أمجد - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 الأدلة العقلية على العصمة

طيب إذا كان المعصوم معصوما من أول ولادته فما فضله في ذلك وقد حصل عليها أعني العصمة من دون عمل ولا عبادة وهذا مناف للعقل والقرآن أيضا فالباري عز وجل يقول في كتابه الكريم (( وَنَفسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا )) (الشمس:7-8).


الأخ امجد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في هذا السؤال نقطتان : 1- هل اعطاء العصمة من دون عمل ولا عبادة في الرتبة السابقة منافية للعقل ولقوله تعالى (( وَنَفسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا )) (الشمس:7-8) 2- اذا كان المعصوم معصوما من اول ولادته فما فضله في هكذا عصمة؟ اما بالنسبة للنقطة الاولى : فنقول في البدء ان العصمة ليست بالاكتساب من خلال العمل والعبادة والا لما صحت العصمة لمن كان في المهد او كان صبيا كالنبي عيسى والنبي يحيى (عليهما السلام) فقد قال الله تعالى في حق عيسى (عليه السلام) : (( فَأَشَارَت إِلَيهِ قَالُوا كَيفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المَهدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبدُ اللَّهِ آتَانِيَ الكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا )) (مريم:29-30) وقال في حق يحيى (عليه السلام) : (( يَا يَحيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَينَاهُ الحُكمَ صَبِيًّا )) (مريم:12). وانما العصمة موهبة الهية يختص بها من يشاء من خلقه حالها حال النبوة والامامة نعم لما كنا نعلم بالقطع واليقين ان الله تعالى حكيم في فعله وان فعله منزه عن العبث واللهو نعتقد ان افاضة العصمة على اصحابها تكشف على الاجمال عن اهليتهم لها بمعنى ان نفوسهم وسجاياهم وكوامن اخلاقهم تمثل ارضية مناسبة لافاضة العصمة عليهم وليس بالضرورة ان تتأتى هذه الارضية من العمل والعبادة وانما لهم وجود هكذا ارضية وقابلية وعندئذ يمكن القول ان عدم افاضة العصمة على من يمتلك هكذا ارضية تكون منافية للعقل واللطف، واما الاية الشريفة فظاهرها انه تعالى عرف النفس أي الافعال هو من قبيل الفجور وأيها من قبيل التقوى ؟ ولا مانع ان يكون تعريفه لبعض النفوس اعمق واعلى من النفوس الاخرى بقرينة جملة من الايات كقوله تعالى (( وَاجتَبَينَاهُم وَهَدَينَاهُم إِلَى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ * ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهدِي بِهِ مَن يَشَاءُ )) (الانعام:87-88). وقوله تعالى : (( وَاذكُر عِبَادَنَا إِبرَاهِيمَ وَإِسحَاقَ وَيَعقُوبَ أُولِي الأَيدِي وَالأَبصَارِ * إِنَّا أَخلَصنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُم عِندَنَا لَمِنَ المُصطَفَينَ الأَخيَارِ )) (ص:45-47) فانظر الى قوله تعالى (اخلصناهم, والمصطفين (بالفتح) واجتبيناهم) فانها دالة على ان الله تعالى يفضل بعض النفوس على بعض في اصل الخلقة قال العلامة الطباطبائي في الميزان 11/177 : (انّ الله سبحانه خلق بعض عباده على استقامة الفطرة، واعتدال الخلقة، فنشأوا من بادئ الأمر بأذهان وقّادة، وإدراكات صحيحة ونفوس طاهرة، وقلوب سليمة، فنالوا بمجرد صفاء الفطرة وسلامة النفس من نعمة الإخلاص ما ناله غيرهم بالاجتهاد والكسب بل أعلى وأرقى لطهارة داخلهم من التلوث بألواث الموانع والمزاحمات، والظاهر أنّ هؤلاء هم المخلصون (بالفتح) لله في مصطلح القرآن، وهم الأنبياء والأئمّة، وقد نص القرآن بأنّ الله اجتباهم، أي جمعهم لنفسه وأخلصهم لحضرته ) انتهى وقد يتساءل لم يخلق الله تعالى هذه النفوس على هذه الشاكلة دون غيرها اوليس هذا ترجيح بلا مرجح ؟ الجواب : انه في الفاعل المختار تكون ارادته هي المرجح ومن ثم لابد ان يقال ان الارادة الالهية هي التي رجحت هذه النفوس وخلقتها بهذه الشاكلة على غيرها ويجدر الالتفات الى انه لابد من صفوة تكون واسطة امينة بين الله تعالى وخلقه. واما النقطة الثانية : فان الفضل في انهم يعملون بهذه العصمة ولا يخالفونها ذلك انها ليست مفضية الى الجبر والاضطرار . ودمتم في رعاية الله