صالح - السعودية
منذ 5 سنوات

 الكلام في عدالة الصحابة في النقل

وجدت في تفسير البغوي عند سورة طه آية 85 قال : (( قَالَ فَإِنَّا قَد فَتَنَّا قَومَكَ مِن بَعدِكَ )) أي : ابتلينا الذين خلفتهم مع هارون، وكانوا ستمائة ألف، فافتتنوا بالعجل غير اثني عشر ألفا (( مِن بَعدِكَ )) أي : من بعد انطلاقك إلى الجبل . (ص: 289) (( وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ )) أي : دعاهم وصرفهم إلى عبادة العجل وأضافه إلى السامري لأنهم ضلوا بسببه . ووجدت في تفسير الدر المنثور في تفسير سورة طه: وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن علي رضي الله عنه قال: لما تعجل موسى إلى ربه، عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلي بني إسرائيل فضربه عجلاً، ثم ألقى القبضة في جوفه، فإذا هو عجل جسد له خوار فقال لهم السامري: (( هَذَا إِلَهُكُم وَإِلَهُ مُوسَى )) فقال لهم هارون: (( يَا قَومِ أَلَم يَعِدكُم رَبُّكُم وَعدًا حَسَنًا )) فلما أن رجع موسى أخذ رأس أخيه، فقال له هارون ما قال، فقال موسى للسامري: (( مَا خَطبُكَ )) فقال: (( فَقَبَضتُ قَبضَةً مِن أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَت لِي نَفسِي )) فعمد موسى إلى العجل، فوضع عليه المبارد فبرده وهو على شطر نهر، فما شرب أحد من ذلك الماء - ممن كان يعبد ذلك العجل - إلا اصفر وجهه مثل الذهب! فقالوا: يا موسى، ما توبتنا؟ قال: يقتل بعضكم بعضاً، فأخذوا السكاكين، فجعل الرجل يقتل أباه وأخاه وابنه، لا يبالي من قتل، حتى قتل منهم سبعون ألفاً! فأوحى الله إلى موسى: مرهم فليرفعوا أيديهم، فقد غفرت لمن قتل، وتبت على من بقي. 1- ما هي رواياتنا نحن في هذا الجانب؟ هل هي متطابقة؟ 2-هل في هذه الروايات، دلالة إمكان ضلال الكثير من الأمة في شأن إمامة وخلافة الإمام علي عليه السلام؟ 3- هل مات كل من خالف في الامام علي عليه السلام على مخالفته أم أن هناك الكثير رجعوا إلى الرشد وأقر بمنزلة أهل البيت عليهم السلام حينما وصل الأمر إلى الإمام بعد عثمان ؟ 4- هل المخالفة ممن خالف كانت من الكل عن قصد قلبي، أم أن فيهم أو أغلبهم من قبيل ( قلوبهم معك وسيوفهم عليك)؟؟


