للاستهزاء بالآخرين والسخرية منهم أضرار ونتائج مذمومة وغير مفيدة في الدنيا والآخرة، وهي تختصّ بالمستهزئ والمجتمع البشريّ، ومن ذلك:
أ- النتائج الدنيويّة:
1- الاستخفاف بالساخر: يكون الساخر، بارتكابه هذه الأفعال السخيفة والمضرّة –قبل أيّ شيء آخر-، فرداً ضعيفاً وهزيلاً، وسبباً في الاستخفاف به، وهدر كرامته، وإذهاب وقاره وهيبته.
2- الحقد والعداوة: قد ينتج عن الاستهزاء نوع من الحقد والكراهية بين الساخر والمُستهزَأ به.
3- ضعف رابطة الأخوّة: السخرية تضعف رابطة الأخوّة بين المؤمنين، وتقضي عليها؛ وذلك لأنّ ضحك السامعين والمراقبين لمشهد الاستهزاء والسخرية، يُضعف رابطة الأخوّة، ويؤدّي إلى زوالها.
4- العقوبة في الدنيا: إنّ للسخرية من النّاس والاستهزاء بهم عقوباتٍ إلهيّةً في الدنيا، ولعلّ كثيراً من هؤلاء المستهزئين سيبتلون بما كانوا به يستهزئون، وسيُسخر منهم كما كانوا من غيرهم يسخرون.
روي عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنه قال في خطبة له عليه السلام لتوضيح الذنوب وأنواعها وبيانها: "والذنوب التي تنزل النقم ... المزید والاستهزاء بهم [بالناس] والسخرية منهم".
قال الشاعر جلال الدين الرومي شعراً معناه:
"كلّ من يستهزئ بخواصّ عشّاق الحقّ * فسيضرب على الهامة بسيف غضبه من قِبَل الجلّاد البطل القويّ.
ولا يهمله غضب الله ما بقي يتنفّس * وإن كانت الطاعة لأهل السماء والأرض، فليَعتبر من إبليس!
وهذا جيل آدم، قد سوَّدَ وجه الشيطان * بسبب سخريّته بآدم.
لقد سخِر أبو جهل بأحمد المرسل صلى الله عليه وآله وسلم * وكذلك واجه موسى بن عمران سخرية فرعون.
فصبراً، حتى حلّ بأبي جهل * وفرعون عذاب الله الأكبر".
ب- النتائج الأخرويّة:
1- السخرية من المستهزئ يوم القيامة: روي عن النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إنّ المستهزئين بالناس يُفتح لأحدهم باب من الجنّة، فيقال: هلمّ، فيجيء بكربه وغمّه، فإذا أتاه أُغلق دونه، ثم يفتح له باب آخر، فيقال: هلُمّ هلُمّ، فيجيء بكربه وغمّه، فإذا أتاه أُغلق دونه، فما يزال كذلك، حتى إنّ الرجل ليُفتح له الباب، فيقال: هلُمّ هلُمّ فما يأتيه".
وتتناسب عقوبة كلّ شخص مع عمله في يوم القيامة، فإذا سخر من أحد، سخر هذا منه. وإذا ذاق الإنسان جزاءه العادل الذي يتناسب مع عمله، فسيحسّ بأثر عمله المذموم والسيّئ.
وبعبارة أوضح: تكون القيامة ساحة "لتجسّم الأعمال" أو "مشاهدة حقيقة العمل" الذي يصدر عن الإنسان. ولأعمال الإنسان باطن وحقيقة، حيث يُحرم الإنسان، بسبب ابتلائه بالحجب الدنيوية، عن مشاهدتها. وعند إزهاق أرواح النّاس وخروجها من الدنيا، ودخولها إلى عالم القيامة، عبر هذه الحجب، سيرون أعمالهم على حقيقتها وكما هي عليه، وقد أخبر الله عزّ وجلّ في القرآن الكريم عن عاقبة من سخر من أهل الإيمان واستهزأ بهم في الحياة الدنيا، فقال: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ﴾ (المطففين: 34-35).
2- إبعاد المستهزئ عن رحمة الله: سيُجازى كلّ من سخر من الآخر بتصرفه السيّئ بسبب إيذائه؛ لأنّ إيذاءه هو إيذاء لله، ومن آذى الله، أبعده الله عن رحمته؛ فإذا استهزأ، مثلاً، بالأعمال الصالحة أو العقائد الحقّة والصائبة للمؤمن وسخر منها، سيُجازى بأشدّ العقوبة والعذاب في الآخرة، ولعذاب الله في الآخرة أشدّ وأخزى.