أبو الزين - الأردن
منذ 4 سنوات

 محل العقل

في موضوع الحسن والقبح يعقب صديقي قائلاً : وأما وصف الأفعال بالقبح والحسن فاننا لا ننكر ان العقل يقبح ويحسن بعض الأمور , لكن لا مدخلية له في تقبيح افعال يترتب عليها حساب وتحسينها التي هي محل التكليف الشرعي , بل الشرع هو الذي يحسن ويقبح الافعال ابتداءً دون مدخلية للعقل فيها , وإلا فكيف تفرون من اباحة شرب الخمر ثم تحريمها؟ واين العقل من هذا ؟ أو كذلك اباحة زواج الاخت في الشرائع السابقة ؟ هل حقاً إن الأشاعرة لا ينكرون أن العقل يقبح ويحسن بعض الامور ؟ وهل يطرد ذلك مع قواعدهم ؟


الأخ أبا الزين المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الذي ينبغي أن يقال : هو أن العقل بعد ما يحكم في كل مورد , يرى الملازمة أيضاً بين هذا الحكم وحكم الشارع ز نعم , لو لم يدرك العقل الملازمة المذكوة تماماً في موضوع ما لم يحكم بوجود الحكم الشرعي في ذلك المجال . وبعبارة أخرى : لو أدرك العقل العلية التامة بين الأفعال ومواصفاتها من الحسن والقبح , فحينئذ يحكم بتحسين أو تقبيح الشرع لها , وإلا فلا . ومما ذكرنا يظهر عدم ورود النقوض المذكورة ـ إباحة شرب الخمر وزواج الأخت ـ فان العقل لم يحكم بالبداهة على حرمة الموردين بدون معونة الشرع , أي أن العقل لا يستقل في حصول الضرر الذي يبلغ حد الضرر المحرم وان كان يعلم بالضرورة بوجود الضرر بنحو الموجبة الجزئية , وهذا المقدار لا يكفي في حكم العقل بالتحسين والتقبيح ومن ثم الحكم بالملازمة على حكم الشرع في المجالين . وأما الاشاعرة , فلا يرون للعقل دوراً في الحكم بالحسن والقبح , وإنما دوره ينحصر في دركه لهما , فلا مجال لتوغل العقل في حوزة معرفة حكمة الاحكام وغيرها , فمثلاً لا يرى الاشعري قبحاً في ايلام الاطفال أو عذاب المؤمنين وإدخالهم النار أو ادخال الكافرين الجنة. ( اللمع / 116 ) . وهي كما ترى أحكام مناقضة للعقل بالبداهة , فلا تتصور في ساحة الباري عزوجل . ودمتم في رعاية الله