الأخ صالح المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولاً: رواياتنا في هذا الجانب تفيد باختصار انه كان من المقرر ان يذهب النبي موسى(عليه السلام) الى الطور لتلقي احكام التوراة ويصطحب معه جماعة من بني اسرائيل غير ان شوق موسى (عليه السلام) الى المناجاة مع الله وسماع الوحي كان قد بلغ حدا بحيث نسي - حسب الروايات- حتى الاكل والشرب والاستراحة فطوى الطريق بسرعة ووصل لوحده قبل الاخرين خلال الاربعين ليلة صنع السامري العجل من حلي بني اسرائيل . وما ان وقعت عينا موسى(عليه السلام) على منظر عبادة العجل (( يَا قَومِ أَلَم يَعِدكُم رَبُّكُم وَعدًا )) (طه:86) وهذا الوعد الحسن وعد بني اسرائيل بنزول التوراة وبيان الاحكام السماوية فيها او الوعد بالنجاة والانتصار على الفراعنة ووراثة حكومة الارض او الوعد بالمغفرة والعفو للذين يتوبون ويؤمنون ويعملون الصالحات او انه كل ذلك. ثم خاطب موسى(عليه السلام) اخاه هارون (( مَا مَنَعَكَ إِذ رَأَيتَهُم ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ )) (طه:92-93) افلم اقل لك ان (( اخلُفنِي فِي قَومِي وَأَصلِح وَلَا تَتَّبِع سَبِيلَ المُفسِدِينَ )) (الاعراف:142) فلماذا لم تهب لمحاربة عبادة العجل هذه؟ ثم اضاف (( أَفَعَصَيتَ أَمرِي )) (طه:93)؟ وقد اخذ برأسه ولحيته يجره اليه فلما رأى هارون غضب اخيه قال له : لتهدئته وليبين عذره وحجته-: (( قَالَ يَا ابنَ أُمَّ لَا تَأخُذ بِلِحيَتِي وَلَا بِرَأسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقتَ بَينَ بَنِي إِسرَائِيلَ وَلَم تَرقُب قَولِي )) (طه:94) ثم اخذ موسى(عليه السلام) يحاكم السامري يسأله عن سبب فعله (( قَالَ فَمَا خَطبُكَ يَا سَامِرِيُّ )) (طه:95) فاجابه (( قَالَ بَصُرتُ بِمَا لَم يَبصُرُوا بِهِ فَقَبَضتُ قَبضَةً مِن أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَت لِي نَفسِي )) (طه:96) وهنا قولان للمفسرين: 1- مراده: اني رايت جبرائيل على فرس عند مجيء جيش فرعون الى ساحل البحر ... المزید. فقبضت شيئا من تراب قدمه او (مركبه) وادخرته لهذا اليوم فالقيته داخل العجل الذهبي وما هذا الصوت الا من اثر ذلك التراب. 2- اني آمنت بداية الامر - بقسم من آثار الرسول(موسى) ثم شككت فيها (( فَنَبَذتُهَا )) (طه:96) فالقيتها بعيدا وملت الى عبادة الاصنام . ومعنى (اثر) في (( فَقَبَضتُ قَبضَةً مِن أَثَرِ الرَّسُولِ )) (طه:96) هو بعض تعليمات دين موسى(عليه السلام) ثم عاقب موسى السامري بثلاثة عقوبات: أ- ان تقول لا مساس وفسر ذلك بان السامري ابتلى بمرض الوسواس الشديد والخوف من كل انسان اذ كان بمجرد ان يقترب من شخص يقول (( لَا مِسَاسَ )) وفسر بانه ابتلي بمرض غامض خفي جعله ما دام حيا لا يمكن لاحد ان يمسه. ب- ان للسامري موعدا لا يخلفه الله له (( وَإِنَّ لَكَ مَوعِدًا لَن تُخلَفَهُ )) (طه:97). ج- حرق العجل وهذا لا ينافي كونه من الذهب لان الحرق يعني التحقير والاماتة وتعرية شكله الظاهري واسقاطه هذا على فرض انه من الذهب ويحتمل انه لم يكن ذهبا خالصا بل من الخشب ثم طلي بالذهب . ثانياً: نعم فان موسى(عليه السلام) جعل هارون وصيه ولم يذهب الى مناجاة ربه الا وقد بين لهم حقانية رسالته بالادلة والمعجزة لكن القوم لرغباتهم خالفوا الوصي وكادوا يقتلونه وهذا ما حصل فعلا مع نبينا(صلى الله عليه واله وسلم) في شأن امير المؤمنين(عليه السلام) اذ الملاحظ ان النبي الاكرم قد نصب عليا امام (120 الفا) وبايعوه على انه اولى بهم من انفسهم وانه (من كنت انا نبيه فعلي اميره) قبل شهرين وعشرة ايام اذ التنصيب في الثامن عشر من ذي الحجة ووفاة النبي في الثامن والعشرين من صفر فسرعان ما خالفوا . ثالثاً: اقر بعضهم ولم يقر البعض الاخر: ورد في بحار الانوار ج22 ص 440  عن ابي بكر الحضرمي قال ابو جعفر(عليه السلام):( ارتد الناس الا ثلاثة نفر: سلمان وابو ذر والمقداد .... واما ابو ذر فامره امير المؤمنين بالسكوت ولم ياخذه في الله لومة لائم فابى الا ان يتكلم فمر به عثمان فامربه ثم اناب الناس بعده وكان اول من اناب ابو ساسان الانصاري وابو عمرة وشيرة ...) رابعاً: خالف بعضهم عن قصد قلبي ويدلك على ذلك محاربتهم لامير المؤمنين(عليه السلام) ايام خلافته وحكومته. ذكرت بعض المصادر اخبارا تدل على تخلف امثال : عبد الله بن عمر وسعد بن ابي وقاص ومحمد بن مسلمة واسامة بن زيد وحسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن سلام ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص والوليد بن عقبة عن البيعة ( راجع الارشاد 1: 243 , تاريخ دمشق 42 : 437 , شرح نهج البلاغة 4:9). واذا تاملنا النصوص نجد ان اكثر من عرف بالتخلف عن البيعة قد بايع الامام (عليه السلام) لكن بيعة بعضهم لم تكن بمعنى الوفاء لقيادة الامام حيث اعلنوا صراحة عدم مرافقتهم للامام في حروبه كما في عبد الله بن عمر وسعد بن ابي وقاص. وبعضهم كانت بيعته بدوافع سياسية كما في مروان بن الحكم وسعيد بن العاص. ويحتمل ان هؤلاء تخلفوا عن البيعة العامة الشاملة التي كانت في المسجد ولما استحكمت خلافة الامام رغبوا في البيعة. من الواضح ان المبايع لامام زمانه يلزمه طاعة امامه ومن ضروب الطاعة الاشتراك معه في حروبه وان لا يعتزله والحال اننا نجد صاحب مستدرك الصحيحين يذكر اعتزال البعض حيث قال بعد ذكر اسباب الاعتزال:( فلهذه الاسباب وما جانسها كان اعتزال من اعتزل عن القتال مع علي رضي الله عنه وقتال من قاتله) المستدرك على الصحيحين 3/124/4596 وص 127/4605 . ورد ذكر من تخلف عن البيعة في اكثر من مورد منها ما ذكره الطبري في تاريخه( 4/428 ) عن ابي المليح - في ذكر بعض ما جرى عند بيعة الامام (عليه السلام): خرج علي الى المسجد فصعد المنبر وعليه ازار وطاق وعمامة خز ... فبايعه الناس وجاؤوا بسعد فقال علي : بايع قال : لا ابايع حتى يبايع الناس والله ما عليك مني بأس . قال : خلو سبيله. وجاؤوا بابن عمر . فقال : بايع قال : لا ابايع حتى يبايع الناس قال : ائتني بحميل(أي كفيل) قال : لا ارى حميلا . قال: الاشتر: خل عني اضرب عنقه قال علي: دعوه انا حميله انك ما علمت- وسيئ الخلق. ودمتم في رعاية الله