المعنى اللغوي والاصطلاحي (للصحابي)
ما كان موقف سيدنا وأمامنا علي (ع) من الصحابة؟ وإذا كان علي (ع) يبغضهم فكيف يفهم ما قاله في خطبة له من ذم أصحابه و مدح أصحاب رسول الله (ص): (وقد رأيت أصحاب رسول الله (ص) فما أرى أحداً يشبههم منكم,لقد كانوا يصبحون شعثاً عنبراً وقد باتو سجّدا و...)(نهج البلاغة 1/189- 190)وقال (ع) في خطبة أخرى لأصحابه (ولو درت أنّ الله فرّق بيني وبينكم و ألحقني بمن هو أحقّ بي منكم...)(نهج البلاغة 1/230)؟
الاخ المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنّ النصوص التي صدرت من مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في حق الصّحابة, هي خاصة بالمؤمنين منهم, دون المنافقين الذين يعّدهم أهل السنة صحابة عدولاً على مصطلحهم (راجع تعريف الصحابي في:الإصابة في تميز الصحابة,لابن حجر العسقلاني الشافعي –1/7), إذا أنّ الإمام (عليه السلام) ذكر صفاتهم دون أسمائهم, والصفات التي ذكرها هي الصفات المؤمنين لا المنافقين, لأنّ المنافقين لا يبيتون لله سجّداّ وقياماً, وإنّما (( إذا قاموا إلى الصّلاة قاموا كُسالى يُراءون الناس ولا يذكرون الله إلاّ قليلاً )) (النساء:142) كما أنهم ليسوا بميامين الرأي, ولا مراجيح الحلم, بل هم ممّن (( اتخذوا أيمانهم جُنة فصدّا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون )) (المنافقون:2). ومرادنا من هذا البيان أن لا يختلط على أحد أنّ الإمام (عليه السلام) أراد بهذه الأقوال مدح جميع الصّحابة, مؤمنهم ومنافقهم, فهذا ممّا لا يعقل صدوره عن مؤمن فضلاً عن أمير المؤمنين (عليه السلام). وهذا الأمر الذي ذكره الإمام (عليه السلام) يشمل أصحابه أيضاً,أي أن فيهم المؤمن وفيهم من هو دون ذلك بدليل خطابه هنا لجماعة من أصحابه ممّن أبتلي بتخاذلهم وتقاعسهم عن الجهاد وهو في مقام مدحه لصحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) المخلصين منهم. قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في مقام آخر خاطب به الصالحين من أصحابه: ((أنتم الأنصار على الحّق, والإخوان في الدين, والجبن يوم البأس, والبطانة دون الناس, بكم أضرب المدبر, وأرجو طاعة المقبل )) (نهج البلاغة 1/231). فالإمام أمير المؤمنين علي أن أبي طالب صلوات الله عليه لم يبخس الناس أشيائهم, وكان يعطي لكّل ذي حقّ حقّه,فالمؤمن عنده حقّه المدح و التقدير, والمتخاذل عنده حقه التعنيف والتحذير, كما هو شأن القرآن الكريم في مدحه للمؤمنين وذمّه المنافقين, قال تعالى: (( للذين أحسنوا الحسنى و زيادة ولا يرهق وجوههم قترولا ذلة أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون * والذين كسبوا السيئات جزاء سيّئة بمثلها و ترهقهم ذلة مالهم من الله من عاصم كأنها أغشيت وجوههم قطعاً من اليل مظلماً أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )) (يونس:26و27). ودمتم في رعاية الله