علا مازن - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 المحبة في الله

أولاً: ماذا كان يفعل رسول الله ص في الغار وقبل نزول الوحي؟ الذي اعرفه انه ص كان يتأمل في الخلق والكون وصنعه البديع. لكن أي تأمل هذا الذي قد هيئ له ان يكون نبيا. ثانياً: يقوم بعض الناس وانا منهم بالتأمل الذي يشبه اليوغا بعض الشيء ( وهو ليس سوى اغلاق العينين والجلوس بلا حراك وافراغ العقل من الافكار تماما ومراقبة الانفاس) واعيش والراحة النفسية بعده واشعر بالوعي الرائع (وعي لا مثيل له ولا يوصف) والهدوء التام والعودة الى الصفات الانسانية التي ابتعدنا عنها، ويستمر هذا التأثير الرائع للتأمل لمدة لاتتجاوز نصف ساعة ثم يزول، لكن أيعقل ان هذا هو التامل الذي كان يمارسه رسول الله ص ؟ وهل هذا التأمل الذي امارسه يمت بصلة لديننا الحنيف. ثالثاً: جواب سؤالي لو يتواجد في كتاب ما.. فارجوكم ان تخبروني بإسمه تحننا منكم ولطفا وفضلا . فانا متعطشة لمعرفة هذا تعطشا كبيرا وليس لي سواكم لأسئله ومعاليكم فوق ما ارجو واكثر مما اتمنى واطلب. دام لكم ولنا ظل سماحة السيد السيستاني روحي فداه.


الأخت علا المحترمة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما تفعلينه هو التفكر فان الجلوس في مكان خال من المشوشات يتيح للانسان ان يجول بفكرة هنا وهناك وليس من الصحيح ان تقولي انني افرغ العقل تماما من الافكار فالخواطر الذهنية لابد ان ترد على الانسان في مثل تلك الحالة نعم ربما انت لا تفكرين بامر مهم بل تفكرين في هذه الحالة التي تفعلينها وعلماء الاخلاق يعتبرون التفكر من الاعمال والصفات الحسنة ففي جامع السعادات للملا محمد مهدي النراقي ج 1 ص 159 : الخاطر المحمود والتفكر قد عرفت أن ضد الوسوسة الخاطر المحمود المستحسن شرعا وعقلا، لأن القلب إذا كان مشغولا بشئ لا يمكن أن يشغله شئ آخر، فإذا كان مشغولا بشئ من الخواطر المحمودة لا سبيل للخواطر المذمومة إليه، وربما كان للغفلة التي هي ضد النية تقابل لكل من الوسوسة والخاطر المحمود، إذ عند الغفلة لا يتحقق شئ منهما، إلا أن خلو القلب عن كل نية وخاطر بحيث يكون ساذجا في غاية الندرة، على أن الظاهر أن مرادهم من الغفلة خلو الذهن من القصد الباعث وإن كان مشغولا بالوساوس الباطلة، كما يأتي تحقيقه . ثم الخاطر المحمود إن كان قصدا ونية لفعل جميل معين كان متعلقا بالقوة التي يتعلق هذا الفعل بها، وإلا كان راجعا إما إلى الذكر القلبي أو إلى التدبر في العلوم والمعارف والتفكر في عجائب صنع الله وغرائب عظمته، أو إلى التدبر الإجمالي الكلي فيما يقرب العبد إلى الله سبحانه أو ما يبعده عنه تعالى، وليس وراء ذلك خاطر محمود متعلق بالدين أو غير ذلك من الخواطر المذمومة المتعلقة بالدنيا . وإذا عرفت ذلك فاعلم أنه من معالجات مرض الوسواس معرفة شرافة ضده الذي هو الخاطر المحمود، ليبعثه على المواظبة عليه الموجبة لدفع الوساوس . وفضيلة الخواطر المحمودة الباعثة عن الأفعال الجميلة يأتي ذكرها في باب النية، وربما يعلم من بيان فضيلة نفس هذه الأفعال أيضا كما يأتي ذكرها في باب النية، وفضيلة الذكر القلبي يعلم في باب مطلق الذكر . أما بيان شرافة التفكر وبعض مجاريه من أفعال الله تعالى والإشارة إلى كيفية التفكر فيها وفيما يقرب العبد إلى الله تعالى وفيما يبعده عنه، فلنشر