احمد - الكويت
منذ 4 سنوات

 المحبة في الله

اكل الحرام، من الناحية العقائديه والاخلاقيه بدون الفقه هل ورد او ثبت ان اكل الطعام الحرام بعلم او بغير علم يؤثر على الروح او القلب او الاخلاق ؟؟


الأخ احمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهفي جامع السعادات 2/127 قال : طلب الحرام وعدم الاجتناب عنه . ولا ريب في كونه مترتبا على حب الدنيا والحرص عليها، وهو أعظم المهلكات، به هلك أكثر من هلك، وجل الناس حرموا عن السعادة لأجله، ومنعوا عن توفيق الوصول إلى الله بسبه . ومن تأمل يعلم أن أكل الحرام أعظم الحجب للعبد من نيل درجة الأبرار، وأقوى الموانع له عن الوصول إلى عالم الأنوار، وهو موجب لظلمة القلب وكدرته وهو الباعث لخبثه وغفلته، وهو العلة العظمى لخسران النفس وهلاكها، وهو السبب الأقوى لضلالتها وخباثتها، وهو الذي أنساها عهود الحمى، وهو الذي أهواها في مهاوي الضلالة والردى، وما للقلب المتكون من الحرام والاستعداد لفيوضات عالم القدس ! وأنى للنطفة الحاصلة منه والوصول إلى مراتب الأنس ! وكيف يدخل النور والضياء في قلب أظلمته أدخنة المحرمات؟! وكيف تحصل الطهارة والصفاء لنفس أخبثتها قذارات المشتبهات؟! ولأمر ما حذر عنه أصحاب الشرع وأمناء الوحي غاية التحذير، وزجروا منه أشد الزجر . قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " إن لله ملكا على بيت المقدس، ينادي كل ليلة : من أكل حراما لم يقبل منه صرف ولا عدل " : أي لا نافلة ولا فريضة .وقال (صلى الله عليه وآله) : " من لم يبال من أين اكتسب المال، لم يبال الله من أين أدخله النار " .وقال (صلى الله عليه وآله) : " كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به " .وقال (صلى الله عليه وآله) : " من أصاب مالا من مأثم، فوصل به رحما أو تصدق به أو أنفقه في سبيل الله، جمع الله ذلك جمعا، ثم أدخله في النار، وقال (صلى الله عليه وآله) : " إن أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي هذه المكاسب الحرام، والشهوة الخفية والربا " .وقال (صلى الله عليه وآله) : " من اكتسب مالا من الحرام، فإن تصدق به لم يقبل منه، وإن تركه وراءه كان زاده إلى النار " . وقال (عليه السلام) : " إذا اكتسب الرجل مالا من غير حله، ثم حج فلبى، نودي، لا لبيك ولا سعديك ! وإن كان من حله، نودي : لبيك وسعديك !. وقال (عليه السلام) : " كسب الحرام يبين في الذرية " . وقال (عليه السلام) في قوله تعالى : (( وَقَدِمنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِن عَمَلٍ فَجَعَلنَاهُ هَبَاءً مَنثُورًا )) . " إن كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي، فيقول الله عز وجل لها : كوني هباء وذلك أنهم كانوا إذا شرع لهم الحرام أخذوه " . وقال الكاظم (عليه السلام) : " إن الحرام لا ينمى، وإن نمى لم يبارك فيه، وإن أنفقه لم يؤجر عليه، وما خلفه كان زاده إلى النار " . وفي بعض الأخبار : " إن العبد ليوقف عند الميزان، وله من الحسنات أمثال الجبال، فيسأل عن رعاية عياله والقيام بهم، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، حتى تفني تلك المطالبات كل أعماله، فلا تبقى له حسنة . فتنادي الملائكة : هذا الذي أكل عياله حسناته في الدنيا، وارتهن اليوم بأعماله " . وورد : " إن أهل الرجل وأولاده يتعلقون به يوم القيامة، فيوقفونه بين يدي الله تعالى، ويقولون : يا ربنا، خذ لنا بحقنا منه، فإنه ما علمنا ما نجهل، وكان يطعمنا من الحرام ونحن لا نعلم . فيقتص لهم منه " ينبغي لطالب النجاة أن يفر من الحرام فراره من الأسد، ويحترز منه احترازه من الحية السوداء، بل أشد وأنى يمكنه ذلك في أمثال زماننا الذي لم يبق فيه من الحلال إلا الماء الفرات والحشيش النابت في أرض الموات، وما عداه قد أخبثته الأيدي العادية، وأفسدته المعاملات الفاسدة ! ما من درهم إلا وقد غصب من أهله مرة بعد أولى، وما من دينار إلا وقد خرج من أيدي من أخذه قهرا كرة غب أولى، جل المياه ( كذا ) أو لأراضي من أهلها مغصوبة، وأنى يمكن القطع بحلية الأقوات وأكثر المواشي والحيوانات من أهلها منهوبة، فأنى يتأتى الحزم بحلية اللحوم والألبان والدسوم، فهيهات ذلك هيهات ! ما من تاجر إلا ومعاملته مع الظالمين، وما من ذي عمل إلا وهو مخالط للجائرين من عمال السلاطين . وبالجملة : الحلال في أمثال زماننا مفقود، والسبيل دون الوصول إليه مسدود . ولعمري ! إن فقده آفة عم في الدين ضررها، ونار استطار في الخلق شررها . والظاهر أن أكثر الأعصار كان حالها كذلك . ولذلك قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) : " المؤمن يأكل في الدنيا بمنزلة المضطر " . وقال رجل للكاظم (عليه السلام) : " ادع الله جل وعز يرزقني الحلال، فقال : أتدري ما الحلال ؟ قال : الكسب الطيب . فقال : كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول : الحلال قوت المصطفين . لكن قل : أسألك من رزقك الواسع " . ومع ذلك كله، لا ينبغي للمؤمن أن ييأس من تحصيل الحلال، ويترك الفرق والفصل بين الأموال، فإن الله سبحانه أجل وأعظم من أن يكلف عباده بأكل الحلال ويسد عنهم طريق تحصيله . أنواع الأموال أن الأموال على أقسام ثلاثة : حلال بين، وحرام بين، وشبهات بينهما . ولكل منها درجات، فإن الحرام وإن كان كله خبيثا، إلا أن بعضه أخبث من بعض، فإن ما يؤخذ بالمعاملة الفاسدة مع التراضي ليس في الحرمة كمال اليتيم الذي يؤخذ قهرا . وكذا الحلال وإن كان كله طيبا، إلا أن بعضه أطيب من بعض . والشبهة كلها مكروهة، ولكن بعضها أشد كراهة من بعض . وكما أن الطبيب يحكم على كل حلو بالحرارة، ولكن يقول بعضه حار في الدرجة الأولى، وبعضه في الثانية . وبعضه في الثالثة، وبعضه في الرابعة، فكذلك الحرام بعضه خبيث في الدرجة الأولى، وبعضه في الثانية وبعضه في الثالثة، وبعضه في الرابعة . وكذلك درجات الحلال في الصفاء والطيبة، ودرجات الشبهة في الكراهة .ودمتم في رعاية الله 

2