محمد سعيد - ألمانيا
منذ 4 سنوات

 مصطلح العرفان

السلام عليكم سادتي الأفاضل.. نسمع كما يسمع الكثير من الناس أن الإمام علي (عليه السلام) كان قد علًم جبرائيل. فماذا علّمه الإمام علي(عليه السلام) ..؟ ولكم جزيل الشكر والإمتنان.


الأخ محمد سعيد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ذكر السيد نعمة الله الجزائري في (نور البراهين ج1 ص332 ) ما هذا حاصله : وقد اعترف الأمين جبرئيل (عليه السلام) بأنه تلميذ علي (عليه السلام) حين سأله الباري عز شأنه : من أنت ومن أنا؟ فلقنه (عليه السلام) قل له : أنت الرب الجليل وأنا الحقير جبرئيل. وأصل ذلك ما رواه صاحب كتاب بستان الكرامة: أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان جالساً وعنده جبرئيل فدخل علي (عليه السلام)، فقام له جبرئيل (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أتقوم لهذا الفتى؟ فقال له :نعم إن له عليّ حق التعليم, فقال النبي (صلى الله عليه وآله): كيف ذلك التعليم يا جبرئيل؟ فقال : لما خلقني الله تعالى سألني: من أنت وما أسمك ومن أنا وما اسمي؟ فتحيرت في الجواب وبقيت ساكتاً, ثم حضر هذا الشاب في عالم الأنوار وعلمني الجواب فقال : قل أنت ربي الجليل واسمك الجليل وأنا العبد الذليل واسمي جبرئيل. وذكره الشيخ رجب البرسي في مشارقه بألفاظ مقاربة . تحقيق مطلب تعليم أمير المؤمنين (عليه السلام) للملائكة في عالم الأنوار روى الصفوري قول أمير المؤمنين (عليه السلام) : (( سلوني قبل أن تفقدوني عن علم لا يعرفه جبرئيل ولا ميكائيل )) (نزهة المجالس ج2/ 129). وقد أشار محيي الدين بن عربي في خطبة (الفتوحات الملكية) : (( الحمد لله الذي جعل الإنسان الكامل معلم الملك وأدار بانقساره طبقات الفلك ..)) وقد أشار إلى هذا المعنى جماعة من أهل العرفان وطائفة من حكماء الإسلام .. وتقرير هذه المسألة يفتقر إلى تقديم مقدمات : المقدمة الأولى: إن الإنسان الكامل ينطوي على جميع كمالات الدارين ولذلك يستحق خلافة الله في العالمين . ومن جملة الكمالات التي يتمتع بها الإنسان الكامل إحاطته الكاملة بعلم الأسماء وهيمنته على أسرار الملك والملكوت فله التقدم على سائر خلق الله من الملائكة فمن هم دونهم في رتبة المعرفة . المقدمة الثانية: الثابت أن الله تعالى خلق نور محمد وآله قبل أن يخلق الخلق، وأنهم كانوا يسبحون الله ويمجدونه قبل أن تكون ثمّة سماء ولا أرض، وأن الملائكة سبحوا الله ومجدوه تبعاً لتسبحيهم وتمجيدهم . المقدمة الثالثة: أن الله تعالى فضل أنبيائه المرسلين على الملائكة المقربين، والتفضيل يقتضي التقدم في الوجود، حيث ثبت في حكمه أن الأشرف وجوداً متقدم على الأخس . المقدمة الرابعة: أن محمداً (صلى الله عليه وآله) وآله هم العلة الغائية لجميع الكائنات كما يثبت ذلك في جملة من الأخبار وخاصة في حديث الكساء المتواتر، والعلة أشرف من المعلول ومتقدمة عليه وجوداً. المقدمة الخامسة: أن الفيض أنما يجري طبقاً للأقرب فالأقرب فيكون الأقرب إلى مصدر الفيض واسطة في الفيض لمن هو دونه، والنبي وآله لهم حقيقة نورية واحدة هي الحقيقة المحمدية، فالافاضات لا تكون إلا من خلالها لعدم جواز الطفرة في الوجود . المقدمة السادسة: إن العقل الأول - كما ثبت في الحكمة - هو العلة في كينونة العقل الثاني والعقل الثاني, علة العقل الثالث وهلم جراً ... والكمالات توجد في العلة بنحو أشرف وأعلى مما هو في المعلول . بعد هذه المقدمات: يتبين أن تعليم أمير المؤمنين (عليه السلام) لجبرئيل (عليه السلام) يقتضيه طور تقدم وأشرفية وأكملية هذا الإمام المبين على سائر الملائكة المقربين، فلا غرابة بعد هذا من حصول ذلك التعليم في عالم الأنوار، ولعل الخبر مسوقٌ على جهة الرمز لا الحقيقة . ودمتم في رعاية الله