إلى مجمل منه هنا لتعلقه بالقوة النظرية، فنقول : التفكر : هو سير الباطن من المبادئ إلى المقاصد، والمبادئ : هي آيات الآفاق والأنفس، والمقصد : هو الوصول إلى معرفة موجدها ومبدعها والعلم بقدرته القاهرة وعظمته الباهرة، ولا يمكن لأحد أن يترقى من حضيض النقصان إلى أوج الكمال إلا بهذا السير، وهو مفتاح الأسرار ومشكاة الأنوار، ومنشأة الاعتبار ومبدأ الاستبصار، وشبكة المعارف الحقيقية ومصيدة الحقائق اليقينية، وهو أجنحة النفس للطيران إلى وكرها القدسي، ومطية الروح للمسافرة إلى وطنها الأصلي، وبه تنكشف ظلمة الجهل وأستاره وتنجلي أنوار العلم وأسراره، ولذا ورد عليه الحث والمدح في الآيات والأخبار كقوله سبحانه : أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق . وقوله تعالى : (( أَوَلَم يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيءٍ )) (الأعراف:185). وقوله تعالى : (( فَاعتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبصَارِ )) (الحشر:2). وقوله تعالى : (( قُل سِيرُوا فِي الأَرضِ فَانظُرُوا كَيفَ بَدَأَ الخَلقَ )) (العنكبوت:20) . وقوله تعالى : (( إِنَّ فِي خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَاختِلَافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلبَابِ )) (آل عمران:190). وقوله تعالى : (( وَفِي الأَرضِ آيَاتٌ لِلمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُم أَفَلَا تُبصِرُونَ  )) (الذاريات:20-21). وقوله تعالى : (( الَّذِينَ يَذكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِم وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ )) (آل عمران:191). وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (( التفكر حياة قلب البصير ))، وقوله (صلى الله عليه وآله) : (( فكرة ساعة خير من عبادة سنة ))، ولا ينال منزلة التفكر إلا من خصه الله عز وجل بنور التوحيد والمعرفة، وقوله (صلى الله عليه وآله) : (( أفضل العبادة إدمان التفكر في الله وفي قدرته ))، ومراده من التفكر في الله التفكر في قدرته وصنعه وفي عجائب أفعاله ومخلوقاته وغرائب آثاره ومبدعاته، لا التفكر في ذاته، لكونه ممنوعا عنه في الأخبار، ومعللا بأنه يورث الحيرة والدهشة واضطراب العقل، وقد ورد : (( إياكم والتفكر في الله، ولكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمته فانظروا إلى عظيم خلقه )). واشتهر عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال : (( تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله، فإنكم لن تقدروا قدره )) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) : (( التفكر يدعو إلى البر والعمل به ))، وقوله (عليه السلام) : (( نبه بالتفكر قلبك، وجاف عن الليل جنبك، واتق الله ربك ))، وقول الباقر (عليه السلام) : (( بإجالة الفكر يستدر الرأي المعشب ))، وقول الصادق (عليه السلام): (( الفكر مرآة الحسنات وكفارة السيئات، وضياء للقلوب وفسحة للخلق، وإصابة في صلاح المعاد، واطلاع على العواقب، واستزادة في العلم، وهي خصلة لا يعبد الله بمثلها ))، وقول الرضا (عليه السلام) : (( ليس العبادة كثرة في الصلاة والصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله عز وجل )). ودمتم في رعاية الله