أهلاً وسهلاً بالسائل الكريم
ننقل لكم كلام الميرزا جواد التبريزي، في كتابه (النصوص الصحيحة)، الصفحة (٩)، ما هو لفظه: ((النصوص التي تعين أسماء الأئمة المعصومين عليهم السلام يوجد في مصادرنا الحديثية العديد من الروايات التي تنص على تحديد أسماء الأئمة المعصومين عليهم السلام، ولكن حيث أن بناءنا هو على الاختصار في هذه الرسالة، لذلك سنكتفي بذكر رواية صحيحة صريحة في كل باب (أو روايتين)، وفيها لمن أراد الدليل كفاية وغنى. وهذه الروايات تنقسم بحسب المدلول إلى أقسام:
القسم الأول ما ورد من الروايات في تحديد أن الأئمة عليهم السلام هم من (ولد الحسين عليه السلام) وهذه الروايات - بهذا العنوان - تجيب على عدة أسئلة، فهي من جهة تجيب على نقطة هي مركز التشكيك عند المشككين المدعين عدم وجود نص على الأئمة بعد الإمام الحسين عليه السلام، بينما هذه الروايات تعتبر نصا على العنوان أي أولاد الحسين، وأيضا فهي تحدد نسب الأئمة بعده وتحصرهم في هذه الذرية الطاهرة، فتنفي هذا المنصب عمن ليس من هذا البيت، فكل من ادعى الإمامة من غيرهم فادعاؤه باطل، ولو كان هاشميا قرشيا، بل حتى لو كان من أولاد أمير المؤمنين من غير نسل الحسين عليه السلام.
وأيضا فهذه الروايات تدل بالدلالة الالتزامية على أنهم من قريش بل هي مفسرة لذلك العنوان، ولهذا فما ورد من غير طرق الشيعة كثيرا من أن الأئمة من قريش يكون مفسرا بهذه الروايات حيث أن من كان من أبناء الحسين فهو بالضرورة قرشي.
فمن تلك الروايات:
(صحيحة) ما رواه الشيخ الكليني رحمه الله عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام من كلام يذكر فيه الأئمة ... المزید إلى أن قال " فلم يزل الله يختارهم لخلقه من ولد الحسين من عقب كل إمام، كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما وعلما هاديا... ".
ومنها (صحيحة) ما رواه الشيخ الصدوق رحمه الله عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب والهيثم ابن مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب السراد عن علي بن رئاب عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول: " إن أقرب الناس إلى الله عز وجل وأعلمهم به وأرأفهم بالناس محمد صلى الله عليه وآله، والأئمة فأدخلوا أين دخلوا وفارقوا من فارقوا، عنى بذلك حسينا وولده فإن الحق فيهم وهم الأوصياء ومنهم الأئمة، فأينما رأيتموهم فاتبعوهم وإن أصبحتم يوما لا ترون منهم أحدا منهم فاستغيثوا بالله عز وجل وانظروا السنة التي كنتم عليها واتبعوها وأحبوا من كنتم تحبون وأبغضوا من كنتم تبغضون فما أسرع ما يأتيكم الفرج! ".
ويؤيدها ما رواه في كمال الدين، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن مسكان عن أبان عن سلم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال: " دخلت على النبي صلى الله عليه وآله، فإذا الحسين بن علي على فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ويقول: أنت سيد ابن سيد، أنت إمام ابن إمام أبو أئمة أنت حجة الله ابن حجته وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم ".
القسم الثاني الروايات التي تنص على أسماء الأئمة عليهم السلام بدءا من الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حتى الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام وهي متعددة نكتفي منها بروايتين:
الصحيحة الأولى: رواها الشيخ الكليني رحمه الله عن علي ابن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس، وعلي بن محمد بن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس، عن ابن مسكان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله الله عز وجل (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، فقال:
" نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام، فقلت: إن الناس يقولون فما باله لم يسم عليا وأهل بيته في كتاب الله عز وجل؟ فقال: قولوا لهم:
إن رسول الله نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا، حتى كان رسول الله هو الذي فسر ذلك ونزلت الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم، حتى كان رسول الله هو الذي فسر لهم ذلك، ونزل الحج فلم يقل لهم طوفوا أسبوعا حتى كان رسول الله هو الذي فسر لهم ذلك ونزلت (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) ونزلت في علي والحسن والحسين فقال رسول الله في علي (من كنت مولاه فعلي مولاه)، فقال صلى الله عليه وآله أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي فإني سألت الله أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك، وقال لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم باب ضلالة.
