أحد المؤمنين مصاب بالوسواس القهري، إذا جاء شهر رمضان يزبد عليه الوسواس في أمور العبادة، وايضا بعد انقضاء الشهر الكريم، فهو يعيد صوم شهر رمضان كاملا بسبب سماع صوت موسيقى أثناء مشاهدة تلفاز وغيره، ولم يك قاصداً مشاهدة بعض المقاطع التي يمكن أن تفسد الصوم وينجذب إليها.
فما حكم صومه؟ وهو من مقلدي السيد الخوئي ( قدس سره )
وفقكم الله لكل خير ودمتم بصحة وعافية.
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
صيامه صحيح ولا حاجة لإعادته إلا إذا ارتكب مفطراً ذكره السيد الخوئي قدس سره في فتاواه، ولا حاجة للإعادة.
ولنرجع للنقطة الأهم من سؤالك وهو كيفية علاج الوسوسة فالنقطة الجوهرية في العلاج تكمن في نفس المصاب، وتعال معي؛ لنخلصه من حبائل الشيطان.
أهمّ النقاط التي يجب أن تتبعها هي:
١ ـ الأخذ بما جاء عن الفقهاء فهو أعظم علاج لهذه الحالة.
٢ ـ السؤال المهم الذي يطرح في هذا المجال هو أنه كيف يمكن إقناع الوسواسي بعدم الإستجابة لنداء الوسوسة الذي هو نداء شيطاني؟
والجواب: أنّ الطريق إلى ذلك هو إفهامه بصورة واضحة لا لبس فيها بأنه لا يتحمّل إثماً ولا يستحق عقاباً يوم القيامة إذا لم يعتنِ بالوسوسة، وإن وقع في خلاف الواقع.
وهنا لا بدّ من فهم شيء واضح وصريح وهو: أنّ الذي يدعو الوسواسي إلى العمل وفق الوسوسة هو خوفه من بطلان عمله واستحقاقه العقاب على ذلك، ولكن لو جعلناه يقتنع تماماً بأنه لا يتحمّل جراء مخالفته للوسوسة وعدم الاعتناء بها أيَّ ذنب أبداً، وإن لم يصح عمله في الواقع ويكون معذوراً أمام ربه؛ فإن هذا سيساهم بكل تأكيد في الحدّ من اعتنائه بالوسوسة.
٣ ـ كيف يكون الوسواسي معذوراً أمام الله تعالى إذا لم يعتن بوسوسته وإن كان عمله خلاف الواقع؟ مثلاً: إذا شك في طهارة بدنه وبنى على الطهارة وتوضأ وصلى، وكان في علم الله تعالى أنّ بدنه متنجس ووضوءه باطل وصلاته باطلة ألا يتحمل مسؤولية ذلك أمام الله يوم القيامة؟
الجواب: قطعاً (لا) والوجه في ذلك ببساطة هو أنه عمل وفق واجبه الشرعي في عدم الاعتناء بالوسوسة فكيف يعاقبه الله على ذلك؟!
ولتوضيح الفكرة نقول: إن فتوى الفقيه حجّة للمكلف، أي: أن المكلف إذا عمل بها وكانت في علم الله مخالفة للواقع لم يعاقب يوم القيامة على مخالفته، مثلاً إذا أفتى الفقيه بطهارة الاسبرتو واستند المكلف إلى فتواه في عدم التجنب عنه في لباسه وبدنه فتوضأ وصلى، ولكن كان الاسبرتو نجساً في حكم الله تعالى لم يعاقب المكلف يوم القيامة على صلواته الباطلة لأن حجّته أمام الله هي كالتالي:
يا ربّي إنك رخّصت لي بالعمل وفق فتوى الفقيه، والفقيه أفتى بطهارة الاسبرتو؛ فلذلك لم أتجنبها في بدني وملابس صلاتي فهل تعاقبني مع ذلك؟
ويأتي الجواب: إنك معذور يا عبدي ولا شيء عليك.
وهكذا حال الوسواسي تماماً، فإن جميع الفقهاء يفتون بكل صراحة ووضوح ـ تبعاً للنصوص الشرعية ـ بأن وظيفة الوسواسي هو عدم الاعتناء بوسوسته والبناء على طهارة كل ما يشك في طهارته، بل حتى لو تأكد من نجاسة شيء ـ على خلاف ما يحصل لسائر الناس من العلم بذلك ـ فلا عبرة بعلمه، وواجبه أن يبني على الطهارة.
فلو عمل الوسواسي بهذه الفتوى الشرعية وبنى على طهارة كل مشكوك الطهارة، بل ومتيقن النجاسة فهو معذور أمام الله تعالى، وإن كان عمله على خلاف الواقع، ووقعت صلاته في النجاسة أو كان أكله متنجساً.
نتمنى أن يقرأ هذه الإرشادات كلّ من ابتلي بالشك والوسوسة؛ ليتأكد من صوابه ثم يعقد العزم على عدم الاعتناء بالوسوسة بعد اليوم، فعقد العزم على عدم غسل ما تتصور أنه قد أصابته النجاسة هو المنجي من حبائل الشيطان.
. ولا بدّ من عقد العزم على البناء على طهارة كل شيء لم نجد عين النجاسة فيه بأم العين.
فسيأتي الشيطان ويقول لك: ان وضوءك باطل وصلاتك باطلة وبدنك متنجسة.
فليكن الجواب:: لا يهمني ذلك ما دمت معذوراً أمام الله تعالى وأنه لا يعاقبني يوم القيامة في حال من الأحوال.
نسأله سبحانه وتعالى أن يجنبكم والمسلمين والمسلمات من شرور الشيطان ومصائده إنّه نعم المولى ونعم النصير