أحمد قاسم الموسوي - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 لا تعارض بين العقل والنقل(1)

هل العقل له حكم استقلال وحجّية في حالة عدم بيان من الشرع؟ هل نقدر نفتي بأنّ من يخالف العقل وقاعدة مشهورة بأنّ القبح العقلي يكشف عن قبح عند المولى تعالى، والحسن والقبح العقلي خلاف فيه في عاقبة الفعل عند المولى تعالى؟ وإذا أطلقنا هذة قاعدة إذاً كلّ من يخالف العقل يستحق العقاب الإلهي مثل من يخالف إشارة المرور ويتعرض للحادث، هل نحكم عليه بأنّه انتحر واستحق العقاب الإلهي، لأنّه هو عرض نفسه للخطر وخالف أحكام العقل؟ وبهذة حالة سوف تكبر دائرة العقاب ونعرف أنّ القواعد العقلائية متغيرة، فأنت ترى قبيح وغيرك ينظر أنّه حسن، مثل العادات والتقاليد الغربية قبيحة عندنا عندهم حسنة. وشكراً.


الأخ أحمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. المراد من تحسين العقل أو تقبيحه، هو: قدرته على التمييز بين الفعل الذي يستحقّ فاعله المدح، والفعل الذي يستحقّ فاعله الذمّ، فما يستحقّ المدح فهو حسن، وما يستحقّ الذمّ فهو قبيح. ولا شأن لقاعدة التحسين والتقبيح بإدراك ما وراء الأفعال كالأحكام مثلاً، ولذلك أوضحنا في جوابنا: أنّ إدراك العقل لحسن الأشياء وقبحها ليس على نحو الكلّية الموجبة التي تستغرق جميع أفرادها، بل على نحو الجزئية الموجبة، فالعقل ربّما لم يدرك وجه الحسن أو القبح في شيء فيفتقر إلى بيان من الشرع، أو أنّه يغفل عن قبح شيء فيراه حسناً أو عن حسن شيء فيراه قبيحاً، إلاّ أنّ العقل من جهة طبيعته يستقل غالباً بإدراك حسن الأفعال وقبحها، فالكذب دائماً يستحقّ فاعله الذمّ، والصدق يستحقّ فاعله المدح، وفاعل الظلم مذموم، وفاعل العدل ممدوح، وهكذا.. وأمّا معرفة تفاصيل الأشياء وأحكامها وموافقتها لإرادة الله عزّ وجلّ فتفتقر إلى بيان من الشرع، لأنّ العقل يعجز عن إدراك علل كثير من الأحكام والتشريعات الإلهية، فيخفى عليه حسنها، فلا يدرك مثلا وجه الحسن في الصوم وتحمّل الجوع والعطش طيلة أيام شهر رمضان، ولا يدرك حسن بعض الأفعال كالطواف حوال البيت، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمرات، وغير ذلك.. ويأتي البيان من الشرع ليلفت نظر العقل إلى ما تتضمنه تلك الأفعال من الحسن، مع أنّ المؤمن يدرك ابتداءاً بأنّ الله تعالى لا يأمر بالقبيح، فجميع أوامره سبحانه تندرج في باب حسن، ولكنّه يغفل عن مواضع الحسن، فربّما يأتيه البيان من الشارع فيدركها أو لا يأتيه فتبقى على حسنها الإجمالي باعتبارها أوامر الله عزّ وجلّ. ودمتم في رعاية الله