م / غانم - الكويت
منذ 4 سنوات

 ما ورد فيه من مصادر السنة

جاء في مقالة لأحد الكتّاب السنة ورغبة منّا في بيان بعض صفات الفاروق في أسفار أهل الكتاب نقول قد وردت نبوآت كثيرة ومتواترة في أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) جاءت تترى في كتب اليهود والنصارى ومن ذلك : يقول النبي زكريا وفي سفره (ابتهجي يا بنة صهيون ، أهتفي يا بنت أورشليم هو ذا ملكك يأتي إليك ، هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش بن آتان واقطع المركبة من افرايم والفرس من اورشليم وتقطع قوس الحرب ويتكلم بالسلام ـ أي الإسلام وهذا احد اسماءه كما قال الله : ادخلوا في السلم كافة ـ للأمم وسلطانه من البحر الى البحر ومن النهر الى أقاصي الأرض ) 9 : 9 ـ 10 الطبعة البروتستنتية ـ دار الكتاب المقدس . واورشليم هي القدس والملك الذي فتح القدس بالصلح والموادعة هو قطعا عمر وأبرز صفة فيه هي العدل ... وقد ركب عمر في طريقه الى بيت المقدس وهذا مصداق لقوله : ( يأتي اليك وراكب على جحش ابن آتان) وهو البرذون وقد حاول القس المسيحي وليم باركلي في كتابه تفسير العهد الجديد أن يزوّر هذه البشارة فيقول : (حاول بعض مفكري وعلماء الإسلام أن يثبتوا هذه البشارة على أحد خلفاءهم الذي أتوا بعد محمد والصحيح أن كلامهم باطل ، بل المبشر به هو الرب يسوع المسيح عندما يأتي في الدينونة يدين الناس بالحق والكلمة في آخر العالـم ) ص174 . وأقول أنا : أن كلامه في غاية الهذيان والبطلان .. لأن هذا الملك هو بشر وليس رب وإله !!! ثم إنه من زمن زكريا الى زمن عيسى الى ما بعدهم لم يأتي ملك عادل تدين له القدس بل كانت القدس تحت السيطرة الوثنية للرومان المحتلين بحكم الحديث والنار ، وأول فتح اسلامي للقدس هو في زمن الفاروق بل وهو الذي أتى بنفسه لفتحها بكل وداعة وعدل ... فليتأمل كل من ورم أنفه !!! ولو تأملت قليلا وركّزت ذهنك برهة لوجدت أن الصفات التي جاءت في حق الفاروق كالتالي : (1) عادل !!! (2) منصور وديع !!! (3) راكب على حمار !!! إنها ثلاثة صفات تدل على الفاروق خاصة في مسيره نحو بيت المقدس ، وتجد كل صفة منها مفصول بينها حرف : العطف (واو) ... والذي يلفت النظر بحق أننا لو رتبنا الحروف الأولى من هذه الصفات لوجدنا : عادل = ع منصور = م راكب حمار = ر فإن النتيجة تكون : عمر !!!!!! ومما يؤكد ذك أيضا ما جاء في سفر حبقوق قدامه (ذهب الوباء ، وعند رجليه خرجت الحمى ، وقف وقاس الأرض نظر فرجفت الأمم ودكت الجبال الدهرية وخسفت آكام القدم ، مسالك الأزل له ، رأيت خيام كوشان تحت رجليه وجفّت أرض مدين) 3 : 5 ـ 7 . وأنا أقول : من الذي ظهرت في طريقه الحمى ؟؟؟ ألم تسمعوا بطاعون عامواس !!! وكيف أنه ظهر في مقدم عمرالى القدس ومن الذي دكت الجبال الدهرية علىيديه (فارس والروم) ؟؟ من الذي صارت خيام كوشان (هي مصر كما جاء في قاموس الكتاب المقدس) تحت رجليه. انتهى كلام الكاتب السنّي . وبالتالي فإنه يستدل على صحة خلافة عمر بن الخطاب بما جاء في كتب أهل الكتاب، مثلما جاءت البشارات في رسول الله محمد عليه وآله أفضل الصلاة والسلام .. فنرجو منكم الرد على هذا الاستدلال .. ولو كان رداً مختصراً . ونرجو إرسال الجواب إلى البريد الالكتروني . وفقكم الله لمرضاته .


