لتضاد آراء الخلق واختلاف هواهم. وفي صحّة هذين المعنيين صحّة المعنى الثالث، وهو كون الرئيس الإمام معصوما منصوصا عليه! وفي صحّتهما فقط كفاية في صحّة مذهب الإمامية! وأنّ معهم الهداية، وبطلان كلّ مذهب سواه بالتحقيق والدراية. وإذا صحّ وثبت أنّ الرئيس واجب وأنّ تعيينه إلى اللّه‏ وإلى رسوله لا إلى الخلق، فقد صحّ مذهب الإمامية إجماعا. وعلمنا قطعا أنّ اللّه‏ ورسوله صلى‏ الله ‏عليه‏ و‏آله قد فعلا ذلك ولم يُخلاّ به ولم يتركاه، فإنّ أطاع الخلق أو أكثرهم هذا الرئيس الذي أوجبته العقول وشهدت به العادات، الذي نصبه إلى اللّه‏ وإلى رسوله صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله وتأميره إليهما لا إلى الناس، كان مهيبا وتصرف في الأمر ظاهرا منبسط اليد، وحصل منه جميع مقاصد الإمامة والرئاسة على أتمّ الانتفاعات وأكملها، وانتفعوا به وسعدوا بطاعتهم له، وإذا لم يطعه من الخلق إلاّ اليسير الذين لم يتمكن بهم من فعل مقاصد الإمامة، كان فوات اللطف من جهة الذين لم يدخلوا في طاعته ولم يذعنوا له، بل وثبوا على الأمر واستبدوا به من دونه، ولم يكن فوات ذلك من جهته ولا من جهة اللّه‏ عزّ وجلّ ولا من جهة رسوله. فكون الرئيس مهيبا متصرفا في الأمر ظاهرا منبسط اليد إنّما يتم ويكمل ويحصل ذلك بطاعة الخلق أو أكثرهم له، أمّا إذا لم يطعه الخلق ولا أكثرهم، بل لم يطعه منهم إلاّ القليل اليسير، وأمّا الأكثر فضادّه وعانده وخالفه ونازعه بمن أعانه على ذلك واستبد عنه بالسلطان من له قوّة بالعيان، ولم يتفق للرئيس الإمام بواضح البرهان ويطعه إلاّ من لا يتمكن به من مقاومة ضدّه ومخالفه، المستبد بالأمر بغير حجّة وبيان، بل بالشوكة أهل الخلاف عليه والعصيان، فعند ذلك لا يتم له أن يكون مهيبا ولا منبسط اليد ولا متصرفا في الأمر ظاهرا، وحينئذ يكون فوات اللطف من جهة المعاندين له والمستنكفين عن طاعته المستبدين بالأمر دونه بقوّة أتباعهم وأنصارهم. وقد قلت يابن تيمية ضمن كلامك: "وعليّ(رضي الله عنه) تولّى الخلافة، ولم يكن تصرفه وانبساطه تصرف من قبله وانبساطهم"(منهاج السنة 6: 390)، وقولك هذا صحيح! والسبب في ذلك، دخول أكثر الخلق في طاعتهم، وعدم المنازع لهم في الأمر من أحد فيه ظاهرا، بخلاف عليّ عليه ‏السلام فإنّه خالف عليه خلق كثير ونازعه في ذلك جمّ غفير وخرجوا عليه وقاتلوه، والذين جاؤوا من بعد عليّ عليه ‏السلام من أبنائه من الأئمّة عليهم ‏السلام لم يدخل في طاعتهم من يتمكنون به من فعل جميع مقصود الإمامة والرئاسة، بل حصل لهم أضداد وأعداء يعيثون في الأرض بالفساد أكثر من الذين حصلوا لأبيهم وأقوى في البلاد. ففوات اللّطف الكامل التام إنّما كان من جهتهم، من حيث أنّهم استنكفوا عن طاعة الإمام، فالحجّة للّه‏ عليهم حيث أقام لهم من يجب به الإئتمام، فتركوه واعرضوا عنه واقتدوا بمن ليس هو بدل منه، ولا يجوز أن يكون هو الإمام الذي أوجبته العقول وشهدت به العادات في مواضي الأعوام والفصول. وقوله في الإمام المهدي(عجل الله فرجه): "وأمّا الغائب فلم يحصل به شيء، فإنّ المعترف بوجوده إذا عرف أنّه غائب من أكثر من أربعمائة وستين سنة، وأنّه خائف لا يمكنه الظهور، فضلاً عن إقامة الحدود..."