السلام عليكم
فترة المراهقة عملت ذنوباً وأخطاء كثيرة إلى درجة جعلت أهلي يتعبون مني.
بعدها رجعت إلى رشدي وألتزمت بصلاتي وتركت الأخطاء وتزوجت من شخص ملتزم والحمد لله.
الآن أشعر بالندم وتأنيب الضمير وألوم نفسي عما تقدم وتجاه أهلي بحيث أبكي يومياً، وأشعر بالتقصير تجاه والديَّ.
أرجو المساعدة والحل.
وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
ابنتي الكريمة، إنّ الندم شرط رئيس في التوبة وهو أول ما يبدأ به، ولهذا روي عن الرسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله): "النَّدَمُ تَوْبَةٌ".(الريشهري، ميزان الحكمة، ج١، ص٣٤١).
ومعنى (الندم) هو الحزن الذي يكون في القلب بسبب فعل المعصية، فإذا كان هذا الندم صادقاً فإنّكِ ستتركي المعصية، وتعزمي على عدم العودة إليها.
وهذا متحقق إن شاء اللّٰه تعالى، فعليكم الحفاظ عليه كي يمحو الله السيئات من سجل أعمالكم.
وعلى المذنب بعد الإقرار بالذنب، ورجاء المغفرة، أن يطلب العفو والغفران منه سبحانه.
روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) بهذا الصدد: "مَن استغفر الله بلسانه ولم يندم بقلبه، فقد استهزأ بنفسه". (المجلسي، بحار الأنوار، ج٧٥، ص٣٥٦).
وفي ذات الوقت يقول سبحانه في سورة البقرة: ﴿ ... المزیدإنّ الله يحّب التّوّابين... (٢٢٢)﴾.
ويقول تعالى في سورة الزمر: ﴿...لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذّنوب جميعاً (١٣)﴾.
ويقول (عزَّ وجلَّ) في سورة الزمر: ﴿قُلْ يَٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ (٥٣)﴾.
وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام): "إن الله تعالى أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضلّ راحلته وزاده في ليلةٍ ظلماء فوجدها فالله أشد فرحاً بتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدها" (اصول الكافي، ج٢، ص٤٣٥).
وعنه (عليه السلام): "التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمقيم على الذنب وهو مستغفر منه كالمستهزىء" (نفس المصدر السابق).
وعنه (عليه السلام) أيضاً: "الله أفرح بتوبة عبده من العقيم الوالد، ومن الضّال الواجد، ومن الظمآن الوارد" (سفينة البحار، ج١، ص١٣٧).
وروي عن الرسول الأكرم (صلى اللّٰه عليه وآله): "مثل المؤمن عند الله (عزَّ وجلَّ) كمثل ملك مقرب وأن المؤمن عند الله أعظم من ذلك، وليس شيء أحب الى الله من مؤمن تائب أو مؤمنة تائبة". (عيون أخبار الرضا، ج٢، ص٢٩).
أما ما يخص أهلكم من تسبيب الأذى لهم فيمكنكم طلب براءة الذمة من والديكم وأن يسامحوكم ويعفوا عنكم وتطلبوا رضاهما وتحسنوا لإخوتكم وتعوضيهم عما بدر منكم في الأيام الآتية، مع الدعاء لهم وصلتهم وتفقد أحوالهم.
ودمتم بحفظ اللّٰه ورعايته.