الأخ المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رداً على سؤالكم الذي طرحتموه نقدم بين يديكم هذه الاجابة المختصرة والمفيدة انشاء الله لكشف بعض جوانب ما كان غامضاً أو مشتبهاً حول السؤال الذي تفضلتم به … ونرى لزاماً علينا أن نذكّر بمسألة مهمة وهي : أن الانسان الباحث عن الحقيقة يجب قبل كل شيء أن يضع التعصب جانباً ، ويتبع الادلة التي يرتضيها الشرع والعقل للوصول الى الحقائق التي يهدف اليها … والله من وراء القصد .. الاجابة : أولاً : ـ نكتة مفيدةـ ان الكتاب القدس (العهد القديم) وكما هو معروف قد كتب باللغة العبرانية ، وهذا ما اتفق عليه معظم علماء الكتاب المقدس ، إذ انها كانت اللغة السائدة في ذلك الزمان ، ومن ثم ترجم الى اللغات الاخرى كاليونانية والانكليزية والعربية وغيرها … ومعظم النسخ الاصلية لهذا الكتاب مفقودة ، وأقدم نسخة التي وجدت تعود الى القرن الرابع قبل الميلاد ، وهي ناقصة إذ لا تحتوي الاّ على بعض الأسفار من العهد القديم ، وهذا احد أسباب الشك في نسبة هذا الكتاب كله الى الوحي الالهي .. ثانياً : فيما يخص سفر زكريا ، فان علماء الكتاب المقدس قسموا هذا السفر الى قسمين : الأول يبدء من الاصـحاح ( 1 ـ 8 ) ، واما القسم الثاني فانه يبدء من الاصحاح ( 9 ـ 14 ) . ومن يطالع هذا السفر يجد الاختلاف في الاسلوب بين القسمين، حتى شاعت بين العلماء نسبة هذا السفر الى كاتبين مختلفين ، وحاولوا بشتى الوسائل حل هذا الاختلاف لكي لا يفقد هذا السفر قيمته ، وبالتالي يؤدي الى التشكيك بصحة العهد القديم . ولكن للاختصار نترك البحث في هذه المسألة ، ونسلّم بأن كاتب السفر هو النبي زكريا (عليه السلام) . وأما النصوص : 1- أما قول الكاتب السني ((هو ذا ملكك يأتي اليك ))، فالمشهور أن الخليفة الثاني لم يكن ملكاً لأورشليم ولا لفلسطين ، بل كل مافي الامر انه قدم الى بيت المقدس سنة 15هـ أو 16 هـ (على اختلاف الروايات) لعقد الصلح مع أهلها ودفعهم للجزية ، ولم يلبث فيها الاّ أياماً معدودة ومن ثم عاد الى المدينة ، فهو لم يحكم اورشليم ولا استفاء اهلها بظل عدله !!! فهل ينطبق هذا على كون ملك أورشليم المنتظر الذي بشّر به النبي زكريا (عليه السلام) هو الخليفة الثاني ، والذي لم يمكث في بيت المقدس الاّ أياماً ؟! 2- وأما الصفات التي ذكرها الكاتب وحاول جاهداً الباسها للخليفة الثاني كي تنطبق عليه، ما جاء في سفر زكريا (عليه السلام) فهي غير صحيحة ، لأن الكاتب يقول عند ذكر صفة هذا الملك (( عادل ومنصور وديع … )) ويفسر (( منصور وديع )) أي الذي فتح القدس بالصلح والموادعة ، وهذا خلاف ما يفهم من النص ، فالوديع هنا صفة للملك وليست صفة للنصر ، ولأن المشهور ومعروف عن الخليفة الثاني بل تكاد تكون أبرز صفة فيه هي غلظته وشدته وقساوته ، وهذا ما تواترت به كتب التاريخ والحديث ، ولهذا فان الكاتب السني وهروباً من هذه الحقيقة جعل صفة ( وديع ) للنصر!! وهذا ما لا يرضاه أي باحث له المام بسيط باللغة العربية . وحتى ما فسره الكاتب بالفتح بوداعة ، فهو مردود أيضاً ، فان الصلح كان بعد معارك بين المسلمين وأهل ( ايليا ) ، فهذا الازدي يذكر أن أهل ايليا قاتلوا المسلمين ساعة ثم انهزموا ، ثم قاتلوهم ثم انهزموا الى داخل حصونهم ، بل يضيف الواقدي : ولم يزل أبو عبيدة ينازل أهل بيت المقدس أربعة أشهر كاملة وما من يوم الاّ ويقاتلهم قتالا شديداً . (فتوح الشام ج1 / ص218)، ومن بعد هذه المعارك جاء عمر وعقد الصلح ، فهل يعني ذلك أن فتح أورشليم كان عن وداعة !! 