علي امير - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 علاج افراط الشهوة

حقيقة هذا الحديث له العديد من المعاني ومنها ان من عرف نفسه بالضعف عرف ربه بالقوة ومن عرف نفسه بالفقر عرف ربه بالغنى من باب معرفة الانسان بالضد وكذلك هنالك من يربط بين استحالة معرفة الله بالمعنى المحرم فا جاء التنبيه بان من لايعرف نفسه كيف يعرف ربه وهنالك وجوه اخرى وقبل مدة دار بيني حديث وبين احد الاخوة ممن يملكون المعرفة في الواقع حول معنى الحديث وهو كان يصر على المعنى الذي اشرتم له الان فا سؤالي بأي المعنى نستطيع ان نجزم ؟ ام ان كل تلك المعاني صحيحة واذا كنا نجزم بفهم معنى فهل هنالك احاديث او ايات قرانية توضح ذلك


الأخ علي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما تفضلتم به صحيح من وجود عدة معاني وتفسيرات لهذا الحديث الشريف، ولا بأس بأن نتطرق إلى جملة من تلك الأقوال ونعلق عليها ثم نذكر السبب الذي رجحنا فيه أحد هذه المعاني وهو ما أوجزناه في جوابنا السابق، فنقول ومن الله نستمد العون التوفيق. قيل: أن قوله عليه السلام (( من عرف نفسه فقد عرف ربه )) هو من باب التعليق على المحال فإن معرفة النفس محال فكذا معرفة كنه ذات الحق عز وجل، ويرد على ذلك حال الأنبياء والرسل والأوصياء عليهم السلام في المعرفة فإنهم يعرفون أنفسهم، وقد دل مفهوم الآية على ذلك وهي قوله تعالى (( مَا أَشهَدتُّهُم خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَلَا خَلقَ أَنفُسِهِم وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا )) فقد دل مفهوم الآية والصفة على أن الله سبحانه أشهد الهادين عليهم السلام خلق السموات والأرض وخلق أنفسهم واتخذهم أعضادا، يعني أعضادا لخلقه كما ذكره الحجة عليهم السلام في دعاء شهر رجب في قوله: (( أعضاد وأشهاد ومناة وأذواد وحفظة ورواد فبهم ملأت سماءك وأرضك حتى ظهر أن لا إله إلا أنت ))، وكقوله تعالى: (( سَنُرِيهِم آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِم حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُ الحَقُّ أَوَلَم يَكفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ )) فإذا عرفوا أنفسهم عرفوا ربهم، فأين التعليق على المحال؟ وقيل: معناه كما نقل عن داود النبي صلوات الله عليه أنه قال ما معناه (من عرف نفسه بالجهل فقد عرف ربه بالعلم، ومن عرف نفسه بالعجز فقد عرف ربه بالقدرة، وهكذا ) وهذه المعرفة ظاهرها قريب إلى الأفهام وباطنها يطول به الكلام وحاصله يظهر مما يأتي إنشاء الله . وقيل: من عرف نفسه بالحيوانية الحسية الفلكية بأنها ليست في مكان من الجسد ولا يخلو منها مكان منه وليست فيه على جهة الحلول ولا بائنة منه، بل هي فيه لا كالماء في الكون ولا هي كشيء داخل في شيء كالماء في العود الأخضر، ولا هي خارجة عنه كشيء خارج، ولا ممازجة ولا مصاحبة معه بل هي مدبرة للبدن بغير مباشرة ولا مشاركة له في شيء من أحوال الأجساد، فمن عرف نفسه كذلك فقد عرف ربه تعالى بأنه مدبر للعالم وأنه لا يخلو منه مكان ولا يحويه مكان، داخل لا كشيء داخل، خارج لا كشيء خارج، إلى آخر ما ذكر في صفة النفس، وهذه معرفة أصحاب الأنظار من المتكلمين . وقيل: معناه من عرف نفسه بأنه مصنوع فقد عرف له صانع، ومن عرف نفسه بأنه أثر فقد عرف له أن له مؤثرا وهكذا، وهذه معرفة أهل الآثار . وقيل: معناه من عرف نفسه في قوله (روحي وجسدي ويدي ورجلي وعيني ورأسي ووجودي) فهذا الذي أضيف إليه هذه الأشياء وما أشبهها هو غيرها، لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه، فمن عرف هذا المعبر عنه بفم المتكلم فقد عرف ربه في قوله تعالى: (عبدي وأرضي وسمائي وعرشي وبيتي) وما أشبه ذلك، ويريد القائل بالنفس النفس الناطقة التي أصلها العقل منه بدأت وعنه وعت وإليه دلت وأشارت، وهذه النفس أعني الناطقة في الإنسان الصغير بمنزلة اللوح المحفوظ في الإنسان الكبير، وحيث ثبت أن في كل شيء له آية تدل على أنه واحد كانت هذه النفس تدل على وحدانيته عز وجل . واعلم أن هذه الأقوال تدل على المعرفة الظاهرة، وأما المعرفة الحقيقية فهي معرفة النفس التي هي كنه الشيء من ربه، لأنه تعالى لما خلق الإنسان فأول ما كونه فتكون كانت له حقيقة من ربه وحقيقة من نفسه، فالتي من ربه هو النور المعبر عنه تارة بالماء الذي جعل منه كل شيء حي، وتارة بالوجود، وإليه الإشارة بقوله عليه السلام (( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ))، وعن الصادق عليه السلام (( إن الله خلق