احمد محمد كساب ( 21 سنة ) - السعودية
منذ 3 سنوات

الغلو

ماحكم الغلو في الدين


بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اهلا بكم في تطبيقكم المجيب الغلو، هو الارتفاع ومجاوزة الحد للشيء، سواء أكان في المعتقدات الدينية أو غيرها. واستعمل اصطلاحاً بمعنى مجاوزة الحد المفترض للمخلوق والارتفاع به إلى مقام الألوهية. والمراد من الغلو عند أهل البيت (عليهم السلام) هو مجاوزة الحدود والارتفاع بهم إلى مقام الألوهية. كما يظهر من الروايات التي تنهي عن تأليههم، أو رفعهم عن مقام العبودية لله تعالى. فاذا بلغ الحد في الغلو هو القول بانهم آلهة فهذا يستلزم الشرك المحرم ويستلزم القول بالكفر. نعم اذا لم يبلغ حد الالوهية كما لو تجاوز الحد فيهم وادعى انهم انبياء فهذا لا يستلزم الكفر، اما لو ادعى النبوة للائمة او لغير الائمة او ادعى لغيرهم الامامة فهذا لا يستلزم الكفر. وظاهرة الغلو قديمة قدم الرسالات السماوية، إذ اختلفت استجابات المدعوين لتلك الرسالات فكان منهم الغلاة. قال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام: "يهلك فيّ اثنان ولا ذنب لي: مُحبٌ مفرط ومبغض مفرط، وأنا أبرأ إلى الله تبارك وتعالى ممن يغلو فينا ويرفعنا فوق حدنا كبراءة عيسى ابن مريم عليه السلام من النصارى. قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ). المائدة: 116 – 117. ثم قال: فمن ادّعى للأنبياء ربوبية، وادّعى للأئمة ربوبية أو نبوة أو لغير الأئمة إمامة، فنحن منه براء في الدنيا والآخرة"(الصدوق، عيون أخبار) وليس من الغلو هو الحب المفرط لامير المؤمنين (عليه السلام ) ولاهل البيت (عليهم.السلام) دون ما ذكرناه فهذا لا يعد غلواً، فان الشيعة قد تبعت بذلك الله تعالى ورسوله ولم تتجاوز ذلك أبداً . ففي حديث الراية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (... لأعطين الراية أو ليأخذن الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله أو قال يحب الله ورسوله يفتح الله عليه، فإذا نحن بعلي وما نرجوه فقالوا هذا عليٌ فأعطاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ففتح الله عليه . (البخاري : 23:5 باب مناقب علي (ع)). وفي (المستدرك) الحاكم روى عن عوف بن أبي عثمان النهدي قال : قال رجل لسلمان ما أشد حبك لعلي ! قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول : (من أحب علياً فقد أحبني ومن أبغض علياً فقد أبغضني) (المستدرك على الصحيحين كتاب معرفة الصحابة 141:3). وهكذا ورد في علي بن أبي طالب كل خير وفي موالاته كل نجاة ، فهل حبه الذي فرضه النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) علينا يعد غلواً وتجاوزاً !! أيذك بالله أن تجعل ما فعله النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) غلواً وغير الحق. وهكذا هو تعاملنا مع علي لا يتجاوز ما أمرنا النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في حبه وولايته في قوله تعالى: (( وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسولَه وَالَّذينَ آمَنوا فإنَّ حزبَ اللّه هم الغَالبونَ )) (المائدة:56). روى الحاكم عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس: (( وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ )) يعني يحب الله (( ورسوله )) يعني محمداً (( والذين آمنوا )) يعني ويحب علي بن أبي طالب ((فان حزب الله هم الغالبون)) يعني شيعة الله وشيعة محمّد وشيعة علي هم الغالبون يعني العالون على جميع العباد الظاهرون على المخالفين لهم ، قال ابن عباس : فبدأ الله في هذه الآية بنفسه ثم ثنّى بمحمّد ثم ثـلّث بعلي ثم قال : فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : (رحم الله علياً اللهم أدر الحق معه حيث دار ). قال ابن مؤمن ـ وهو ابن مؤمن الشيرازي من علماء أهل السنة ـ لا خلاف بين المفسرين أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين علي . (شواهد التنزيل للحاكم النيسابوري 246:1). فإذا كان الأمر في علي هكذا فهل هذا غلو !! وقد روى الحافظ الذهبي في (ميزان الاعتدال 235:2 طبعة القاهرة): عن سلمان عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال : (كنت أنا وعلي نوراً يسبّح الله ويقدّسه قبل أن يخلق آدم بأربعة ألف عام). ورواه ابن حجر العسقلاني في (لسان الميزان 229:2) ، وروى ذلك العلامة سليمان البلخي القندوزي الشافعي في (ينابيع المودة : 10) . هذا بعض ما رواه علماء أهل السنة في أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وعلي كانا نوراً واحداً ثم قسّم إلى نورين أحدهما النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) والآخر علي مما يعني أنهما روح واحدة في أصل خلقتهما وهي ما تعنيه أحاديث النور الواحد الآنفة الذكر . وكذا تجد القران يعظم الامام علي وفاطمة والحسنين ( عليهم.السلام) فقد نص على ذلك في قوله تعالى : (( فمَن حَآجَّكَ فيه من بَعد مَا جَاءكَ منَ العلم فقل تَعَالَوا نَدع أَبنَاءنَا وَأَبنَاءكم وَنسَاءنَا وَنسَاءكم وَأَنفسَنَا وأَنفسَكم )) (آل عمران:61) . فقد روى السيوطي في تفسيره ما أخرجه ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن جابر انه قال: ((أنفسنا وأنفسكم)) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وعلي و ((أبناءنا)) الحسن والحسين و ((نساءنا)) فاطمة) (الدر المنثور للسيوطي في تفسيره الآية 231:3). والخطاب كان موجهاً من النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) للنصارى بقوله ندعو أبناءنا وهما الحسن والحسين وأبناءكم وندعو نساءنا وهي فاطمة ونساءكم وندعو «أنفسنا» يعني نفس النبي الذي هو علي لأن الضمير «نا» وهو ضمير المتكلم يرجع إلى علي فعلي نفس النبي بمقتضى سياق الآية . وقد روى ذلك من علماء أهل السنة الزمخشري في (الكشاف 369:1 ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 104:4 ، والحاكم في شواهد التنزيل 155:1 ، وروى ذلك ابن المغازلي في الحديث 310 من كتابه مناقب الإمام أمير المؤمنين : 263 ، والواحدي في أسباب النزول : 74 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 225:1، وفي صحيح مسلم 120:7، وفي صحيح الترمذي 638:5 ، والطبراني في دلائل النبوة 297:1 ، وابن كثير في تفسير 52:25) ومما ورد في حق علي ومنزلته ! فقد أخرج الدارقطني ما رواه السماك أن أبا بكر قال له : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول : (لا يجوز أحد الصراط إلاّ من كتب له علي الجواز) (الصواعق المحرقة لابن حجر : 127 طبعة مكتبة القاهرة) . أما قولك أن علي قال : أنا عبد من عبيد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) . وهذا كله لا ينافي عبودية علي لله تعالى فعلي عبدٌ لله وما نقول فيه ولا في اهل البيت (عليهم.السلام) مقالة النصارى في عيسى حاشا وكلا وانما هم عباد مكرمون اختارهم الله واصطفاهم وجعلهم ائمة يدعون إلى الله تعالى) (منقول بتصرف) تحياتي لكم ودمتم بحفظ الله ورعايته

1