حازم صالح - السودان
منذ 5 سنوات

 كيفية الصلاة

ورد من طرق الشيعة ما يصحح الوقت الذي يفطر فيه أهل السنة وتحين فيه صلاة المغرب عندهم فقد روى الشيخ محمد بن علي بن بابوية القمي الملقب بالصدوق في كتابه المعتمد عند الشيعة فقيه من لا يحضره الفقيه (دار الكتب الإسلامية طهران / إيران) عن الصادق قال: (إذا غابت الشمس فقد حل الإفطار ووجبت الصلاة) وذكر هذه الرواية شيخهم الحر العاملي في (وسائل الشيعة 7 /90 دار إحياء التراث العربي بيروت). وروى الحر العاملي في وسائل الشيعة ?7 ? 87 عن ?راراة قال: (قال أبو جعفر وقت المغرب إذا غاب القرص. وعن أبي أسامة الشحام قال: (قال رجل لأبي عبد الله أُأَخر المغرب حتى تستبين النجوم؟ قال: فقال: خطابية؟ إن جبرائيل نزل بها على محمد صلى الله عليه ?آله وسلم حين سقط القرص) اخرج هذه الرواية الشيخ الشيعي المهاجر العاملي حبيب آل إبراهيم في كتابه الحقائق في الجوامع والفوارق 2 /383 1 المؤسسة الإسلامية للنشر بيروت 1407هـ. فالعبرة بغياب الشمس الشيعة وروى الصدوق في كتاب فقيه (من لا يحضره الفقيه 1 /142) عن أبي عبد الله قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي المغرب ويصلي معه حي من الأنصار يقال لهم بنو سلمة منازلهم على نصف ميل فيصلون معه ثم ينصرفون إلى منازلهم وهم يرون مواضع سهامهم). فانظر كيف أنه فرغ من الصلاة وذهب بنو سلمة إلى منازلهم وهم يرون مواضع سهامهم. وروي الصدوق في الموضع نفسه عن زيد الشحام قال: (صعدت مرة جبل أبي قيس والناس يصلون المغرب فرأيت الشمس لم تغب وإنما توارت خلف الجبل عن الناس فلقيت أبا عبد الله فأخبرته بذلك فقال لي: ولم فعلت ذلك؟ بئس ما صنعت إنما تصليها إذا لم ترها خلف جبل غابت أو غارت ما لم يتجللها سحاب أو ظلمة تظلها فإنما عليك مشرقك ومغربك ليس على الناس أن يبحثوا). وأخرج المهاجر العاملي في (الحقائق في الجوامع والفوارق 2 /373) عن الفضل بن شاذان عن الرضا قال: (إنما جعلت الصلاة في هذه الأوقات ولم تقدم ولم تؤخر ?أن الأوقات المشهورة المعلومة التي تعم أهل الأرض فيعرفها الجاهل والعالم أربعة، غروب الشمس مشهور معروف تجب عنده المغرب...). وهل يفعل أهل السنة غير هذا؟ وهل فعل صاحب الرضوي غير هذا؟ نقل الشيخ البروجردي في جامع أحاديث الشيعة (9 /165) عن صاحب الدعائم قوله: (روينا عن أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين بإجماع فيما علمناه من الرواة عنهم أن دخول الليل الذي يحل الفطر للصائم).


