الصلاة والسلام على ابي القاسم محمد وال بيته الطاهرين المطهرين...
تحيه طيبه وبعد
انا متشيع من فلسطين .. عندي سؤال تمت مناقشتي عليه بما انني دخلت مذهب اهل بيت الرسول عليهم السلام... وهو في مسألة الصلاة.. حيث انه لماذا نحن الشيعة لا نقرأ الصلاة الابراهيمية في الصلاه بعد التشهد كامله كما يقرئها اخوننا السنة ((اللهم صل على محمد وال محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وال محمد كما باركت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد))
حيث ان بعضا منهم اتهمني وقال لي ان صلاتي غير مقبولة وباطلة لأنها صلاة بتراء لاكتفائي بعد التشهد بقول (اللهم صل على محمد وال محمد) دون اكمال قولي في الصلاة كما صليت على ابراهيم وآل ابراهيم.... كما يقال في الصلاة الابراهيمية التي سبقت وذكرتها في الاعلى بعد التشهد في الصلاة وبعضهم حاججني ان الامر واضح في تسميتها بالصلاة (( الابراهيمية )) فلماذا نحن الشيعة لا نصلي الصلاة الابراهيمية في الصلاة بعد التشهد وقبل التسليم ونكتفي بالقول بعد التشهد اللهم صل على محمد وال محمد, ومن ثم نسلم...
ارجوا منكم اجابتي على سؤالي
وشكرا لكم على هذا الموقع المنير المستنير بهدى العترة المطهرة المباركة
اللهم صل على محمد وال محمد
الأخ أبا هادي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- إن ما زعمه هؤلاء هو نوع من المغالطة والتمويه والتدليس والبدعة, إذا لم يطلق أحد من العلماء السنة على من صلى على محمد وآل محمد بانه صلى عليهم بالصلاة البتراء بل ولم يعترضوا على من لم يصلي عليهم ألبتة.
حيث قال إبن قدامة ( إمام الحنابلة والسلفية ) في شرحه الكبير على المغني (1/579): وفي وجوب الصلاة على النبي (ص) روايتان أصحهما وجوبها، وهو قول الشافعي وإسحاق (والثانية) إنها سنة, قال المروذي: قلت لأبي عبد الله ( يعني أحمد بن حنبل ): ابن راهويه (يعني إسحاق) يقول لو أن رجلاً ترك الصلاة على النبي (ص) في التشهد بطلت صلاته, فقال (أحمد): ما أجترئ أن أقول هذا, وقال في موضع: هذا شذوذ, وهو قول مالك والثوري وأصحاب الرأي ( يعني القول باستحباب الصلاة وليس وجوبها ).
ثم قال إبن قدامة بعد ذلك مباشرة: قال إبن المنذر: وهو قول جل أهل العلم إلا الشافعي, وبه قال إبن المنذر قال: لأني لا أجد دليلاًُ بوجوب الإعادة على من تركها. إهـ
فأين الاتفاق على وجوب الصلاة على النبي عندهم؟ وأين بطلان الصلاة لو تركها رأساً كي يدعي هؤلاء بعد ذلك بطلان صلاة الشيعة لتركهم الصلاة الإبراهيمية التي لم ترد مثل هذه الصيغة عند الشيعة أصلاً مع تميزهم بالتمسك بالصلاة على النبي وآله أكثر من غيرهم؟
2- قد ورد عند السنة أيضاً أحاديث وأقوال علمائهم تنص على وجوب الصلاة على النبي (ص) مطلقاً دون تقييد بالصلاة الإبراهيمية, فكيف يدعى مع ذلك بطلان الصلاة غير الإبراهيمية مع ما تعارف عند أكثرهم من الإكتفاء بالصلاة على النبي (ص) دون قرن آله معه فكيف يصلون بالصلاة الإبراهيمية التامة الكاملة مع عدم ذكر الآل فيها؟؟!
ونذكر بعض الأحاديث والأقوال لإثبات ذلك فنقول وبالله التوفيق:
أ- ما رواه أحمد في مسنده والترمذي في جامعه وأبو داود في سننه والحاكم في مستدركه وصححه ووافقه الذهبي عن فضالة بن عبيد الأنصاري: أن رسول الله (ص) رأى رجلاً ولم يحمد الله ولم يمجده ولم يصل على النبي (ص) وانصرف فقال رسول الله (ص): عجّل هذا, فدعاه فقال له ولغيره: (إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ثم ليصل على النبي (ص) ثم يدعو بما شاء).
