السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أني قد قرأت في كتاب ( الإنسان ) للسيد العلامة محمد حسين الطبطبائي رضوان الله عليه, حيث يتكلم عن الإنسان قبل هذا العالم وفي هذا العالم وبعد هذا العالم, وتساؤلي نشأت من حين ما تكلم السيد رضوان الله عليه عن الأرواح, في بدايات الكتاب ولم أجد جواب الشافي في ثنايا الكتاب بهذا الشأن, التساؤل هو:
هل أرواحنا التي هي موجودات أمرية, هل وُجدت, لا أقول خلقت, للفرق بين الأمر والخلق, بفيض من الله عز وجل وعن طريق محمد وآل محمد الأطيبين الأطهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؟
لأن بصراحة إلتبس علي الفهم حول معنى هذا الحديث الشريف :
(( إن الله خلق المشيئة بنفسها وخلق الأشياء بالمشيئة ))
وأن إعتقادي هو ان المشيئة الفعلية هي حقيقة محمد وآل محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام وكذلك إعتمادا على هذا الحديث الشريف ( إنا صنائع الله والخلق بعد صنائع لنا ), فإعتقادي كان ومازال ان كل ما في هذا الكون هو بفيض صادر من محمد وآل محمد الأطيبين الأطهرين, أي بنوع من التدريج, ولكن بعد قرائتي للكتاب, صار عندي تساؤل كيف بموجودات الأمرية مثل الأرواح, هي موجودات أمرية أي آنية غير تدريجية ولا واسطة في تكوينها, كما أفهم من, إنما امره إذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون, فكيف يصح ما كنت أعتقده في ان كل فيض في إيجاد أو تكوين أي شيئ هو صادر عنهم صلوات الله عليهم أجمعين, هذا الأمر أشغل تفكيري جدا ولابد من أن أحصل على جواب يطمئن إليه قلبي, حيث أن الربط شائك بين المشيئة وخلق الأشياء بها وقضية أن أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام هم صنائع الله والخلق بعد صنائع لهم, وبين قضية إنوجاد الموجودات الأمرية مثل الأرواح, يعني سائر الخلق مثلي ومثلكم, بشكل آني وبأمر, ( كن), دون التدرج .
وهل لك أن ترشدني إلى كتاب معين يعرفني على مقامات آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين النورية .
وسؤال آخر, ما هي حقيقة عالم الأمر وما الفرق بين عالم الأمر وبين أن يكون هناك موجود أمري, هل هناك فرق بينهما, رجاء أن تبينوا ذلك ببيان مبسط ولكن ليس بسيط .
فأرجوا أن تفصل الجواب وتبين الأمر لي بشكل واضح, أقسم عليك بحق الزهرآء سلام
الله عليها أن لا تقلل من أمر رسالتي هذه , فسأكون شاكر لك ما حييت وأشكر صبرك على ما تقدمه وعن وقتك الذي أخذته منك في سبيل هذا الأمر .
وفقكم الله لكل خير
وأسألكم خالص الدعآء
يا علي
الأخ مرتضى المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشيئة في لسان العرفاء هي عالم الأمر, وخلقها بنفسها يعني خلقها بما لا يتوقف خلقها على شيء قبلها.
وفي عبارة الشيخ المجلسي رحمه الهو لبيان هذا الحديث قال : هذا الخبر الذي هو من غوامض الأخبار يحتمل وجوهاً من التأويل :
الأول : أن لا يكون المراد بالمشيئة الإرادة بل إحدى مراتب التقديرات التي اقتضت الحكمة جعلها من أسباب وجود الشيء كالتقدير باللوح والإثبات فيه, فإن اللوح وما أثبت فيه لم يحصل بتقدير آخر في لوح سوى ذلك اللوح, وإنما وجد سائر الأشياء بما قدر في ذلك اللوح .
الثاني : أن يكون خلق المشيئة بنفسها كناية عن كونها لازمة لذاته تعالى غير متوقفة على تعلق إرادة أخرى بها, فيكون نسبة الخلق إليها مجازاً عن تحققها بنفسها، منتزعة عن ذاته تعالى بلا توقف على مشيئة أخرى . ..
الثالث : ما ذكره السيد الداماد (قدس الله روحه) أن المراد بالمشيئة هي مشيئة العباد لأفعالهم الاختيارية,/ لتقدسه سبحانه من مشيئة مخلوقة زائدة على ذاته عز وجل, ( والمراد ) بالأشياء أفاعيلهم المترتب وجودها على تلك المشيئة, وبذلك تنحل شبهة ربما أوردت ها هنا, هي أنه لو كانت أفعال العباد مسبوقة بإرادتهم لكانت الإرادة مسبوقة بإرادة أخرى وتسلسلت الإرادات لا إلى نهاية . ( انتهى )
وقد ذكر بعض العرفاء أن عالم المشيئة هو عالم الفعل, أي فعل الله عز وجل، والحقيقة المحمدية هي المشيئة الكونية وهي الصادر الأول في عالم التكوين, أما المشيئة التي هي فعل الله فهي المشيئة الإمكانية لأنها قبل التكوين غير معنية, فلما شاء الله تعالى خلق الأشياء صدرت عنها الحقيقية المحمدية التي هي المشيئة الكونية التي هي واسطة النبض فلولاها لما خلق الله الأشياء وبها خلق كل شيء .
أما حديث : ( إنا صنائع الله والخلق بعد صنائع لنا ) وما تعتقده بشأنه فصحيح إن شاء الله تعالى .
حقيقة عالم الأمر كما ذكرنا لك آنفاً هو فعل الله تعالى, وهو عالم الكاف المستديرة على نفسها في قوله تعالى : ( كن ) وهو عالم المشيئة الإمكانية وآدم الأول .. أما الموجودات الأمرية فتعبير آخر عن الموجدات المجردة عن المادة العنصرية والمدة الزمانية ـ كالأرواح والعقول المجردة, قال تعالى : (( وَيَسأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أَمرِ رَبِّي )) (الإسراء :85) .
وأما الكتاب الذي يمكن أن تعرف منه بعض هذا الشأن فهو مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية للسيد الخميني (قدس ) .
ودمتم في رعاية الله