الأخ حازم المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الروايات في تحديد الغروب ووقت صلاة المغرب كثيرة. فمنها ما تدل على أن وقت استتار القرص وغيبوبة الشمس إنما هو بذهاب الحمرة المشرقية. ومنها ما تدل على الأمر بالمساء بصلاة المغرب، وأن فعلهم (عليهم السلام) لها عند استتار القرص، إنما كان لأجل التقية. وفي قبال هذا هناك أخبار تدل على أن وقت المغرب إنما هو باستتار القرص، وهي على طوائف خمس وقد أجاب النائيني (رضوان الله عليه) عنها في كتبه 1/59، بقوله: (والذي يقتضيه النظر الصحيح في الجمع بينها، هو الأخذ بما دل على اعتبار ذهاب الحمرة المشرقية فإن ما دل على خلافها من كون العبرة بغيبوبة الشمس والقرص لا يقاومه من جهات). وقال في مناقشة الطوائف الخمس: أما الطائفة الأولى الدالة على دخول الوقت بغيبوبة الشمس واستتار القرص بقول مطلق من غير ضميمة فهي محكومة بالطائفة الأولى من تلك الأخبار، التي حددت استتار القرص وغيبوبة الشمس بذهاب الحمرة المشرقية. وقد تقدم في الأمر الثالث أنه لا يعامل في ما ورد من التحديدات الشرعية للموضوعات العرفية معاملة المعارض، بل تكون حاكمة على الظاهر الأولي من الموضوع، ومقيدة لاطلاقه، ومبينة للمراد منه. وكيف يعامل معاملة التعارض بين ما دل على دخول الوقت بغيبوبة الشمس بقول مطلق، وبين ما دل على أن غيبوبة الشمس إنما يتحقق بذهاب الحمرة المشرقية ؟ وهل يتوقف أحد في كون الثاني مفسرا للأول ومبينا له ؟ ولأبعد في إرادة ذهاب الحمرة أيضا من استتار القرص، ولم يكن الكلام خارجا عن المتعارف لأن الحمرة من توابع القرص وملحقاته، وقد عرفت في الأمر الثاني من أن إرادة التوابع أيضا من لفظ المتبوع لا يستلزم المجازية، فضلا عن خروج الكلام عما هو المتعارف، فالطائفة الأولى من هذه الأخبار محكومة طرا بالطائفة الأولى من تلك الأخبار. وأما الطائفة الثانية من هذه الأخبار المشتملة على فعله عليه السلام صلاة المغرب عند غيبوبة الشمس مع منعه من أن يمسي بالمغرب فبعد ما عرفت من أن غيبوبة الشمس قد فسرت بذهاب الحمرة بمقتضى الطائفة الأولى من تلك الأخبار فلا دلالة فيها على كون فعله (عليه السلام) إنما كان عند غياب الشمس مع عدم ذهاب الحمرة، بل مقتضى التفسير أن فعله كان بعد ذهاب الحمرة، ولا ينافيه المنع من أن يمسي بالمغرب، إذ لعل المراد بـ(يمسي) هو فعلها بعد سقوط الشفق. ولعل المصاحب كان من أصحاب أبي الخطاب، واحتمال ذلك يكفي في سقوط الاستدلال بها، ولا ينافي أيضا ما ذكرنا من أن المراد بقوله عليه السلام (إنما علينا أن نصلي إذا غربت الشمس) في غروبها مع ذهاب الحمرة، ما في ذيل الرواية (وعلى أولئك أن يصلوا إذا غربت الشمس عنهم) بداهة أنه ربما تذهب الحمرة عن مكان، بل يسقط الشفق أيضا، مع عدم غيبوبة الشمس في مكان آخر، فهذه الطائفة أيضا غير معارضة لما دل من اعتبار ذهاب الحمرة. وأما الطائفة الثالثة الدالة على فعل الصادق عليه السلام لها مع بقاء شعاع الشمس فلا بد من حملها على التقية، لأن في نفس الرواية دلالة على أن فعل الصلاة في ذلك الوقت كان من شعار العامة بحيث كانوا يعرفون به، حتى أن القوم قبل معرفة الإمام عليه السلام كانوا يدعون عليه، ويتخيلون أنه شاب من شباب المدينة، فما هذا شأنه كيف يمكن الاستدلال به ؟ فلا بد من حمل جميع ما ورد بالتحديد بغيبوبة الشمس على التقية. ويؤيد ذلك الطائفة الرابعة حيث عبر فيها باستتار الكرسي تارة وباستتار القرص أخرى، فإنه يعلم منه أن الإمام عليه السلام كان بصدد الطفرة عن الجواب حتى أن السائل كرر سؤاله، فالتجأ الإمام عليه السلام بتحديد استتار القرص بأنه إذا نظرت إليه لم تره، مع احتمال أن يكون ضمير (إليه) راجعا إلى القرص بتوابعه من الحمرة، وإن كان خلاف الظاهر. وأما الطائفة الخامسة فلا دلالة فيها أيضا، لأن قوله عليه السلام (وقت المغرب ما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق (أو) اشتباك النجوم) بعد تحديد غيبوبة الشمس في تلك الأخبار بذهاب الحمرة، لا يكون له ظهور في كون غروب الشمس غروب نفس الجرم، ولو كان له هذا الظهور مع قطع النظر عن ذلك التحديد. نعم لو لم يكن بين ذهاب الحمرة وسقوط الشفق أو اشتباك النجوم فصل لما أمكن حمل الغروب على ذهاب الحمرة، إلا أن الأمر ليس كذلك. فتحصل مما ذكرنا: أنه لا معارضة بين الأخبار حتى تصل النوبة إلى المرجحات السندية، لأن ما دل على التحديد بغروب الشمس أو استتار القرص، إما محكومة بما دل على أن الغيبوبة إنما تحصل بذهاب الحمرة وهي أكثرها، وإما محمولة على التقية، لاشتمالها على قرينة تدل على ذلك، وقد تقدم في الأمر الرابع أن ملاحظة المرجحات إنما هو بعد الفراغ عن جريان الأصول الجهتية. ولو أغمضنا عن ذلك كله وقلنا بالمعارضة فلا إشكال أيضا في أن الترجيح على ما دل على اعتبار ذهاب الحمرة، لا من جهة الأكثرية والأشهرية، بل من جهة مخالفتها للعامة، بخلاف ما دل على أن العبرة باستتار القرص، فإنها موافقة للعامة ويجب طرحها. ودمتم في رعاية الله