احمد المنصوري - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 بحث مفصل حول عالم الذرّ

بسم الله الرحمن الرحيم هذه مجموعة من التساؤلات حول عالم الذر تضمنتها هذه القصة القصيرة أرجو الإجابة عليها شاكرين لكم جهودكم تساؤلات حول عالم الذر التقت عيناه بعينًي.. وقفَ متسمراً كأنما أصيب بصاعقة..وقفت أتأمل تلك الجثة الماثلة أمامي علـّني أستفهم شيئاً ؟! بعد لحظات من السكون قال لي إني أعرفك من قبل ولكن أين ومتى لا أعلم؟ قلت له يا أخي لكني غريب عن هذه البلدة ولم يسبق لي أن التقيتك في مكان ما!! تأمل الرجل قليلاً ويده تلاعب ذقنه ثم أردف قائلاً: لعلنّي التقيتك في عالم الذر، حينما كنا بين يدي الباري تعالى وقد أخذ ميثاقه منا، قال تعالى: (( وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَأَشهَدَهُم عَلَى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم قَالُوا بَلَى شَهِدنَا أَن تَقُولُوا يَومَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَن هَذَا غَافِلِينَ )) (الأعراف:172). لا أدري لِمَ سرح فكري بعيداً إلى تلك الأجواء المليئة بالطقوس والترانيم الغريبة والنظريات العجيبة حتى لاحت لي عوالم المثل الاستذكارية الأفلاطونية، حينها تساءلت أليس هذه كَتِلك !! تساءلت.. كيف رآني ذلك الرجل وعلى أي هيئة، أكنا صوراً مجردةً خيالية، أم كنا صوراً مادية ًأولية، فإن قلنا مجردة فكيف يُحاط ُ بالمجرد، وإن قلنا مادية، قلنا بخلق المادة قبل الروح !! ثم تساءلت إذا كان ذلك الشيء الذي في عالم الذر قد أخذت أو(أخذ) الميثاق من الخالق.. أستفهمُ من هذا بأنها أو (أنه) كانت عالمة داركة، وكيف كان ذلك العلم أهو على نحو العلم الحضوري أم الحصولي ؟ فأن قلنا بالعلم الحضوري استلزم من هذا أنها أو (أنه) كانت تعلم قبل أن تعلم !! و إن قلنا بالعلم الحصولي، معناه أنها تتبعت و استقرأت حتى بان لها أو (له) الحق الحقيق، وغيرها بان لها أو (له) الخطأ !!يعني أن ذلك الشيء كان لها أو (له) عالم وحياة وخطأ وصواب ولربما منطق أرسطي !!!!. وإذا أخذ ربنا الميثاق من بني آدم كما صرحت الآية فلِمَ لَم يأخذه من آدم أولاً !!! أن أخذ الميثاق يكون من العاقل حتماً فما ذنب فاقد العقل بشتى أنواعه، أليس له الحق بأخذ الميثاق والعهد !!! أو ليس أخذ الميثاق هو الجبر بعينه، فالمؤمن مؤمن، وغير المؤمن هو كذلك مهما فعل..!!! إن وقوف الخلق على كثرتهم ذلك الموقف العظيم وأخذ الميثاق منهم يستلزم أن لا ينسى الآخذ، كما لم ينسى الواقفون بين يدي الباري يوم القيامة على ما حكاه سبحانه في سورة (الصافات:51): (( قَالَ قَائِلٌ مِّنهُم إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ )) ، وفي سورة ص/آية62 (( وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الأَشرَارِ )) وغيرها من الآيات، والواقع أنه ليس منا من يتذكر شيء من ذلك. وعليه فما فائدة خلقنا في عالم الدنيا، أهو التنقل بين العوالم أهو التناسخ !! ما فائدة خلقنا في عالم الدنيا والنتيجة معلومة مسبقاً أو ليس هذا تحصيل حاصل، وما فائدة بعث الله للأنبياء والرسل..!! تساءلت أكنا في ذلك العالم بالقوة أم بالفعل، وماذا نسمي تنقلنا في الأصلاب والأرحام أهو خروج متعدد للقوة والفعل وكيف هذا !!! هل أن عالم الذر قديم أم حادث، فإذا قلنا قديم فهل هو بقدم الذات الإلهية، وإن قلنا حادث فبأي زمن من الأزمان كان هو ذلك العالم..!! تساؤلات مرت علي كالبرق الخاطف،لاحت لي.. بعدها أفقت فلم أجد لصاحبي عين ولا أثر فلقد مضى في سبيله..- لكن تساؤلاتي لم ترحل فلقد ملأت عقلي وكياني علني أجد لها جواباً شافياً....


الأخ احمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته التساؤلات المطروحة في قصتكم القصيرة هذه تفتقر إلى فهم واضح لماهية عالم الذر.. فعالم الذر هو عالم الاستعداد والفطرة، ولا تحسبن أن مورد الميثاق وقبول الأمانة الإلهية في ذلك العالم كان قبول اتفاق وعقد، بل كان قبولاً تكوينياً حسب عالم الاستعداد، وهو أيضاً عالم الأظلة حيث كان الناس فيه على هيئة أشباح أو ظلال النور. وقد اختار (صاحب الميزان) أن عالم الذر هو عالم الملكوت والخزائن، وإن أوردوا عليه إشكالات ليس هاهنا محلها. ثم اعلم أيها الأخ الفاضل أن العلوم في ذلك العالم لم تكن على نحو التفصيل كما هو الحال في عالم الملك، بل كانت بنحو الإجمال، والاستذكار في هذه الدنيا يحصل بنوع من العلاقات بين الإجمال والتفصيل. والإنسان حال حصوله في عالم الدنيا بسبب ورود التعلقات والمشاغل والكثرات ينسى ذلك العالم لأنه يكون مندكاً بعالم المادة فيغيب عنه عالم البساطة والتجرد والإجمال. فإذا صفت نفسه لأي سبب من الأسباب يرى وكأنه قد عاش بعض المواقف أو أنه قد تكرر عليه حال من الأحوال أو شاهد شيئاً ما أو شخصاً ما، وهذه الحالة تعزى إلى ما أشرنا إليه من وجود ربط بين عالم الذر وعالم الملك بنحو العلاقة بين الإجمال والتفصيل. ودمتم في رعاية الله

2