ب- وروى الحاكم عن أبي ألأحوص وأبي عبيدة وصححه قالا: قال عبد الله بن مسعود:(يتشهد الرجل ثم ليصلي على النبي (ص) ثم يدعو لنفسه).
ج- ثم ذكر الحاكم عن سهل بن سعد الساعدي ان النبي (ص) كان يقول: (لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر الله عليه ولا صلاة لمن لم يصلِّ على نبي الله في صلاته).
د- وقال النووي في شرح مسلم (4/123): باب الصلاة على النبي (ص) بعد التشهد: إعلم أن العلماء أختلفوا في وجوب الصلاة على النبي (ص) عقب التشهد الأخير في الصلاة فذهب أبو حنيفة ومالك والجماهير إلى أنها سنة لو تركت صحت الصلاة, وذهب الشافعي وأحمد إلى انها واجبة لو تركت لم تصح الصلاة وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وهو قول الشعبي وقد نسب جماعة الشافعي في هذا إلى مخالفة الإجماع ولا يصح قولهم فإنه مذهب الشعبي كما ذكرنا. ثم قال النووي بعد أن ذكر حديثي أبي مسعود الأنصاري وفضالة ( الذي ذكرناه ايضاً) كدليل على الوجوب: وهذان الحديثان وإن اشتملا على مالا يجب بالإجماع كالصلاة على الآل والذرية والدعاء فلا يمتنع الاحتجاج بها فإن الأمر للوجوب فإذا أخرج بعض ما يتناوله الأمر عن الوجوب بدليل بقي الباقي على الواجب والله أعلم.
فمن الواضح من كلام النووي هذا أن الصلاة على الآل غير واجبة وبالإجماع عندهم فكيف يدعي هؤلاء أن الصلاة على النبي وآله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين صلاة بتراء لكوننا لا نشبهها بالصلاة على إبراهيم وآل إبراهيم !؟
3- صرح النووي أن الصلاة على الآل غير واجبة حيث قال في المجموع (3/465): وفي وجوبها (الصلاة) على الآل وجهان (الصحيح) المنصوص وبه قطع جمهور الأصحاب أنها لا تجب والثاني تجب ولم يبين الجمهور قائله من أصحابنا ثم قال النووي: وأما أقل الصلاة فقال الشافعي والأصحاب هو أن يقول اللهم صلي على محمد فلو قال صلى الله على محمد فوجهان حكاهما صاحب الحاوي قال: وهما كالوجهين في قوله (عليكم السلام), والصحيح أنه يجزئه وبه قطع صاحب التهذيب وفي هذا دليل على انه لو قال: اللهم صل على النبي أو على احمد أجزأه, قال: وفي وجه: يكفي أن يقول صلى الله عليه والكناية ترجع إلى قوله في التشهد: وأشهد أن محمداً رسول الله, قال: وهذا نظر إلى المعنى, وقال القاضي حسين في تعليقه لا يجزئه أن يقول: اللهم صل على أحمد أو النبي بل تسمية محمد (صلى الله عليه وسلم) واجبة، قال البغوي وغيره: وأقل الصلاة على الآل اللهم صلي على محمد وآله ويشترط أن يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله بعد فراغه من التشهد والله أعلم. أهـ
فهل يرى هؤلاء المدلسون الجهلة المتلاعبون بالدين من المبتدعة أن كل هؤلاء العلماء يصلُّون بالصلاة البتراء؟ فأتونا بقائل بمثل قولكم إن كنتم صادقين !!
وقال إبن قدامة في شرحه الكبير على المغني (1/581 ): قال القاضي: ظاهر كلام أحمد أن الصلاة واجبة على النبي (ص) حسب, لأن أبا زرعة الدمشقي حكى عن أحمد أنه قال: كنت أتهيب ذلك يعني القول بوجوب الصلاة ثم تبينت فإذا الصلاة واجبة فذكر الصلاة حسب, وهذا مذهب الشافعي ولهم في وجوب الصلاة على آله وجهان, وقال بعض أصحابنا تجب الصلاة على ما في خبر كعب لأنه أمر به والأمر يقتضى الوجوب, قد ذكرنا ما يدل على خلاف قولهم والنبي (ص) إنما أمرهم بهذا حين سألوه ولم يبتدئهم به .
