حسن ابو محمد ( 29 سنة ) - السعودية
منذ 3 سنوات

ما هي مواريث النبوة والإمامة

نسمع دائما في سيرة الأئمة عليهم السلام عبارة (مواريث النبوة والإمامة) يتوارثها إمام بعد إمام .. فما المقصود بها ؟ هل هي أمور معنوية كالعلم ونحوه ؟ أم يشمل حتى الماديات من سيف وملابس وأدوات شخصية ؟ وهل يمكن ربط (مواريث النبوة) ببعض الروايات التي يذكر فيها الامام المعصوم أن عنده عصا موسى وخاتم وسليمان وماشابه ذلك ؟ وكذلك رواية أخرى عن الامام العسكري حيث يملك بساطا جعل أحد اصحابه يرى عليها اثار الكثير من الانبياء الذين ذكروا بالاسم في الرواية والائمة ايضا حيث ذكر في الرواية انهم جميعا جلسوا على البساط فهل هذه الامور المادية للانبياء يتوارثها الائمة وفي حوزتهم أيضا ؟؟


المواريث الموجودة عند الإمام عليه‌السلام كثيره نذكر لكم بعضها و هي : ١ ـ عمامة رسول الله وقميصه روي : ( أنّ الإمام المهدي عندما يظهر يكون على رأسه عمامة جدّه صلى‌الله‌عليه‌وآله البيضاء ) ، وهكذا يرتدي قميص جدّه الملطّخ بالدماء في معركة اُحد. كما أشار الإمام الصادق عليه‌السلام إلى ذلك وقال ليعقوب بن شعيب : ( ألا اُريك قميص القائم الذي يقوم به؟ فقلت : بلى. قال : فدعا بقَمطر ففتحه ، وأخرج منه قميص كرابيس ، فنشره فإذا في كمّه الأيسر دمٌ. فقال : هذا قميص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي عليه يوم ضربت رباعيته ، وفيه يقوم القائم. فقبّلت الدم ووضعته على وجهي ، ثمّ طواه أبو عبدالله عليه‌السلام ورفعه ) ٢ ـ درع الرسول وذو فقاره وأشار الصادق عليه‌السلام إلى أنّ وراثة سلاح الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله من علامات الإمامة. قال الحارث بن المغيرة النصري : ( قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : بأي شيء يُعرف الإمام؟ قال : بالسكينة والوقار. قلت : وبأيّ شيء؟ قال : وتعرفه بالحلال والحرام ، وبحاجة النّاس إليه ، ولا يحتاج إلى أحد ، ويكون عنده سلاح رسول الله ... ) ٣ ـ راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده أيضاً راية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله التي جاء بها جبرئيل إليه في يوم بدر ، ولمّا رفعت إنتصر المسلمون ، ولقد حمل الإمام أمير المؤمنين ونشرها يوم الجمل ، وقفأ عين الفتنة ، وأصرّ جماعة من الصحابة على رفع تلك الراية يوم صفّين ، ـ فلم يقبل ذلك ، فقال للحسن : ( يا بنيّ ، إنّ للقوم مدّة يبلغونها ، وإنّ هذه الراية لا ينشرها بعدي إلّا القائم صلوات الله عليه ) قال أبو خالد الكابلي : ( قال لي عليّ بن الحسين ... كأنّي بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ، جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن شماله ، وإسرافيل أمامه ، معه راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد نشرها ، لا يهوى بها إلى قوم إلّا أهلكم الله عزّوجلّ ) ٤ ـ عصى موسى عليه‌السلام روى الصفّار بسنده عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، قال : ( كانت عصى موسى لآدم ، ـ فصارت إلى شعيب ، ثمّ صارت إلى موسى بن عمران ، وإنّها لعندنا ، وإنّ عهدي بها آنفاً ، وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرها ، وإنّها لتنطق إذا استُنطقت ، اُعدّت لقائمنا ليصنع كما كان موسى يصنع بها ، وإنّها لتروّع وتلقف ، قال : إنّ رسول الله لما أراد الله أن يقبضه أورث عليّاً علمه وسلاحه ، وما هناك ، ثمّ صار إلى الحسن والحسين ، ثمّ حين قتل الحسين استودعه اُمّ سلمة ، ثمّ قبض بعد ذلك منها. قال : فقلت : ثمّ صار إلى عليّ بن الحسين ، ثمّ انتهى إليك؟ قال : نعم ) ٥ ـ حَجر موسى عليه‌السلام أمّا الصخرة التي ضرب عليها موسى وخرج منها ماءً معيناً ، فهي عند الإمام المهدي عليه‌السلام. قال الباقر عليه‌السلام : « إذا قام القائم بمكّة وأراد أن يتوجّه إلى الكوفة نادى مناديه : ألا لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً ، ويجمل حجر موسى بن عمران ، وهو وقر بعير ، ولا ينزل منزلاً إلّا انبعث عين منه ، فمن كان جائعاً شبع ، ومن كان ظمآن روي ، فهو زادهم حتّى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة ) ٦ ـ تابوت السكينة وهذا هو ذلك الصندوق الذي أرسله الله تعالى إلى اُمّ موسى ، فوضعت فيه رضيعها وأقته في البحر ، وفي هذا الصندوق وضع فيه موسى عليه‌السلام في آخر أيّام حياته الألواح والسلاح ، وكلّ آثار نبوّته فعلى قول بعض الأعلام : ( كان في ذلك الصندوق صور أنبياء الله ، وكان يحمله بنو إسرائيل في حروبهم ، وكانوا يرزقون الشهادة ببركته ) والحجّة القائم عليه‌السلام عندما يظهر يذهب إلى بيت المقدس ، يخرج ذلك التابوت وخاتم سليمان وألواح موسى عليه‌السلام ٧ ـ مجموعة اُخرى من آثار الأنبياء روى الصفّار القمّي عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن معاوية بن وهب ، عن سعيد السماك ، قال : ( كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام ؛ إذ دخل عليه رجلان من الزيديّة ، فقالا : أفيكم إمام مفترض طاعته؟ فقال : لا. فقالا له : فأخبرنا عنك الثقات إنّك تعرفه ، ونسمّيهم لك ، وهم فلان وفلان ، وهم أصحاب ورع وتشمير ، وهم ممّن لا يكذّبون. فغضب أبو عبدالله عليه‌السلام وقال : ما أمرتهم بهذا ، فلمّا رأيا الغضب في وجهه خرجا. فقال لي : أتعرف هذين؟ قلت : نعم ، هما من أهل سوقنا من الزيديّة ، وهما يزعمان أنّ سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند عبدالله بن الحسن. فقال : كذبا لعنهما الله ، ولا والله ما رآه عبد الله بعينه ، ولا بواحد من عينيه ، ولا رآه أبوه ، إلّا أن راه عند عليّ بن الحسين بن عليّ ، وإن كانا صادقَين فما علامة في مقبضه ، وما لا ترى في موضع مضربه ، وإنّ عندي لسيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ودرعه ولامته ومغفره ، فإن كانا صادقَين فما علامة في درعة ، وإنّ عندي لراية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المغلبة ، وإنّ عندي ألواح موسى وعصاه ، وإنّ عندي لخاتم سليمان بن داود ، وإنّ عندي الطست الذي كان يقرّب بها موسى القربان ، وإنّ عندي الإسم الذي كان إذا أراد رسول الله أن يضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشّابة ، وإنّ عندي التابوت التي جاءت به الملائكة تحمله ، ومثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل أهل بيت وقف التابوت على باب دارهم اُوتوا النبوّة كذلك ، ومن صار إليه السلاح منّا اُوتي الإمامة ، ولقد لبس أبي درع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخطّت على أرض خطيطاً ، ولبستها أنا فكانت ، وقائمنا ممّن إذا لبسها ملأها إن شاء الله ) واُشير أيضاً في بعض الأحاديث إلى آثار اُخرى ، كما عن الامام الصادق عليه السلام وغيره من المعصومين ، مثل : درع رسول الله ولواه ، وقميص آدم ، وكتب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونعل رسول الله ، وخاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والجفنة التي اُهديت إلى رسول الله ملأ لحم وثريد ، وقميص إبراهيم ويوسف ، وإن كلّ ذلك موجود ومذخور عند قائم آل محمّد عليهم‌السلام. ٨ ـ الكتب السماويّة لقد وصلت جميع الكتب السماويّة إلى يد