الأخ ميخائيل المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال النجاشي: سهل بن زياد أبو سعيد الأدمي الرازي كان ضعيفاً في الحديث غير معتمد فيه وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب وأخرجه من قم إلى الري وكان يسكنها، وفي الفهرست: سهل بن زياد الأدمي الرازي ضعيف وفي رجال ابن الغضائري سهيل بن زياد كان ضعيفاً جداً فاسداً الرواية والدين.
وكان أحمد بن محمد أخرجه من قم وأظهر البراءة منه، ونهى الناس عن السماع منه والرواية عنه ويروي المراسيل ويعتمد المجاهيل.
وقال في (الفوائد الرجالية ج3ص126): والأصح توثيقه، وفاقا لجماعة من المحققين، لنص الشيخ على ذلك في (كتاب الرجال) ولاعتماد أجلاء أصحاب الحديث - والكليني وغيرهم - عليه، وإكثارهم الرواية عنه، مضافا إلى كثرة رواياته في الأصول والفروع، وسلامتها من وجوه الطعن والضعف، خصوصا عما غمز به من الارتفاع والتخليط، فإنها خالية عنهما.
وهي أعدل شاهد على براءته عما قيل فيه، مع أن الأصل في تضعيفه - كما يظهر من كلام القوم - : هو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، وحال القميين - سيما ابن عيسى - في التسرع إلى الطعن والقدح والاخراج من (قم) بالتهمة والريبة، ظاهر لمن راجع الرجال.
ولو كان الامر فيه على ما بالغوا به من الضعف والغلو والكذب، لورد عن الأئمة - عليهم السلام - ذمه وقدحه والنهي عن الاخذ عنه والرجوع إليه، كما ورد في غيره من الضعفاء المشهورين بالضعف، فإنه كان في عصر الجواد والهادي والعسكري - عليهم السلام - وروى عنهم، ولم نجد له في الاخبار طعنا، ولا نقل ذلك أحد من علماء الرجال، ولولا أنه بمكان من العدالة والتوثيق، لما سلم من ذلك ثم اعلم، ان الرواية من جهته صحيحة، وإن قلنا بأنه ليس بثقة لكونه من مشايخ الإجازة، لوقوعه في طبقتهم، فلا يقدح في صحة السند كغيره من المشائخ الذين لم يوثقوا في كتب الرجال، وتعد أخبارهم - مع ذلك - صحيحة مثل محمد بن إسماعيل البندقي وأحمد بن محمد بن يحيى العطار..
وقد ذكره الشيخ في (رجاله) تارة في باب أصحاب الجواد عليه السلام (ص 401، برقم 1) ولم يتعرض لتوثيقه أو تضعيفه، وتارة - في باب أصحاب الهادي - عليه السلام - (ص 416، برقم 4) وقال ( ... المزید ثقة...) وثالثة - في أصحاب العسكري - عليه السلام - (ص 431، برقم 2) ولم يتعرض لتوثيقه أو تضعيفه، وحيث أن كتاب رجال الشيخ ألفه بعد كتاب الفهرست، فيكون توثيقه مقدما على تضعيفه وعدولا عنه لأنه تبين له عند تصنيف الرجال ما لم يكن متبينا له عند تصنيف الفهرست، فلاحظ ذلك.
والصدوقان : هما محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه، ووالده علي ابن الحسين بن موسى بن بابويه، والكليني : هو محمد بن يعقوب، فان سهل بن زياد - هذا - شيخه ويروي عنه في موارد عديدة من الكافي بلا واسطة، ويظهر من الصدوق في (من لا يحضره الفقيه) ومن الشيخ الطوسي - رحمهما الله - في (كتابي الاخبار) أن كتب سهل بن زياد معتمد عليها ولم يطعن فيها، وذكر الوحيد البهبهاني - رحمه الله - في تعليقته على رجال الميرزا محمد الاسترآبادي منهج المقال - عند ترجمة سهل بن زياد - ما هذا نصه : (سهل بن زياد اشتهر الآن ضعفه ولا يخلو من نظر لتوثيق الشيخ، وكونه كثير الرواية جدا، ولان رواياته سديدة مقبولة مفتى بها، ولرواية جماعة من الأصحاب عنه كما هو المشاهد، وصرح به هنا النجاشي، بل ورواية أجلائهم عنه، بل وإكثارهم من الرواية عنه، منهم عدة من أصحاب الكليني، والكليني - مع نهاية احتياطه في أخذ الرواية واحترازه من المتهمين كما هو ظاهر مشهور - اكثاره من الرواية عنه سيما في (كافيه) الذي قال في صدره ما قال (فتأمل) وبالجملة إمارات الوثاقة والاعتماد والقوة التي مرت الإشارة إليها مجتمعة فيه كثيرة، مع أنا لم نجد من أحد من المشائخ القدماء تأمل في حديثه بسببه، حتى أن الشيخ - رحمه الله - مع أنه كثيرا ما تأمل في أحاديث جماعة بسببهم - لم يتفق في كتبه مرة ذلك بالنسبة إليه، بل وفى خصوص الحديث الذي هو واقع في سنده ربما يطعن، بل ويتكلف في الطعن من غير جهة ولا يتأمل فيه أصلا (فتأمل) وإن أحمد بن محمد بن عيسى أخرج جماعة من قم لروايتهم عن الضعفاء وإيرادهم المراسيل في كتبهم وكان اجتهادا منه، ولكن كان رئيس (قم) والناس مع المشهورين إلا من عصمه الله) إلى آخر ما ذكره في التعليقة من أسباب التوثيق، فراجعه.
وقال المجلسي الأول في (الوجيزة)، الملحقة برجال العلامة الخلاصة طبع إيران : (سهل بن زياد ضعيف، وعندي لا يضر ضعفه لكونه من مشائخ الإجازة) وبعض علماء دراية الحديث يجعله من أسباب وثوق الرجل والاعتماد عليه، وحكي عن المحقق الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي الأوالي البحراني المتوفى سنة 1121 ه، أنه قال في كتابه المعراج : (ان التعديل بهذه الجهة طريقة كثير من المتأخرين). وقال السيد الخوئي في (ج9 ص358):
ـ ثم إن سهل بن زياد وقع الكلام في وثاقته وعدمها، فذهب بعضهم إلى وثاقته ومال إلى ذلك الوحيد - قدس سره - واستشهد عليه بوجوه ضعيفة سماها امارات التوثيق، منها : أن سهل بن زياد كثير الرواية، ومنها رواية الاجلاء عنه،، ومنها : كونه شيخ إجازة، ومنها : غير ذلك.
وهذه الوجوه غير تامة في نفسها، وعلى تقدير تسليمها فكيف يمكن الاعتماد عليها مع شهادة أحمد بن محمد بن عيسى عليه بالغلو والكذب، وشهادة ابن الوليد وابن بابويه وابن نوح بضعفه، واستثنائهم روايات محمد بن أحمد بن يحيى عنه فيما استثنوه من رجال نوادر الحكمة، وشهادة الشيخ بأنه ضعيف، وشهادة النجاشي بأنه ضعيف في الحديث غير معتمد عليه فيه، بل الظاهر من كلام الشيخ في الاستبصار أن ضعفه كان متسالما عليه عند نقاد الاخبار، فلم يبق إلا شهادة الشيخ في رجاله بأنه ثقة ووقوعه في إسناد تفسير علي بن إبراهيم، ومن الظاهر أنه لا يمكن الاعتماد عليهما في قبال ما عرفت، بل المظنون قويا وقوع السهو في قلم الشيخ أو أن التوثيق من زيادة النساخ.
ويدل على الثاني خلو نسخة ابن داود من التوثيق، وقد صرح في غير موضع بأنه رأى نسخة الرجال بخط الشيخ - قدس سره -، والوجه في ذلك أنه كيف يمكن أن يوثقه الشيخ مع قوله : إن أبا سعيد الآدمي ضعيف جدا عند نقاد الاخبار.
وكيف كان فسهل بن زياد الآدمي ضعيف جزما أو أنه لم تثبت وثاقته.
بقي هنا أمور : الأول : قال العلامة في ترجمة سهل بن زياد من الباب (7) من فصل السين، من القسم الثاني - : (اختلف قول الشيخ الطوسي - قدس سره - فيه فقال في موضع إنه ثقة، وقال في عدة مواضع : إنه ضعيف).
أقول : لم نظفر على قول الشيخ في تضعيفه إلا في موردين، وقد تقدما، ولعله - قدس الله نفسه - قد ظفر بما لم نظفر به.
الاول : أن بعض من حاول توثيق سهل بن زياد ذكر في جملة ما ذكر أن تضعيف الشيخ لا يعارض توثيقه، فإن كتاب الرجال متأخر عن كتاب الفهرست، فيكون توثيقه عدولا عن تضعيفه.
وهذا الكلام مخدوش من وجوه : الأول : أن هذا إنما يتم في الفتوى دون الحكاية والاخبار، فإن العبرة فيها بزمان المحكي عنه دون زمان الحكاية، فبين الحكايتين معارضة لا محالة.
الثاني : أن تضعيف الشيخ في الفهرست وإن كان متقدما على توثيقه، إلا أن تضعيفه في الاستبصار غير متقدم عليه.
الثالث : أن توثيق الشيخ معارض بما ذكرناه من التضعيفات ولا سيما شهادة أحمد بن محمد بن عيسى بكذبه.
الثالث (من الأمور) : قد تقدم من الفهرست : أن راوي كتاب سهل بن زياد : أحمد بن أبي عبد الله، واستشكل في ذلك بعض المعاصرين وقال : الظاهر كونه سهوا، فإن سهلا في عداد أحمد بن أبي عبد الله البرقي كأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، يروي الكليني عن كل منهم بتوسط عدة، وعدته عن سهل : علي بن محمد بن علان، ومحمد بن أبي عبد الله، ومحمد بن الحسن، ومحمد بن العقيل الكليني، وقد صرح الشيخ في آخر تهذيبه بأن طريقه إلى سهل : طريق الكليني، والظاهر أن (ست) اشتبه عليه هذا بسهيل بن زياد الآتي، فإن طريقه ما قال (إنتهى).
أقول : ما ذكره في بيان المراد من العدة، هو ما ذكره العلامة - قدس سره -، وقد استظهرنا أن محمد بن يحيى داخل في العدة في جميع الموارد، وذكرنا ذلك في المقدمة، ثم إن كون طريق الشيخ في المشيخة هو طريق الكليني لا ينافي ما ذكره في الفهرست فإنه - قدس سره - قد صرح في غير موضع أن له طرقا ويذكر في المشيخة بعضها.
وطريق الشيخ إليه صحيح وإن كان فيه ابن أبي جيد، فإنه ثقة.
ودمتم في رعاية الله