فأين وجوب الصلاة على آل النبي (ص) عندكم أصلاً حتى تزعموا أن الشيعة يصلون على النبي وآله بالصلاة البتراء؟! فما لكم كيف تحكمون؟!
4- ونذكر الآن تفسيرهم للآل حتى يتبين من يحب أهل البيت ومن يبغضهم: قال صاحب المغني وكذا الشرح الكبير عليه (1/582): (فصل) آل النبي صلى الله عليه وسلم أتباعه على دينه كما قال تعالى (آل فرعون) يعني أتباعه من أهل دينه, وقد جاء عن النبي (ص) أنه سئل من آل محمد؟ قال: (كل تقي) أخرجه تمام في فوائده, وقيل: آله: أهله . فلو قال: على أهل محمد مكان آل, أجزأه عند القاضي وقال معناها واحد ولذلك لو صغر قيل أهيل.وقال ومعناها جميعاً: أهل دينه, وقال ابن حامد أبو حفص: لا يجزئ لما فيه من مخالفة الأثر وتغيير المعنى فإن الأهل يعبر به عن القرابة, والآل عن الأتباع في الدين والله أعلم.اهـ
فانظر أيها المنصف لهذا التحريف لدين الله وتجريد أهل البيت (ع) عن فضائلهم وخصائصهم وما حباهم الله به من مزايا ومنازل فضلهم بها على العالمين فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون؟!
5- قد روى السنة عن ابن مسعود عند الدارقطني عن النبي (ص): ( من صلى صلاة لم يصل بها عليِِِِ وعلى أهل بيتي لم تقبل منه ) ثم قال الدارقطني: الصواب أنه من قول أبي جعفر محمد بن الحسين لو صليت صلاة لم أصل فيها على النبي (ص) ولا على أهل بيته لرأيت أنها لا تتم.
راجع الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض (2/64) وتفسيرالقرطبي (14/236) والسنن الكبرى للبيهقي (2/279)
وقال جابر بن عبدالله الأنصاري: لو صليت صلاة لم أصلِّ فيها على محمد وعلى آل محمد ما رأيتُ أنها تُقبل. ذخائر العقبى (ص19) وتفسير القرطبي (14/236).
وعن علي (ع): الدعاء محجوب عن الله حتى يصلى على محمد وأهل بيته. رواه البيهقي في شعب الإيمان والسيوطي في الجامع الصغير (1/656) وكنز العمال وغيرهم.
ورواه الطبراني كما أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد (10/160) وقال: ورجاله ثقات عن علي (ع) بلفظ: كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد وعلى آل محمد (اللهم صلي على محمد وآل محمد). وعن علي (ع) أيضاً عند البيهقي وابن عساكر: الدعاء والصلاة معلق بين السماء والأرض لا يصعد الله منه شيء حتى يصلى عليه (ص) وعلى آل محمد.
ونختم بذكر حديث الصلاة البتراء فقد وجدنا إبن حجر المكي يذكره في صواعقه المحرقة بقوله: ويروى: لا تصلوا علي الصلاة البتراء فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون اللهم صل على محمد وتمسكون, بل قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد.
فتبين أن أكثر الروايات تطلق الصلاة على محمد وآل محمد دون الصلاة الإبراهيمية ولم يدع عالمٌ واحد بأن من لم يصل بالإبراهيمية فصلاته بتراء, بل أن كل المسلمين يصلون عليه (ع) في أثناء ذكر رسول الله (ص) بغير الصلاة الإبراهيمية بل ذكر إبن حجر في صواعقه أن البتراء هي التي يصلى فيها على النبي (ص) دون أهل بيته كما تفعلون ذلك أنتم دائماً ولم يدع أحد بأن مثل هذه الصلاة على النبي (ص) بتراء فكيف يبتدع هؤلاء مثل هذا القول تدليساً وتدجيلاً وتمويهاً ؟!!
ودمتم في رعاية الله