فلو سكت رسول الله فلم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان وآل فلان، لكن الله أنزل في كتابه تصديقا لنبيه (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فكان علي والحسن والحسين وفاطمة فأدخلهم رسول الله تحت الكساء في بيت أم سلمة ثم قال: اللهم إن كل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهلي وثقلي. فقالت أم سملة: ألست من أهلك؟ قال: إنك إلى خير، ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول الله كان علي أولى الناس بالناس، لكثرة ما بلغ فيه رسول الله وإقامته للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل - أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحدا من ولده.. إذن لقال الحسن والحسين إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، وبلغ فينا رسول الله كما بلغ فيك، وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي، كان الحسن أولى بها لكبره فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك، والله عز وجل يقول: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) فيجعلها في ولده.. إذن لقال الحسين أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك، وبلغ في رسول الله كما بلغ فيك وفي أبيك وأذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه، ولم يكونا ليفعلاه، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين فجرى تأويل هذه الآية (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي، ثم قال: الرجس هو الشك، والله لا نشك في ربنا أبدا ".
… عن أبان عن سليم بن قيس قال: شهدت وصية أمير المؤمنين حين أوصى إلى ابنه الحسن وأشهد على وصيته الحسين ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ثم دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن: " يا بني أمرني رسول الله أن أوصي إليك وأن أدفع إليك كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين، ثم أقبل على ابنه الحسين فقال: وأمرك رسول الله أن تدفعها إلى ابنك هذا. ثم أخذ بيد علي بن الحسين وقال: وأمرك رسول الله أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي واقرأه من رسول الله ومني السلام " .
القسم الثالث ما نص على أسماء الأئمة عليهم السلام جمعيا ومع هذه الروايات التي سوف نذكر بعضها ينقطع عذر كل متعلل لصراحتها وقوتها، وما يحف بها، ففي الأولى نلتقي مع أسماء الأئمة عليهم السلام في سجدة الشكر عقيب كل صلاة، حيث يشهد المصلي ربه والملائكة والخلق بمجمل اعتقاداته التي ينبغي أن يلقاه بها، ومنها توليه للأئمة الطاهرين من أهل البيت عليهم السلام وأنه يتولاهم ويتبرأ من أعدائهم، ولا يخفى الارتباط بين الصلاة وبين ذكر الأئمة الهادين وفضلهم على الخلق في تعليمهم معالم الدين. وسنشير إلى هذه الجهة أيضا في الخاتمة..
فمن هذه الروايات:
الصحيحة التي رواها الصدق بإسناده عن عبد الله بن جندب عن موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال: تقول في سجدة الشكر: " اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك أنك أنت الله ربي والإسلام ومحمدا نبيي وعليا والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ ".
والصحيحة الأخرى التي رواها الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: " أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ومعه الحسن بن علي وهو متكئ على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أمير المؤمنين، فرد عليه السلام فجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضي عليهم وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم، وإن تكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء! فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: سلني عما بدا لك، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن، فقال: يا أبا محمد أجبه! قال: فأجابه الحسن، فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصي رسول الله والقائم بحجته - أشار إلى أمير المؤمنين - ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته - أشار إلى الحسن -، وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده، وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين، وأشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد، وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد، وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، وأشهد على الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد، وأشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأها عدلا كما ملئت جورا، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى، فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتبعه! فانظر أين يقصد؟ فخرج الحسين بن علي عليه السلام، فقال: ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله، فرجعت إلى أمير المؤمنين فأعلمته، فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم. قال هو الخضر " …)).
ودمتم بحفظ الله ورعايته.