3- وأما قوله بان أبرز صفة فيه هي العدل ، ففي ذلك أيضاً شك ! فان الخليفة الثاني هو أول من أعطى العطايا على السابقة وفرّق بين المسلمين في العطاء ، ونعتقد أنه أول من أرسى النظام الطبقاتي في المجتمع الاسلامي! والذي كان نتيجة طبيعية لهذا التمايز في القرض والعطاء حتى وصل ذروته في زمن الخليفة الثالث الذي انتهج سيرة عمر . ولعل أحد الاسباب الغير ظاهرية لحرب الجمل في زمان أمير المؤمنين (عليه السلام) هي رفض أمير المؤمنين (عليه السلام) التفاضل في العطاء بين المسلمين للسابقة ، مما دفع بعض الصحابة الاوائل كطلحة والزبير الى اتخاذ مواقف سلبية من أمير المؤمنين (عليه السلام) واشعال نار الفتنة والحرب ضده . 4- وأما ماذكره الكاتب حول ركوب الخليفة الثاني للبرذون، فنقول : أولاً: لماذا لم يشر الكاتب الى أن هذا الملك الموعود يكون (( راكباً على حمار )) كما ذكر النص ؟ والجواب: لأن المؤرخين بلا استثناء ما ذكر أحداً منهم أن الخليفة الثاني ركب الحمار عند خروجه من المدينة الى بيت المقدس ، بل اختلفوا في انه امتطى فرساً أو ناقة ، ولهذا نرى الكاتب يغمض عينيه عند هذا المقطع . وثانياً: حتى ما ذكره حول ركوب الخليفة للبرذون غير مقبول، وذلك لأن الخليفة لم يركب البرذون الاّ للحظة واحدة فقط ، فهذا ابن كثير يقول : (( ثم سار عمر الى بيت المقدس من الجابية وقد توحّى فرسه فأتوه ببرذون فركبه فجعل يهملج به فنزل عنه وضرب وجهه وقال لاعلم الله من علمك هذا من الخيلاء )) (البداية والنهاية لابن كثير ج7 ص67) ، واضاف الواقدي (( قال عمر : احسبوا ، احسبوا ، ما كنت ارى الناس يركبون الشيطان قبل هذا ، فأتى بجمله فركبه )) (الواقدي في فتوحه ج1 / ص224 ).وقال الطبري: (( ثم دعا بفرسه وسار حتى انتهى الى بيت المقدس )) (تاريخ الطبري ج2 ص450 ). ويضيف بانه لم يركب برذوناً قبله ولا بعده .. فليت شعري هل يعقل أن يتنبئ النبي زكريا (عليه السلام) بملك أورشليم العظيم والمنتظر بصفة كانت له للحظة واحدة وهي ركوبه للبرذن؟!! 5- وأما رده على القس المسيحي، فذلك أيضاً فيه نظر ، وذلك لأن النبي زكريا (عليه السلام) عندما ذكر نبؤته كان يعلم أن المسيح (عليه السلام) ليس رباً ولا الهاً ، بل هذا من تحريفات النصارى الذين ألبسوا المسيح (عليه السلام) ثوب الالوهية زوراً وبهتانا . 6- وأما ترتيبه للحروف بهذا الشكل ، فلو تأمل أيضاً قليلاً ورتب الحروف من الحرف الاخير (الرابع) لكانت النتيجة : ب ـ و ـ ل = مادة نجسة !!! وأما ماذكره عن سفر حبقوق فالامر أغرب !! فقد تكلّف الكاتب السني كثيراً واكتفى بنقل مقتطفات من النص وليته لم يفعل ، وهنا سنبيّن النص كاملاً ولنرى هل ينطبق على الخليفة الثاني أم لا ؟! (( الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران . سلاه . جلاله غطى السموات ، والارض امتلأت من تسبيحه . وكان لمعانٌ كالنور . له من يده شعاع وهناك استتار قدرته . قدامه ذهب الوباء ، وعند رجليه خرجت الحمى…)) فالضمير في (قدامه) يعود الى القدوس الآتي من جبل فاران ، ولا ندري كيف لم يلتفت الى هذه المسألة البديهية الكاتب السني ، فهو يصف القدوس بأن (( جلاله غطى السموات ، و… )) فهل تنطبق هذه الصفات على الخليفة الثاني ؟! يا حبذا لو يبين الكاتب السني ذلك لنستضيء بعلمه … وختاماً نقول: ان الذي يؤذي ويغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يستحق أن يكون خليفة للمسلمين ، والخليفة الاول والثاني قد أغضبا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك كما نقل عن صحيح البخاري (( أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال عن فاطمة (عليها السلام): انما هي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما أذاها) )) (صحيح البخاري : ج7 ص72 باب (110) ذب الرجل عن ابنته) .. وأيضاً هجرها لأبي بكر وانها لم تكلمه حتى موتها (أنظر ج8 ص551 باب 883 قول النبي (صلى الله عليه وآله): (لا نورث ما تركناه صدقة)) . والمعروف والمشهور أن فاطمة (عليها السلام) خرجت من الدنيا وهي غاضبة على أبي بكر وعمر ، وأمرت أمير المؤمنين (عليه السلام) أن لا يسمح لأبي بكر وعمر حضور تشييع جنازتها، ولهذا فقد دفنت ليلاً … ودمتم في رعاية الله