فراس - الجزر العذراء البريطانية
منذ 4 سنوات

 حدود العصمة

لماذا لا يستخدم لفظ المصطفى على الامام بدل المعصوم باعتبار لفظ المصطفى قرآني واقرب الى ذهن المتلقي


الأخ فراس المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ليس هنالك مانع من استعمال لفظ المصطفى في المعصوم(ع)، فالاصطفاء هو اختيار الله تعالى لبعض عباده وتمييزهم عن الآخرين، وهو مشتق من الصفو. قال الراغب في مفرداته: واصطفاء الله بعض عباده قد يكون بإيجاده تعالى إياه صافياً عن الشوب الموجود في غيره. وقد ورد عن الامامين الباقر والصادق(عليهما السلام) في قوله تعالى: (( ثمَّ أَورَثنَا الكتَابَ الَّذينَ اصطََفينَا من عبَادنَا )) (فاطر:32), قالا: (هي لنا خاصة وإيانا عنى). أما لماذا لم يستعمل الناس هذا اللفظ (المصطفى) في المعصومين (عليهم السلام)؟ فلربما كان مردّه إلى كونه من ألقاب النبي(ص) اشتهر به دونهم، وربما كان السبب أيضاً أن الاصطفاء لا يتضمن معنى العصمة وإن كان يلزمه ولكن ليس لزوماً بيناً ، والعصمة التي هي امتناع العبد عن معصية الخالق أو امتناعه عن محارم الله عز وجل ألصق بالإمام وأبلغ في صفة الإمامة، ومن ذلك ما ورد في معنى المعصوم من طريقهم (عليهم السلام)، فعن علي بن الحسين(ع): (الإمام منا لا يكون إلاّ معصوماً، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فتعرف، قيل فما معنى المعصوم: قال: المعتصم بحبل الله، وحبل الله هو القرآن..)) الحديث. وأما قوله تعالى: (( إنَّ اللَّهَ اصطََفى آدَمَ وَنوحاً وَآلَ إبرَاهيمَ وَآلَ عمرَانَ عَلَى العَالَمينَ )) (آل عمران:33), فيظهر منه أن الاصطفاء يساوي العصمة، وذلك لأن الله تعالى لا يصطفي إلاّ الأفضل في كل عصر، ولا يجوز أن يصطفي الفاضل مع وجود الأفضل، وحيث أن الارض لا تخلو من حجة يوماً ما وإلا لساخت بأهلها، والحجة هو الأفضل ولا يكون حجة إلاّ معصوماً، فإنه يترتب على كل هذه المقدمات أن كل مصطفى معصوم وكل معصوم مصطفى أي أنهما متساويان مصداقاً ، فتأمل. وحينئذ يترجح أن يكون الصارف عن استعمال المصطفى في المعصوم هو اشتهار أكمل أفراده وهو النبي(ص) به دون سائر المعصومين(ع) . أو من جهة أن مفهوم الاصطفاء غير مفهوم العصمة، فلعل استعمال الائمة(ع) للفظة العصمة كوصف لهم(ع) لأنه أقرب في الدلالة على صفات الإمام. هذا ما استخلصناه من التأمل في بعض النصوص، والله العالم. ودمتم في رعاية الله

1