المؤمنين من نوره وصبغهم في رحمته، فالمؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه أبوه النور وأمه الرحمة )) ثم استشهد بكلام جده أمير المؤمنين عليه السلام (( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ))، ثم قال عليه السلام: (( يعني بنوره الذي خلق منه ))، وتارة يعبر عنه بالفؤاد كما قال الصادق عليه السلام ما معناه: ( وإذا تجلى ضياء المعرفة في الفؤاد أحب، وإذا أحب لم يؤثر ما سوى الله عليه )، وتارة يعبر عنه بالمادة الأولى أي الوجود الموصوفي لا الصفتي، كالمصدري والرابطي والغائي وما أشبهها، والمراد من الوجود الموصوفي ذات الشيء أو المادة التي خلق منها، فإن للإنسان كنهين كنهه من ربه وهو النور الذي هو مادته الأولى، وكنه من نفسه وهي الظلمة وهي الصورة، أعني انفعاله وقابليته للوجود وهي المسماة بالماهية، والكنه الأول هو النفس التي من عرفها فقد عرف ربه، يعني أن معرفتها عين معرفة الله إلا أن هنا معرفتين معرفة النفس ومعرفة الرب، لأنه عليه السلام قال (( فقد عرف ربه ))، و(قد) تفيد التحقيق، وقد دلت على أن المعرفة واحدة بجهته، وفي بيان هذا الحرف دفع الإشكال المشار إليه سابقا، وبيان حقيقة الأمر يتوقف على بيان أمرين: بيان معرفة حقيقة النفس، وبيان كيفية الوصول إلى ذلك. أما الأول فاعلم أن النفس هي حقيقتك من ربك إذا عرفتها فقد عرفت ربك، فإنه لما كان لا يعرفه أحد غيره إلا بما وصف به نفسه وأراد بكرمه عليك ورحمته بك أن تعرفه وصف نفسه وألبسه صورة قبوله وأنزله في رتبته من أكوان الإمكان فظهر بإياك، فأنت ذلك الوصف بذاتك وحقيقتك التي هي نفسك هي ذلك الوصف، فإذا كانت نفسك هي وصف الله الذي وصف به نفسه لك، وكان من عرف الوصف عرف الموصوف؛ لأن الموصوف لا يعرف إلا بوصفه، فكنت إذا عرفت نفسك عرفت ربك. ومثال حقيقتك التي هي وصف الله نفسه لك به: صورة السراج في المرآة، فإن الصورة إذا عرفت نفسها التي من جهة السراج وهي مادة الصورة وهي هيئة شعلة السراج، لأن مادة الصورة هي صفة الشعلة المنفصلة أعني الهيئة التي أشرقت على المرآة لا الهيئة التي قامت بالشعلة قيام عروض، لأنها متصلة بها لا تنفصل عنها وإنما ينفصل عنها شبحها وهو الواقع على المرآة وهو حقيقة الصورة من الشعلة، فالصورة في المرآة إذا عرفت نفسها التي هي هيئة الشعلة عرفت الشعلة التي هي ربها، وصورة الصورة هي حقيقة الصورة من نفسها التي هي هيئة المرآة من كبر وصغر وبياض وصفاء واستقامة وأضدادها، فالنار الغائبة في السراج هي آية ذات الله عز وجل، وحرارتها هي آية المشيئة، والدهن المستحيل بحرارة النار دخانا هي آية الحقيقة المحمدية، والدخان المستنير بمس النار الذي حصل منه الشعلة أي من مجموعها هو آية المقامات التي لا فرق بين الله سبحانه وبينها في المعرفة إلا أنها عباده وخلقه قال الحجة بن الحسن في دعاء كل يوم من شهر رجب: (وبمقامتك وعلاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان, يعرفك بها من عرفك, لا فرق بينك وبينها إلا أنهم عبادك وخلقك, فتقها ورتقها بيدك, بدؤها منك, وعودها إليك)، وهذه المقامات هي العنوان وهي المثال وهي بالنسبة إلى الواجب الحق تعالى كالقائم بالنسبة إلى زيد، والصورة التي في المرآة إنما تحكي صورة الشعلة القائمة بها لأن الحكاية أصلها الصورة القائمة بالشعلة وهي الوجه وهي مثال النار وعنوانها، والصورة في المرآة إنما تعرف أصلها ولا تعرف النار التي هي آية الله وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام (( انتهى المخلوق إلى مثله وألجأه الطلب إلى شكله ))، وأما صورة الصورة التي هي من هيئة زجاجة المرآة فلا تعرف الصورة بها هيئة الشعلة لأنها ليست صفة لها، فكذلك نفسك التي هي حقيقتك من ربك تعرف بها ربك لأنها وصفه، أي وصف الرب الذي هو المثال والعنوان والوجه، لأن حقيقتك هذه هي الفؤاد وهي نور الله الذي ينظر به المؤمن المتوسم أي صاحب الفراسة، وهي المسماة بوجودك في اصطلاحهم . وأما حقيقتك من نفسك التي هي مثالك وهي الظلمة والماهية فلا تعرف بها ربك، لأنها هي أنت والله سبحانه لا يعرف بك بخلاف حقيقتك من ربك التي هي وصفه الذي وصف به نفسه لك لتعرفه بهذا الوصف فقد خاطبك به عز وجل مشافهة حين قال لك في عالم الذر (ألست بربك ومحمد نبيك وعلي وليك والأئمة من ولده أئمتك؟)، فقلت : بلى، وقولك بلى هو حقيقتك من نفسك وخطابه تعالى هو الوصف الشفاهي على جهة العيان فتمت كلمته وبلغت حجته (( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلعَبِيدِ )) . ودمتم في رعاية الله