هاني علي ( 50 سنة ) - الولايات المتحدة
منذ 3 سنوات

الإيمان و الشرك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سوالي هو حول الآية القرآنية(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ)صدق الله العلي العظيم، كيف يكون المؤمن مشرك و العياذ بالله ! أم لها تأويل آخر ؟


قوله تعالى: ﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾ الضمير في ﴿أكثرهم﴾ راجع إلى الناس باعتبار إيمانهم أي أكثر الناس ليسوا بمؤمنين وإن لم تسألهم عليه أجرا وإن كانوا يمرون على الآيات السماوية والأرضية على كثرتها والذين آمنوا منهم - وهم الأقلون - ما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم متلبسون بالشرك. وتلبس الإنسان بالإيمان والشرك معا مع كونهما معنيين متقابلين لا يجتمعان في محل واحد نظير تلبسه بسائر الاعتقادات المتناقضة والأخلاق المتضادة إنما يكون من جهة كونها من المعاني التي تقبل في نفسها القوة والضعف فتختلف بالنسبة والإضافة كالقرب والبعد فإن القرب والبعد المطلقين لا يجتمعان إلا أنهما إذا كانا نسبيين لا يمتنعان الاجتماع والتصادق كمكة فإنها قريبة بالنسبة إلى المدينة بعيدة بالنسبة إلى الشام، وكذا هي بعيدة من الشام إذا قيست إلى المدينة قريبة منه إذا قيست إلى بغداد. والإيمان بالله والشرك به وحقيقتهما تعلق القلب بالله بالخضوع للحقيقة الواجبية وتعلق القلب بغيره تعالى مما لا يملك شيئا إلا بإذنه تعالى يختلفان بحسب النسبة والإضافة فإن من الجائز أن يتعلق الإنسان مثلا بالحياة الدنيا الفانية وزينتها الباطلة وينسى مع ذلك كل حق وحقيقة، ومن الجائز أن ينقطع عن كل ما يصد النفس ويشغلها عن الله سبحانه ويتوجه بكله إليه ويذكره ولا يغفل عنه فلا يركن في ذاته وصفاته إلا إليه ولا يريد إلا ما يريده كالمخلصين من أوليائه تعالى. وبين المنزلتين مراتب مختلفة بالقرب من أحد الجانبين والبعد منه وهي التي يجتمع فيها الطرفان بنحو من الاجتماع، ومن الدليل على ذلك الأخلاق والصفات المتمكنة في النفوس التي تخالف مقتضى ما تعتقده من حق أو باطل، والأعمال الصادرة منها كذلك ترى من يدعي الإيمان بالله يخاف وترتعد فرائصه من أي نائبة أو مصيبة تهدده وهو يذكر أن لا قوة إلا بالله، ويلتمس العزة والجاه من غيره وهو يتلو قوله تعالى: ﴿إن العزة لله جميعا﴾ ويقرع كل باب يبتغي الرزق وقد ضمنه الله، ويعصي الله ولا يستحيي وهو يرى أن ربه عليم بما في نفسه سميع لما يقول بصير بما يعمل ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وعلى هذا القياس. والمراد بالشرك في الآية بعض مراتبه الذي يجامع بعض مراتب الإيمان وهو المسمى باصطلاح فن الأخلاق بالشرك الخفي. فما قيل: إن المراد بالمشركين في الآية مشركوا مكة في غير محله، وكذا ما قيل: إنهم المنافقون، وهو تقييد لإطلاق الآية من غير مقيد. في الرواية عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون قال: " قول الرجل لولا فلان لهلكت، ولولا فلان لأصبت كذا وكذا، ولولا فلان لضاع عيالي "

2