ما هو العرفان ؟
ومتى ظهر ؟
وهل هو تصوف ؟
وهل هو ميلان الى التصوف ؟
وما الفرق بينه وبين التصوف ؟
وهل هناك حديث عن اهل البيت عليهم التلام فيه ؟
فالذين يعادون الفلسفة والعرفان يحتجون باحاديث من اهل البيت تذم التصوف مثل قول الامام الصادق عليه السلام عندما سئل عن التصوف : "إنهم أعداؤنا، فمن مال إليهم فهو منهم ويحشر معهم، وسيكون أقوام، يدّعون حبنا ويميلون إليهم ويتشبهون بهم، ويلقبون أنفسهم بلقبهم، ويقولون أقوالهم، ألا فمن مال إليهم فليس منا، وإنّا منه براء، ومن أنكرهم ورد عليهم، كان كمن جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله" (سفينة البحار للمحدث القمي ج2 ص57)
و يستدلون بحرمة الفلسفة والعرفان و للنيل من كبار علماء الشيعة بحديث الامام العسكري عليه السلام لابي هشام الجعفري : ”يا أبا هشام! سيأتي زمان على الناس (...) علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف، وأيّم والله: أنهم من أهل العدوان والتحرف، يبالغون في حب مخالفينا، ويضلون شيعتنا وموالينا، فإن نالوا منصبا لم يشبعوا، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء، ألا إنهم قُطّاع طريق المؤمنين والدعاة إلى نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم وليضمن دينه وإيمانه منهم . ثم قال (عليه السلام): يا أبا هشام! هذا ما حدثني أبي عن آبائه عن جعفر بن محمد (عليه السلام) وهو من أسرارنا فاكتمه إلا عند أهله“. (سفينة البحار للمحدث القمي ج2 ص58)
وقولون ان كتب العرفان ليس فيها حديث عن اهل البيت عليهم السلام ويستدلون بذالك على بطلان العرفان
الأخ عابر المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العرفان مشتق من المعرفة وهو ادراك الفؤاد وضدها الإنكار، والمعرفة أعلى رتبة من العلم الذي ضده الجهل، وتحصل المعرفة عند العارف (وهي فيض نور من الله تعالى يشرق في القلب، وهو نور الله الذي ذكره صلى الله عليه وآله: أتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله) من خلال دليل خاص يسمى دليل الحكمة أو دليل الفؤاد، إنّ دليل الحكمة يوصل من يستعمله إلى معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه في نفس الأمر، وهي التي سألها النبي صلى الله عليه وآله من ربه أنْ يُريه إياها حين قال: (اللهم أرني الأشياء كما هي)؛ لأن الأشياء إذا نظرت إليها من حيث هي، مع قطع النظر عن مشخـّصاتها ومميزاتها، كانت مجردة عن كل ما سوى ذواتها. وأما التصوف فهو مشتق من الصوف، إذ جرت عادة المتصوفة لبس ثياب من الصوف فأطلق عليهم المتصوفة أو الصوفية، وهم جماعة من الزهاد ينهجون في عباداتهم طريقة خاصة يزعمون انتهائها إلى امير المؤمنين عليه السلام، وفي هذا الصدد يقول السيد محمد حسين الطباطبائي في تفسير الميزان ج 5 - ص 281: ظهر المتصوفة في أوائل عهد بني العباس بظهور رجال منهم كأبي يزيد والجنيد والشبلي ومعروف وغيرهم. يرى القوم أن السبيل إلى حقيقة الكمال الانساني والحصول على حقائق المعارف هو الورود في الطريقة، وهى نحو ارتياض بالشريعة للحصول على الحقيقة، وينتسب المعظم منهم من الخاصة والعامة إلى علي عليه السلام. وإذا كان القوم يدعون أمورا من الكرامات، ويتكلمون بأمور تناقض ظواهر الدين وحكم العقل مدعين أن لها معاني صحيحة لا ينالها فهم أهل الظاهر ثقل على الفقهاء وعامة المسلمين سماعها فأنكروا ذلك عليهم وقابلوهم بالتبري والتكفير، فربما أخذوا بالحبس أو الجلد أو القتل أو الصلب أو الطرد أو النفي كل ذلك لخلاعتهم واسترسالهم في أقوال يسمونها أسرار الشريعة ولو كان الامر على ما يدعون وكانت هي لب الحقيقة وكانت الظواهر الدينية كالقشر عليها وكان ينبغي إظهارها والجهر بها لكان مشرع الشرع أحق برعاية حالها وإعلان أمرها كما يعلنون، وإن لم تكن هي الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال؟ والقوم لم يدلوا في أول أمرهم على آرائهم في الطريقة إلا باللفظ ثم زادوا على ذلك بعد أن أخذوا موضعهم من القلوب قليلا بإنشاء كتب ورسائل بعد القرن الثالث الهجري، ثم زادوا على ذلك بأن صرحوا بآرائهم في الحقيقة والطريقة جميعا بعد ذلك فانتشر منهم ما أنشأوه نظما ونثرا في أقطار الأرض)) انتهى.
هذا وقد اختلط عند المتأخرين مفهوم التصوف بمفهوم العرفان حتى صار يطلق لفظ العارف على كل من سلك مسلكا باطنيا في عباداته أعم من كونه متصوفا او غيره، والعرفان بمفهومه الشامل للتصوف ينقسم إلى عرفان نظري وعرفان عملي، ومن الاشخاص الذين اشتهروا بالعرفان النظري الشيخ محيي الدين بن عربي، وكل من جاء بعده من اقطاب العرفان عيال عليه ومنهم عبد الكريم الجيلي وجلال الدين الرومي والسيد حيدر الآملي وابن عطاء الله السكندري واضرابهم. وأما العرفان العملي فهو مسلك عبادي غايته تحصيل المقامات وبلوغ الدرجات ويصاحبه في بعض مراحله حصول ما يسمى بالمكاشفات او المشاهدات ويبرز فيه شخص يعد بالنسبة لمريدي السير والسلوك قطب الطريقة ويطلق عليه عادة الشيخ الواصل، ويوصي العرفاء كل من يبتغي السير والسلوك بمتابعة وطاعة ذلك الشيخ، وتشترط المناهج العرفانية أمورا منها العزلة والابتعاد عن الناس والصمت وقلة الاكل وقلة النوم.
والعرفان بهذا المعنى وخاصة في شقه العملي يجانب طريقة اهل البيت عليهم السلام، لأن طريقة أهل البيت هي العمل بالواجبات وتجنب المحرمات والدعاء وقراءة القرآن والاهتمام بأمور المسلمين ومخالطتهم والتزاور بينهم والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومولاة أهل البيت والتبري من اعدائهم، بينما أغلب المتصوفة لا يتبرؤون من اعداء اهل البيت وخاصة الثلاثة الذي اسسوا اساس الظلم والجور عليهم بل يوالونهم ويترضون عليهم فضلا عن كون أغلبهم على غير مذهب اهل البيت في الفقه ... المزید نعم العرفان بالمعنى الأول لا إشكال فيه لأنه عبارة عن طلب الحكمة، ودليل الحكمة يحصل بطريقين الاول: أن يكون العبد مخلصاً لله عز وجل في توحيده وعبادته، بحيث لا يكون له غرض إلاّ رضى الله سبحانه في كل شيء والثاني: هو تزكية النفس وتحصيل مكارم الأخلاق.
ودمتم في رعاية الله