كيف تقول أن المعرفة أعلى رتبة من العلم؟
الله يشير إلى أنه ((يعلم)) الظاهر والباطن ولا يقول ((يعرف)) الظاهر والباطن ومن أسمائه العالم والعليم...ويقول (( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسمَاءَ كُلَّهَا )) ولم يقل ((وعرّف)).. وفي القرآن عموماً تذكر كلمات العلم ويعلم وعالم والعلماء على أنها أسمى أنواع ما يمكن أن يحصل عليه الإنسان ويقول (( وَمَا أُوتِيتُم مِنَ العِلمِ إِلَّا قَلِيلاً )) .. ويقول (( إِنَّمَا يَخشَى اللَّهَ مِن عِبَادِهِ العُلَمَاءُ )) ... فالعلم أعلى رتبة من المعرفة.
الأخ سامي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنما فرقنا بين العلم بالمعنى الاصطلاحي الذي هو حصول صورة الشيء في الذهن وبين المعرفة الاصطلاحية التي هي العلم بحقيقة الشيء لا مجرد صورته، وربما خص بعضهم المعرفة باسم العلم الحضوري، وهو حضور نفس الشيء أو حقيقته لدى العالم لا صورته وهو المعنى الذي فصلناه في جوابنا وميزناه عن العلم وقلنا بأنه إدراك الفؤاد ... المزید يضاف الى ذلك أن معنى العلم يختلف بحسب من ينسب إليه، فالعلم إذا نسب إلى الله تعالى لا يدل على حصول صورة الشيء في الذهن إذ الله تعالى يتنزه عن هذا المعنى بل يدل على حضور الشيء لديه والإحاطة به، ومع ذلك لا يصح أن يقال لله تعالى عارف لسبب سنذكره، وإذا نسب العلم إلى العلماء فإنه لا يعني مجرد الارتسام الذهني، فبعض العلوم تفتقر إلى تعمق ونظر خاص وبعضها يحتاج إلى تدقيق حتى يفهم على الوجه الأكمل وهذا هو العلم الذي يكون سببا لحصول الخشية من الله لأنه الغوص على الدقائق والاطلاع على الأسرار التي تكتنف المعلوم فتتجلى للعالم قدرة الله تعالى فتحصل لديه الخشية المشار إليه في الآية الكريمة... بينما العلم المنسوب إلى عامة الناس هو الارتسام الذهني الذي اشرنا إليه في التعريف الاصطلاحي المنطقي... وأما الفرق بين العلم والمعرفة فبتخصيص المعرفة بإدراك الشيء بآثاره، أو بإدراك الشيء إدراكا يتوصل إليه بتفكر وتدبر، وإطلاق العلم على إدراك الشيء بذاته ويشمل ما يتوصل إليه بتفكر وغيره.
بل المعرفة هي إدراك صفات الشيء وآثاره إدراكاً لو وصل إليه أدرك أنه هو هو؛ لكونه موصوفا بتلك الصفات، فإدراك صفات الشيء وآثاره على هذا النحو معرفة لذلك الشيء، والعلم بالشيء قد لا يكون بمعرفة صفاته، لكن يعتبر في العلم الإحاطة بالمعلوم وحصوله للعالم، ولا يعتبر في المعرفة، ولذلك يقال: عرفت الله، ولا يقال: علمته. ويقال: علم الله، ولا يقال: عرف الله، فلاحظ.
ودمتم في رعاية الله