وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحباً بكم في تطبيقكم المجيب
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطّبرسي:
(والسابقون الأولون) أي: السابقون إلى الإيمان، وإلى الطاعات. وإنما مدحهم بالسبق لأن السابق إلى الشئ يتبعه غيره، فيكون متبوعا، وغيره تابع له، فهو إمام فيه، وداع له إلى الخير بسبقه إليه، وكذلك من سبق إلى الشر يكون أسوأ حالا لهذه لعلة (من المهاجرين) الذين هاجروا من مكة إلى المدينة، وإلى الحبشة .
(والأنصار) أي: ومن الأنصار الذين سبقوا نظراءهم من أهل المدينة إلى الاسلام، وجعل السبق للمهاجرين خاصة
(والذين اتبعوهم بإحسان) أي: بأفعال الخير، والدخول في الاسلام بعدهم، وسلوك منهاجهم، ويدخل في ذلك من يجئ بعدهم إلى يوم القيامة.
(رضي الله عنهم ورضوا عنه) أخبر سبحانه أنه رضي عنهم أفعالهم، ورضوا عن الله سبحانه، لما أجزل لهم من الثواب على طاعاتهم، وإيمانهم به، ويقينهم (وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا) أي: يبقون ببقاء الله منعمين (ذلك الفوز العظيم) أي: الفلاح العظيم الذي يصغر في جنبه كل نعيم.
وفي هذه الآية دلالة على فضل السابقين، ومزيتهم على غيرهم، لما لحقهم من أنواع المشقة في نصرة الدين، فمنها: مفارقة العشائر والأقربين، ومنها: مباينة المألوف من الدين، ومنها: نصرة الاسلام، وقلة العدد، وكثرة العدو، ومنها:
السبق إلى الإيمان، والدعاء إليه.
واختلف في أول من أسلم من المهاجرين، فقيل: ان أول من آمن خديجة بنت خويلد، ثم علي بن أبي طالب عليه السلام، وهو قول ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأنس، وزيد بن أرقم، ومجاهد، وقتادة، وابن إسحاق، وغيرهم. قال انس: بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين، وصلى علي عليه السلام، وأسلم يوم الثلاثاء. وقال مجاهد، وابن إسحاق: إنه أسلم وهو ابن عشر سنين، وكان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أخذه من أبي طالب، وضمه إلى نفسه يربيه في حجره، وكان معه حتى بعث نبيا.(١)
وذكر صاحب تفسير البرهان السيد البحراني:
قال عليّ بن إبراهيم:ثم ذكر السابقين،فقال: وَ السّٰابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهٰاجِرِينَ وَ الْأَنْصٰارِ ،و هم النقباء:أبو ذر،و المقداد،و سلمان،و عمار،و من آمن و صدق،و ثبت على ولاية أمير المؤمنين(عليه السلام).
وَ فِي(نَهْجِ الْبَيَانِ):عَنِ الصَّادِقِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)وَ مَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ،وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا،ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».(٢)
ودمتم في رعاية الله وحفظه.
_________________________
(١) (الطّبرسي،تفسير مجمع البيان،ج٥،ص١١١-١١٢).
(٢) (السيد البحراني،تفسير البرهان،ج٢،ص٨٣٣).