السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انا اعاني من حديث نفس في سب الله سب فاحش و الانبياء و اثناء الصلاة تاتيني افكار قبيحة لا يمكنني التحكم في ما يدور بعقلي هل انا كفرت و خارج ملة الاسلام؟ وكيف اميز اذا كان حديث نفس او اني متعمدة لان بدأت بالشك بنفسي، بالاضافة; تذكرت اني عندما كنت صغيرة كنت اسب الله عمداً بدون سبب و اكتب السب بورقة هل خرجت من الاسلام كنت صغيرة ولا اعلم لماذا فعلت ذلك ارجو الاجابة بسرعة والله العظيم تعبت؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ابنتي العزيزة، عافاكم الله من تلاعب الوهم والشيطان في ذهنكم وإيمانكم، وصانكم بالعلم اليقيني والإيمان الراسخ الحق.
يا مؤمنة، حيرتكم فيما تتوهمون، وتشتتكم عن الصواب واليقين، سببه طاعتكم للشيطان حتى أختلط عليكم الأمر، فأشبهت عليكم محنتكم لباس الطاعة، حتى حارَ فكركم أنه كيف تعملون، هل تتركون ما تترددون فيه؟ كيف تتركونه ومخافة أن يكون من الدين، وكيف تلتزمونه وترون من وجدانكم وفطرتكم أنّه لم يمحض فيه اليقين حتى تكونوا مطمئنين له، وبقيت حيرتكم حتى انتصر عليكم الشيطان وأوصلكم إلى ترك عادات سامية وتقاليد طيبة وأفعال جيدة كنتم ملتزمين بها، وهو لم ينفك عنكم ولم يفارقكم حتى يوصلكم إلى أن تتركوا الدين نهائياً، لشدّة المعاناة التي أوقعتم أنفسكم فيها، والدوامة التي تدور في رأسكم ولم تهتدي إلى صوابها، وعند ذاك يظهر في قلبكم الضيق والتحسر والتأوه، والإنقباض، فتتهمون الدين في ذلك، وتظهر عليكم علامات التعب الجسدي والعناء والشقاء، والتحرّج من الناس، والانكماش على الذات والنفس، حتى يصل فيكم إلى اتهام غيركم، ومن يحيطون بكم، وقد تُتعبونهم في أمركم النفسي، فتمقتون وتُمقتون.
يا لبيبة العقل، هذا الدين متينٌ وعميق، ولا يكون الدخول فيه إلا برفق، ويراعى فيه التّدرج شيئاً فشيئاً، ويُلحظ فيه الوسع والقدر والطاقة، فلا يُحمل على النفس ما لا تُطيق، ولا يلبسها وظيفة غيرها ولم يُوجب عليها المولى الحق تعالى ما ألزمت به نفسها، حتى ورد (إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم. إن الدين أوسع من ذلك).
والوسوسة في أمر الخلق وشأن الخالق ما هو إلا نتاج الجهل المستحكم في النفس، والمعاصي والذنوب، ولعلّ أكل الحرام كاللحوم التي لا يُعلم تذكيتها أو ما شابهها أو الربا لها التأثير في ذلك، أو معاشرة أهل المعاصي والفتن والمنكرات والرافضين للدين وسماع كلامهم أوصلكم لهذه الحال والمستوى، ولعل غير ذلك أنتم أبصر بأنفسكم!!؟
ولعلّ سبب السب لله تعالى وللأنبياء عليهم السلام عدّة أمور، منها:
أولاً: الجهل الكبير بالله تعالى وبأنبيائه، والغفلة عن القداسة التي هي ثابتة لهم.
ثانياً: التأثير بأهل الباطل، والاستماع للذين لا علاقة لهم تربطهم بالله وبالدين، ومحاكاة كلامهم وأفعالهم.
ثالثاً: كثرة المعاصي والتهاون بالدين، سبب ظلمةً في النفس، حتى صرتم لا تبالون بالدين وبالالتزام، بل ترونه ثقيلاً عليكم.
رابعاً: لم تفعلوا الحب والعشق للذوات المقدسة، حتى يكونوا مهيمنين على قلبكم.
خامساً: الثقل الكبير الذي وضعتموه على قلبكم من حيث تصويركم المشوه للدين، فصرتم تنفرون من الالتزام، مع كونكم تعلمون بحقيقة الدين ووجوب الاعتقاد والإلتزام.
ولأجل ذلك هناك بعض النصائح مُعينة ومساعدة لمن أراد أن يتخلص من كثرة الوسوسة، وهي:
١- عليكم بتلقين النفس أنّ الدين طيّب وجميل لا تعقيد فيه، ولا يحمل بين طيّاته التشويه والتضليل والهوس والشك.
٢- حين توجهكم نحو العمل، أو القضية المعينة، أن تنظروا إليها أنها يسيرة غير معقدة، سهلة وبسيطة، وتصرفوا أذهانكم نحوها بهذا الشكل، مع صرفِ أذهانكم عن التشكيك والهوس والتعقيد وما شابه ذلك، يعني تنظروا إلى بساطة الأمر كبساطة من يشرب الماء البارد الزلال، من دون توتر وتعقيد وما شابه ذلك.
٣- أفضل منهج هو العمل بما تتعلمون أولاً بأول، ولا تطلبوا ما لا تعملوا به، وعليكم في مثل ذلك الرفق بأنفسكم، وتعاملوا مع المفردة الدينية، كما لو كنتم تتعاملون مع كأس الماء من السهولة والرقة.
٤- ليكن فكركم منصبّاً على أمرٍ واحدٍ لا غير، كأن مثلاً عندما تصلون تقدمون عليها بقلب طيّب غير شاكٍ في الأفعال وما شابه ذلك، وكذلك عندما تتعلمون القضية المعينة تنظرون إليها بحسن التصرّف والعمل بها دون التشنج فيها وما شابه ذلك.
٥-عليكم بقراءة قصص الأنبياء وأهل البيت عليهم السلام، والعلماء والصالحين وأولياء الله تعالى، فإنّ لسيرتهم تأثير كبير على النفس حتى تورث الاطمئنان والسكينة ومحاولة التخلّق بأخلاقهم، والتأثر بهم.
٦- ليكن لكم أسوة وقدوة حسنة تقتدون بها، وتهتدون بهديها، وتتعلمون منها.
٧- عليكم بقراءة روايات أهل البيت عليهم السلام.
٨- عليكم بالتوسل بأهل البيت عليهم السلام والدعاء الدائم والمستمر، والمناجاة لساحة المولى الحق للخلاص ممّا تعنون منه، ولقضاء الحوائج.
٩- ليكن لكم تطبيق وتجسيد عملي وفعلي في كلّ ما تتعلمونه من معارف وأخلاق وسلوك في صلاتكم، لأنّها محور كلّ شيء.
١٠- عليكم بالتخلص من الاسباب التي أوصلتكم لهذا الحال، وتعالجوا ما يمكن معالجته منها.
١١- عليكم بالاكثار من الاستغفار وقراءة التوحيد وسورة الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
١٢- عليكم بتلقين النفس والذهن بالمعارف العلمية اليقينية، حتى يرسخ الإيمان في نفوسكم وترزقون محبة الله تعالى.
١٣- عليكم بالتفكير بالنعم العظيمة والكثيرة، ولو نعمة واحدة لتجدوا كم الله تعالى يحبكم ويريدكم.
ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم