تفسير الآية الكريمة التي تحث على عدم السرف في الأكل والشرب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}}، ما ((السرف)) المقصود بالاية الكريمة؟ هل السرف المقصود التبذير أم لا يجوز الأكل و الشرب بكثرة؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحباً بكم في تطبيقكم المجيب
ذكر الشيخ الطّبرسي في تفسير مجمع البيان ما نصه:
(وكلوا واشربوا) صورته صورة الأمر، والمراد الإباحة، وهو عام في جميع المباحات (ولا تسرفوا) أي: لا تتجاوزوا الحلال إلى الحرام قال مجاهد: (لو أنفقت مثل أحد في طاعة الله، لم تكن مسرفا، ولو أنفقت درهما، أو مدا، في معصية الله، لكان إسرافا).
وقيل: معناه لا تخرجوا عن حد الاستواء في زيادة المقدار. وقد حكي أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق، فقال ذات يوم لعلي بن الحسين بن واقد: ليس
في كتابكم من علم الطب شئ، والعلم علمان: علم الأديان، وعلم الأبدان! فقال له علي: قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابه، وهو قوله (كلوا واشربوا ولا تسرفوا)، وجمع نبينا صلى الله عليه وآله وسلم الطب في قوله: (المعدة بيت الداء، والحمية رأس كل دواء، واعط كل بدن ما عودته). فقال الطبيب: ما ترك كتابكم، ولا نبيكم لجالينوس طبا.
وقيل: معناه لا تأكلوا محرما، ولا باطلا على وجه لا يحل، وأكل الحرام وإن قل إسراف ومجاوزة للحد، وما استقبحه العقلاء وعاد بالضرر عليكم، فهو أيضا إسراف لا يحل، كمن يطبخ القدر بماء الورد، ويطرح فيها المسك، وكمن لا يملك الا دينار، فاشترى به طيبا، فتطيب به، وترك عياله محتاجين.
(إنه لا يحب المسرفين) أي: يبغضهم، لأنه سبحانه قد ذمهم به، ولو كان بمعنى لا يحبهم، ولا يبغضهم، لم يكن ذما ولا مدحاً.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.
----------
( الطّبرسي، مجمع البيان، ج4، ص244-245).