logo-img
السیاسات و الشروط
( 14 سنة ) - العراق
منذ سنة

تناول الطعام بدون جوع: هل هذا يعتبر اسراف؟

أحياناً أشتهي أكلات وأشتريها وآكلها وأنا لست جائع هل هذا إسراف وهل علي إثم؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته هذا يعبر عنه بالنهم، وهو من الأمور المبغوضة إخلاقياً، وصحياً، و وجه أهل البيت ( عليهم السلام )، و من قبلهم خط الأنبياء و الرسل في التاريخ وجهوا أتباعهم إلى قلة الأكل و الاجتناب عن البطنة و الشبع، لا من الحرام فذاك محرم قليله و كثيره، بل من الحلال المباح، و كانوا هم السباقين، في التطبيق، لا من باب التحريم الشرعي، بل لما تخلفه قلة الأكل من آثار على شخصية الإنسان من صحية و نفسية، و عبادية، مما اصطلح عليه في الأحاديث بميراث الجوع و ميراث الشبع و البطنة. 1 ـ قلة الفاعلية و الكسل عن الطاعة: يؤدي الإكثار من الطعام و الشراب إلى الثقل و التكاسل عن أداء المسؤوليات و الطاعات، و نستطيع أن نجد هذا بوضوح في سيرة الناس في المجتمع، فذلك الشخص الذي يتناول طعامه بتوسط، أو يقلل من أكله يبقى على حالة عالية من النشاط و الحركة، عكس ذلك الذي يأكل فوق شبعه، فيشعر بالنعاس عادة و يحل عليه الخمول. ففي الحديث المروي عن المسيح ( عليه السلام ): ( يا بني إسرائيل لا تكثروا الأكل فانه من أكثر الأكل أكثر النوم و من أكثر النوم اقل الصلاة و من اقل الصلاة كتب من الغافلين ). و عن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ): إياكم و فضول المطعم فإنّه يسم القلب بالفضلة و يبطئ بالجوارح عن الطاعة و يصم الهمم عن سماع الموعظة. و عن الإمام الصادق ( عليه السلام ): ( في حديث جرى بين يحيى ( عليه السلام ) و إبليس ) : فقال له يحيى ؟! ما هذه المعاليق فقال إبليس: هذه الشهوات التي أصيب بها ابن آدم، فقال: هل لي منها شيء؟! فقال: ربما شبعت فشغلناك عن الصلاة و الذكر. قال: فإن لله علي أن لا أملأ بطني من طعام أبدأ. و قال إبليس: لله علي أن لا أنصح مسلما أبداً. ثم قال أبو عبد الله ( عليه السلام ): لله على جعفر و آل جعفر أن لا يملؤوا بطونهم من طعام أبدا ولله على جعفر و آل جعفر أن لا يعملوا للدنيا أبداً. 2 ـ سوء الصحة و سقم البدن: ينصح الأطباء ـ دائما ـ للمحافظة على تعادل الجسم و بقاء الصحة، بالاعتدال في تناول الأطعمة، و القيام عن الطعام مع وجود الرغبة إليه و اشتهائه، ذلك أن أعضاء هذا الجسم قدرة محدودة في استيعاب الأطعمة الواردة إليه، فالمعدة لها قدرة محدودة، و الدم له قدرة محدودة على الاستفادة من فوائد الاغذية المهضومة. و يتصور البعض ـ خطأ ـ انه كلما زاد أكله، فإن بدنه يزداد قوة !! و ربما يستدل على ذلك بأنّ وزنه قد كسر المعدل الاعتيادي والميزان أحياناً بينما يجهل أنه يختزن في جسمه قنابل سمية و شحمية، تتفجر تدريجيا بعد الأربعين في صورة زيادة ضغط الدم، و الكوليسترول، و سائر الإمراض الأخرى التي تسمى ( أمراض المدنية ). و قد يكون الأمر مثيرا للتعجب أننا نجد الفقراء و متوسطي الحال ـ عادة لا يمرضون لا بمقدار أمراض المترفين و لا بنوعية أمراضهم ، ذلك انه ( لا يجتمع الصحة و النهم ) . و قد أشارت الأحاديث إلى هذا الجانب: فعن أبي الحسن ( الكاظم ) ( عليه السلام )، لو أن الناس قصدوا في الطعام لاعتدلت ابدأنهم . و حذرت من إدمان الشبع و البطنة لأنها لجلب الأسقام: فعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ): إياك و إدمان الشبع فانه يهيج الأسقام و يثير العلل، وإياك و البطنة فمن لزمها كثرت أسقامه. و عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) موضحا أن زيادة الطعام لا تنفع لعدم استيعاب الجسم لها: من اخذ من الطعام زيادة لم يغذه ومن أخذه بقدر لا زيادة فيه و لا نقص في غذائه نفعه و كذلك الماء فسبيله ان تأخذ من الطعام كفايتك و ارفع يديك منه و لك إليه بعض القرم ( الشوق ) و عندك اليه ميل فإنه أصلح لمعدتك و بدنك و أزكى لعقلك و اخف لجسمك . و لنقرأ ما يقوله الطب في هذا المجال : مضار الإسراف بنوع من الأطعمة 1 ـ السمنة: و هو المرض الخطير الذي نجده غالبا في أبناء الطبقات الغنية و عند أصحاب الوظائف الكسولة، و يحصل نتيجة الإكثار من الطعام، و خاصة السكاكر و الدهون و بشكل خاص عند الإفراد الذين لديهم استعداد إرثي . و السمنة في الواقع مرضق بشع يحدد من إمكانات الفرد و نشاطاته بشكل كبير، كما يؤهب أو يشارك بعض الأمراض الخطيرة ، كاحتشاء العضلة القلبية، و خناق الصدر ، و الداء السكري، و فرط توتر الدم و تصلب الشرايين و كل هذه الأمراض هي اليوم شديدة الشيوع في المجتمعات التي مالت إلى رفاهية الطعام و الشراب. 2 ـ نخر الأسنان: و هو أيضا من الأمراض الشائعة بسبب الإكثار من تناول السكاكر الاصطناعية خاصة التي تسمح بتخمرها للعصيات اللبنية بالنمو في جوف الفم . 3 ـ الحصيات الكلوية: و هي اكثر حدوثا ـ عند الذين يعتمدون بشكل رئيسي على تناول اللحوم و الحليب و الجبن. 4 ـ تصلب الشرايين و هو داء خطير يشاهد بشكل ملحوظ عند الذين يتناولون كميات كبيرة من الدسم، حيث يصابون بفرط تدسم الدم. 5 ـ النقرس " داء الملوك: و هو ألم مفصلي يأتي بشكل هجمات عنيفة و خاصة في مفاصل القدم و الإبهام . و يشاهد أكثر عند اللذين يتناولون كميات كبيرة من اللحوم . و يرى الدكتور صبري القباني: أن ضعف الجسم و وهنه لا يأتيان ـ فقط ـ من قلة التغذية ، بل قد يتسبب الإفراط بالتغذية في النتيجة نفسها ، و كثير من الإمراض التي تدهم الإنسان على غير توقع و كثير من الليالي التي يقضيها مؤرقا أو تحت ضغط كابوس مخيف ، و كثير من الظواهر المرضية الدالة على اختلال توازن المعادن في الجسم ، كثير من هذا كله يكون مرده إلى الإفراط في التغذية. ودمتم بحفظ الله ورعايته

4