(منهاج السنة 6: 390) إلى آخر ما قال. فجوابه: أنه قد صحّ وثبت أنّ مطلق الرئيس الإمام لطف، وأنّ نصب هذا الإمام وتعيينه إلى اللّه‏ والى رسوله صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله لا إلى الخلق، وأنّ اللّه‏ سبحانه ورسوله صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله قد نصّبا أحد عشر إماما مضوا قبل المنتظر عليه ‏السلام ونصّا عليهم، وقد كانوا ظاهرين معلومين مشهورين، ولم يطعهم أكثر الخلق ولم يلتطفوا بهم، بل أطاعوا أضدادهم وأعدائهم ومن لا يصلح للإمامة، فإذا أذن اللّه‏ ورسوله صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله للرئيس الثاني عشر عليه‏السلام بالاستتار بسبب استنكاف أكثر الأمّة على آبائه عليهم‏ السلام ثمّ عليه من بعدهم، فلا يلزم أن يكون لأتباع أولئك الذين استنكفوا عن طاعة الأحد عشر إمام الذين مضوا ونصبّهم اللّه‏ وعينهم للخلافة حجّة على اللّه‏ في استتار الثاني عشر عليه‏السلام، ولا في قولهم : "إنّا كنّا نلتطف به لو ظهر"، لأنّهم سبب استتاره (( وَلَو عَلِمَ اللّهُ فِيهِم خَيراً لَأسمَعَهُم وَلَو أَسمَعَهُم لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعرِضُونَ )) (الانفال(8):23). فالواجب عليهم أنّ يذعنوا ويدخلوا في طاعته ولو كان غائبا، ويعتقدوا إمامته ويعرفوا ويعتقدوا مثل ما اعتقدت وعرفت شيعته وشيعة آبائه الطاهرين. فإن قيل: وكيف يعرفون ذلك؟ جوابه: يعرفونه بالتفكر في الدلائل والبراهين الدالّة على ذلك بيقين. وهذا مصحّح أنّ نفس وجود الرئيس الإمام ونصبه وتعيينه لطف، وإن كان غائبا أو ظلّ الرئيس غير منبسط اليد ولا ظاهر الأمر ولا متمكن منه! وتمكنه من التصرف في الأمر ظاهرا منبسط اليد لطف آخر. ولا يلزم من فوات هذا اللطف الثاني فوات اللطف الأوّل، لأنّ الأوّل واجب في الحكمة، وأمّا الثاني فواجب على الأمّة، فيمكن فواته من جهتها، والأوّل لو فات لكان من اللّه‏ سبحانه، واللّه‏ سبحانه عدل حكيم، لا يفوّت ما توجبه الحكمة وتقتضيه، ولا ما تشهد به العقول والعادات وتستدعيه، ولا يخلّ به ولا يتركه بغير شكّ وتمويه. والمعترف بوجود هذا الرئيس الإمام ملتطف به حال غيبته كحال ظهوره، فإنّه يجوز أن يظهر في كلّ وقت ويفعل به ما يستحق من عقوبة، إن فعل ما يوجب ذلك مع قيام البيّنة عليه أو إقراره بذلك، ولا يأمن سلامته من العقوبة العاجلة إلاّ بالتوبة، أو بموته قبل ظهور الإمام، أو بعدم قيام البيّنة عليه وعدم إقراره، ولو ظهر عليه‏السلامويكون حاله حينئذ كحال من وجبت عليه العقوبة المعجلة في زمان محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آلهوفي عصره. أما أن الإمام الغائب (عجل الله فرجه): "لا يمكنه أن يأمر أحدا ولا ينهاه". فجوابه: أن دعاة الإمام عليه‏ السلام وعلماء شيعته يقومون مقامه في أمره ونهيه، فإنّ أمرهم أمره ونهيهم نهيه لإمكان وجوده عليه‏السلام، فلو علم عليه‏السلام أنّ أمرهم ليس بأمره وأنّ نهيهم ليس نهيه لما سكت على ذلك ولا أقره، ولما كانت تسعه تقية في ذلك، وذلك بخلاف عدمه بالكلّية، فإنّ المعدوم ليس له أمر ونهي قطعا، وكذلك الميت لا قول له ولا أمر ولا نهي، إلاّ أن يكون معصوما كنبيّ أو إمام في ما علم يقينا أنّه قوله وأمره ونهيه، لأنّ قول المعصوم حقّ وصواب حجّة حيّا كان أو ميتا. ودمتم في رعاية الله

1