مصطلح العرفان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ما هي حقيقة العبودية؟ هل من توضيح قرآني وروائي لحقيقة العبودية؟ وهل خلقنا لأجل عبادة الله عزّ وجلّ, كما مفاد الآية الكريمة: ((وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالأِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ))(الذاريات (51): 56)، أم الغاية هي حصول اليقين (واعبد ربك حتى ياتيك اليقين)؟ وكذلك التقوى في قوله تعالى: ((يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون))( )، أم خلقنا الله عزّ وجلّ ليرحمنا, كما مفاد هذه الآية الكريمة: ((الا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لاملان جهنم من الجنّة والناس اجمعين))( )؟ فما معنى هذه الرحمة التي لأجلها خُلقنا، وما كانت حاجتنا لها ونحن بعد لم نوجد؟ وبعد هذا نسألكم سؤالنا الأساسي وهو: لما كُنّي سيّد الشهداء(سلام الله عليه) بأبي عبد الله, وهل هذه الكنية أُعطيت له صلوات الله عليه من الله عزّ وجلّ, كما اسمه الشريف (الحسين), وأي عبودية هي المقصودة في هذه الكنية الشريفة حتى صارت هذه العبودية, محوراً ومناراً لعبودية الكائنات أجمع لله عزّ وجلّ في سيرهم نحو الكمال, وعلى ضوء هذا ما دلالة (عبادي) في قوله تعالى في سورة الفجر المباركة: ((يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي))(الفجر (89): 27 ــ 30), من هم هؤلاء العباد؟ وما معنى ودلالة الرجوع في هذه الآية الكريمة (( ارجِعِي إِلَى رَبِّكِ))؟ وشكراً لكم
الأخ مرتضى المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أوّلاً: سئل عنوان البصري الإمام الصادق(عليه السلام) عن حقيقة العبودية، فقال: (ثلاثة أشياء: أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله الله ملكاً، لأنّ العبيد لا يكون لهم ملك، يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به، ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيراً، وجملة اشتغاله فيما أمره به ونهاه عنه، فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوّله الله تعالى ملكاً هان عليه الإنفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه، وإذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره هان عليه مصائب الدنيا، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه لا يتفرّغ منهما إلى المراء والمباهاة مع الناس، فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا وإبليس والخلق، ولا يطلب الدنيا تكاثراً وتفاخراً، ولا يطلب ما عند الناس عزّاً وعلوّاً، ولا يدع أيامه باطلاً، فهذا أوّل درجة التقى، قال الله تبارك وتعالى: تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرضِ وَلَا فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ))(القصص (28): 83)