وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
أختي الكريمة، رزقكم الله الفهم والعلم والبصيرة والنورانية في العقل والقلب، والطهارة للروح.
يُعد أهل البيت (عليهم السلام) مصدراً لكلّ خير، ومعدن كلّ علمٍ، فهم المصدر لكلّ علم، ومنهم نبع وإليهم يرجع، حتى ورد في زيارات وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام)، ما يؤيد ذلك أو يدلّ عليه، فقد جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "إنا -أهل البيت- شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وبيت الرحمة، ومعدن العلم ... المزید"، فكلّ علمٍ هم معدنه وأصله، وإليهم يرجع ومنهم يكون. جاء عن رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه وآله): "العلم أكثر من أن يحصى". فمع كونهم معادن العلم، والعلم لا يحصى، فكل علمٍ سيكون عندهم.
إنّ الإنسان وهو ذلك المخلوق العجيب، له من القوى والقدرات ما لا يدرك كنهه وحقيقته، فهو الذي أودع فيه العقل الذي لا حدَّ له، ليطلب من العلم الذي لا حدَّ له كذلك، فعن الأمير (عليه السلام): "العلم أكثر من أن يحاط به".
وعنه (عليه السلام): "شيئان لا تبلغ غايتهما: العلم والعقل".
ومعه، فالإنسان له عقل ظاهر، وعقل باطن، وهما يشكلان للإنسان قوته وقدرته وطاقته، ولا يمكن إنكار ما للإنسان من قدرات وطاقات عجيبة سواء في مجال الخير أو الشر والسوء، فمثلاً للمؤمن فراسة، وله طاقة إيجابية إذ يستريح إليه المؤمن الآخر، وله مع المؤمنين تعارف وتناكر، وجميع هذه لا يمكن أن تنكر. وأمّا من الجانب السيئ فمثل العين والحسد وثقل النفس، وهذه ليس لأحدّ إنكارها حتى وإن لم يكن له معتقد صحيح أو سليم.
إذن يمكن القول أنّ للإنسان طاقاتٍ يمكن أن يؤثر بها على من حوله سلباً أو إيجاباً، وكلنا يجد في نفسه التأثير الكبير فيما لو جالس عالماً من العلماء الدينيين الإلهيين، فهو يتأثر بطاقته الروحية وإن لم يتكلّم معه، وكذا لو جالس شيطاناً من شياطين الإنس فهو يتأثر بطاقته الظلمانية وإن لم يتكلّم معه.
روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "احصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك". وهنا الفعل من العبد نفسه ليحصل القلع من صدر الغير. وعنه (عليه السلام): "إنَّ عليكم رصداً من أنفسكم، وعيوناً من جوارحكم".
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "إن المؤمن يخشع له كل شيء، ويهابه كل شيء ثم قال: إذا كان مخلصاً لله أخاف الله منه كل شيء، حتى هوام الأرض وسباعها وطير السماء وحيتان البحر".
وعنه (عليه السلام): "إن المؤمن من يخافه كل شيء، وذلك أنه عزيز في دين الله، ولا يخاف من شيء، وهو علامة كل مؤمن".
وجميع هذه الروايات توضح قدر المؤمن وتأثيره في غيره وتأثر غيره به، فالهوام والطير والحيتان تهاب وتخشع للمؤمن، يعني هناك هالة وطاقة نورية للمؤمن تجعل غيره يخشع له. فكيف بالإنسان لا يتأثر بالإنسان الآخر!!؟
هذا، ولكن كلّ شيء من تفاعلات وتفعيلات المؤمن تكون خاضعة لمشية الله تعالى، يقول تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ (الإنسان: ٣٠).
وما ننصح به المؤمنين هو أن يكون شغلهم بتعلّم ما هو واجب عليهم، أو سنّة صالحة، أو ما فيه خلاصهم من دنس الأخلاق والأفعال، أو ما فيه كمالهم في الدنيا والآخرة، فقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام): "واعلم أنه لا خير في علم لا ينفع، ولا ينتفع بعلم لا يحق تعلمه".
فيا أخت الإيمان، ليكن الشغل العلمي والعملي، فيما يرجع إلى شخص العبد بالكمال والرقي والنفع.
ودمتم موفقين