عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحباً بكم في تطبيقكم المجيب
(وما يتبع أكثرهم إلا ظنا) أي: ليس يتبع أكثر هؤلاء الكفار إلا ظنا، الظن الذي لا يجدي شيئا من تقليد آبائهم ورؤسائهم _في عبادة الأصنام والشرك بالله تعالى_، (إن الظن لا يغني من الحق شيئا)؛ لأنّ الحق إنما ينتفع به من علمه حقا، وعرفه معرفة صحيحة، والظن يكون فيه تجويز أن يكون المظنون على خلاف ما ظن، فلا يكون مثل العلم (إن الله عليم بما يفعلون) من عبادة غير الله تعالى، فيجازيهم عليه، وفيه ضرب من التهديد(١).
(وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ): فيما يعتقدون.
(إِلَّا ظَنًّا): مستند إلى خيالات فارغة وأقيسة فاسدة، كقياس الغائب على الشّاهد، والخالق على المخلوق بأدنى مشاركة موهومة، والمراد بالأكثر: الجميع، أو من ينتمي إلى تمييز ونظر، ولا يرضى بالتّقليد.
(إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِ): من العلم والاعتقاد الحقّ.
(شَيْئاً): من الإغناء، ويجوز أن يكون مفعولا به و«من الحقّ» حالا منه.
قيل: وفيه دليل على أنّ تحصيل العلم في الأصول واجب، والاكتفاء بالتّقليد والظّنّ غير جائز.
وأقول: في الآية دلالة على النّهي عن اتّباع الظّنّ مطلقا، وذمّ تقليد من لا يحصل بقوله غير الظنّ.
(إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ): وعيد على اتّباعهم للظنّ وإعراضهم عن البرهان(٢).
__________________________
(١)_ (يُنظر مجمع البيان، ج٥، ص١٨٨).
(٢)_ (كنز الدقائق، ج٦، ص٥٧، ص٥٨).
وفقكم الله لكل خير