السلام عليكم ورحمة اللّٰه تعالى وبركاته
ما معنى محض الإيمان محضاً ومحض الكفر محضاً، فهل الإنسان المؤمن يعذب بالبرزخ أو لا؟ وهل كل من يعذب بالبرزخ يطهّر من الذنوب أقصد المؤمنين العصابة؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
في الوافي للفيض الكاشاني ج 25 ص 613 قال:
(( محض الإيمان )) أي أخلصه من شوائب الشرك بإكماله وإتقانه والاهتمام بشرائطه وأركانه والسعي في تربيته وتقويته طول عمره واستكشاف إسراره وتنميته أيام دهره فإن من هذا شأنه لا يموت إلا والإيمان أكبر همه والدين أجل شأنه فإذا سئل عنهما أجاب بالصواب فيفتح له إلى الجنة باب )٠ ويكون من محض الكفر محضاً على العكس تماماً من المؤمن
قال الشيخ المفيد في المسائل السرورية ص62: وقد ورد عن ائمة الهدى عليهم السلام انهم قالوا ليس يعذب في القبر كل ميت وانما يعذب من جملتهم من محض الكفر. ولا ينعم كل ماض لسبيله وانما ينعم من محض الايمان محضا فأما سوى هذين الصنفين فانه يلهى عنهم.
اما تطهير المؤمن فهو وارد في كثير من الروايات وغير مقتصر على البرزخ واليكم جملة من الروايات الشريفة، مع عدم الحاجة إلى تصحيح السند.
نعم لا ينبغي التجرّي على المعاصي لأجل هذه الروايات كما لا ينبغي التجرّي لأجل آيات التوبة والشفاعة ونحو ذلك، إذ لا ضمان أن يموت الإنسان على حبّ آل محمّد صلّى الله عليه وآله؛ فقد يسلب منه الولاية حين الوفاة لكثرة ذنوبه ومعاصيه.
۱- عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة ولّينا حساب شيعتنا، فمن كان مظلمته فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ حكمنا فيها فأجابنا، ومن كانت مظلمته بينه وفيما بين الناس استوهبناها فوهبت لنا، ومن كانت مظلمة فيما بينه وبيننا كنّا أحقّ من عفا وصفح. (۱)
۲- وعن الصادق عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة وكلنا الله بحساب شيعتنا فما كان لله سألنا الله أن يهبه لنا فهو لهم، وما كان للآدميّين سألنا الله أن يعوّضهم بدله فهو لهم، وما كان لنا فهو لهم، ثمّ قرأ: ( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم ). (۲)
۳- في الكافي عن عمرو بن يزيد قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: انّي سمعتك وأنت تقول: كلُّ شيعتنا في الجنّة على ما كان فيهم؟ قال صدّقتك كلّهم والله في الجنّة، قال: قلت: جعلت فداك إنَّ الذُّنوب كثيرة كبار؟ فقال: أمّا في القيامة فكلّكم في الجنّة بشفاعة النبيِّ المطاع أو وصيِّ النبيّ ولكنّي والله أتخوَّفُ عليكم في البرزخ. قلت: وما البرزخ؟ قال: القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة. (۳)
٤- في الحديث عن الصادق عليه السلام: إنَّ العبد إذا كثرت ذنوبه ولم يجد ما يكفّرها به، ابتلاه الله بالحزن في الدُّنيا، ليكفّرها به فان فعل ذلك به وإلّا أسقم بدنه ليكفّرها به، فان فعل ذلك به وإلّا شدَّد عليه عند موته ليكفّرها به، فان فعل ذلك به، وإلّا عذَّبه في قبره ليلقى الله عزَّ وجلَّ يوم يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من ذنوبه. (٤)
٥- عن الكناني قال: كنت أنا وزرارة عند أبي عبدالله عليه السلام فقال: لا تطعم النّار أحداً وصف هذا الأمر، فقال زرارة: إنَّ ممّن يصف هذا الأمر يعمل بالكبائر؟ فقال: أو ما تدري ما كان أبي يقول في ذلك؟ إنّه كان يقول: إذا أصاب المؤمن من تلك الموبقات شيئاً ابتلاه الله ببليّة في جسده أو بخوف يدخله الله عليه حتّى يخرج من الدُّنيا وقد خرج من ذنوبه. (٥)
٦- وفي كتاب زيد النرسي قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: الرجل من مواليكم يكون عارفاً، يشرب الخمر ويرتكب الموبق من الذنب نتبرّأ منه، فقال: تبرّؤوا من فعله ولا تبرّؤوا منه، أحبّوه وأبغضوا عمله ... المزید ـ إلى أن قال عليه السلام; وذلك أنّه لا يخرج من الدنيا حتّى يصفّى من الذنوب إمّا بمصيبة في مال، أو نفس، أو ولد، أو مرض، وأدنى ما يصفّى به وليّنا أن يريه الله رؤياً مهولة، فيُصبح حزيناً لما رأى، فيكون ذلك كفّارة له، أو خوفاً يرد عليه من أهل دولة الباطل، أو يشدّد عليه عند الموت، فيلقى الله طاهراً من ذنوب ... (٦)
وَدُمْتُمْ بِرِعايَةِ اللّٰهِ وحفظه.
_______________________
۱. بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : ۸ / الصفحة : ٤۰ / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : ۲.
۲. بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : ۸ / الصفحة : ٥۰ / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : ۲.
۳. الكافي « للكليني » / الصفحة : ۳ / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة ـ تهران / الطبعة : ۲.
٤. بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : ۷۸ / الصفحة : ۱۷۷ / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : ۲.
٥. بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : ٦٥ / الصفحة : ۱٤٦ / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : ۲.
٦. كتاب زيد النرسي « ضمن كتاب الأصول الستّة عشر » / الصفحة : ۲۰۰ ـ ۲۰۱ / الناشر : دار الحديث للطباعة والنشر.
بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : ٦٥ / الصفحة : ۱٤۷ ـ ۱٤۸ / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : ۲.