العترة الطاهرة عن طريق الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجميعها موجودة الآن عند آخر الذخائر الإلهيّة ، أي الحجّة القائم المهدي عليه‌السلام. وسيأتي بكلّ ذلك عندما يخرج من وراء ستار الغيبة. قال الصادق عليه‌السلام لأبي بصير : ( يا أبا محمّد ، إنّ الله لم يعط الأنبياء شيئاً إلّا وقد أعطى محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله جميع ما أعطى الأنبياء ، وعندنا الصحف التي قال الله : ( صحف إبراهيم وموسى ) (19). قلت : جعلت فداك ، وهي الألواح؟ قال : نعم ) ٩ ـ القرآن الذي جمعه عليّ عليه‌السلام لمّا ارتحل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بقي عليّ عليه‌السلام حليف البيت يجمع القرآن بأمر منه ، ولما فرغ من جمعه حمل القرآن إلى المسجد وعرضه على أبي بكر ، فقال له عمر : يا عليّ ، اردده فلا حاجة لنا به ، فأخذه عليه‌السلام وانصرف ... فلمّا استخلف عمر سأل عليّاً أن يدفع إليهم القرآن ... فقال : يا أبا الحسن ، إن جئت بالقرآن الذي كنت قد جئت به إلى أبي بكر حتّى نجتمع عليه. فقال عليه‌السلام : هيهات ، ليس إلى ذلك سبيل ، إنّما جئت به ليقوم الحجّة عليكم ، ولا تقولوا يوم القيامة : إنّا كنّا عن هذا غافلين ، أو تقولوا : ما جئتنا به ، إنّ القرآن الذي عنده لا يمسّه إلّا المطهّرون والأوصياء من ولدي. قال عمر : فهل لإظهاره وقت معلوم؟ فقال : نعم ، إذا قام القائم من ولدي يظهر ويحمل النّاس عليه فتجري السنّة ... ) وعنده أيضاً جميع آثار المعصومين وكتبهم ، كالصحيفة الجامعة التي هي بإملاء رسول الله ، وخطّ الإمام أمير المؤمنين ، وكتاب عليّ ، ومصحف فاطمة ، والجفر الأبيض ، والجفر الأحمر ، والصحيفة التي فيها أسماء جميع الأنبياء والملوك ، وأتباع أهل البيت ، وغير ذلك ، وقد تصدّى الصفّار القمّي رحمه‌الله لجمع هذه الروايات والأحاديث عن النبيّ وأهل البيت في كتابه بصائر الدرجات ، فراجع. وقفة قصيرة : فإن قيل : فما فائدة هذه المواريث التي عند الإمام المهدي عليه‌السلام مثلا ؟ قلنا : لقد مرّ عليك أنّ بعض هذه المواريث يستخدمه القائم عليه‌السلام عندما يظهر للغلبة والنصر على الأعداء كما استخدمه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام للغلبة على الأعداء في بدر ، ولإطفاء نار الحرب في الجمل ، وهي الراية التي جاء بها جبرئيل إلى رسول الله في غزوة بدر. وهكذا شأن تابوت السكينة الذي كان مع بني إسرائيل للغلبة على الأعداء ، وحجر موسى عليه‌السلام. وتدلّ هذه المواريث أيضاً على إمامته ، حيث كانت كلّها بيد من تقدّمه من الأئمّة الهداة ، تدلّ أيضاً تقدّمه على سائر النّاس في زمانه. فلو علم اليهود ـ مثلاً ـ أنّ عنده عصا موسى وألواحه وتابوت السكينة وغيرها من آثار الأنبياء ، وخصوصاً آثار موسى عليه‌السلام لآمنوا به ، وتركوا الحرب والتخاصم معه. وهكذا لو علمت النصارى بنزول عيسى إلى الأرض ، وكسره الصليب ، وصلاته خلف المهدي عليه‌السلام لآمن به أكثرهم إلّا ما شذّ وندر. ولو قيل : إنّه مرّ علينا أنّ عصا موسى عند الإمام المهدي عليه‌السلام ، وهي خضراء كهيئتها ، فكيف يمكن أن تبقى هذه العصا خضراء وقد مرّ عليها آلاف من السنين ولم تتغيّر. قلنا : إنّ الله لمّا أمات الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها ، فقال : أنّى يحيي هذه الله بعد موتها ، وأحياه الله بعد مائة عام ، قال له : فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنّه ، أي لقد مرّ على طعامك وشرابك هذه الأعوام ولم يتغيّر طعمه ولا لونه ولا رائحته. فما هو جوابك في هذا المقام ، فكان الجواب هو الجواب.