logo-img
السیاسات و الشروط
( 22 سنة ) - العراق
منذ سنة

الثقة

السلام عليكم ١) ما هي الثقه بالله؟ ٢) ما هي الثقة بالنفس؟ ٣) كيف أزيد من ثقتي بالله ونفسي؟


وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب الثقة باللّه هي مادة الحياة ونعيمها التي تؤدي إلى الشعور بالطمأنينة كلما شعرنا بأن هناك يداً في الغيب تتلطف بنا وتأخذنا نحو التوفيق والسداد، ولكن بشرط أن نكون عند حُسن ظن الله تعالى بنا ونسعى في سبيل الارتقاء نحو الكمال لا أن نتكل من غير عمل، فالانطلاق والتغيير عادة يكون من أنفسنا نحن، ومن صور الثقة والتوكل التي نتحدث عنهما ما جاء في قوله تعالى في سورة آل عمران: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤)﴾. ونجد أهل البيت (عليهم السلام) قد أهتموا ببيان هذا المعنى من التوكل على الله والثقة به فنجد فيما روي عن الإمام محمد الجواد (عليه السلام) قد أكد على الثقة بالله والتوكل عليه مبيناً أثرهما في حياتنا قائلاً: "الثقة بالله حصن لا يتحصن فيه إلا المؤمن". وعنه (عليه السلام): "إنه مَن وثق بالله أراه السرور". وعنه (عليه السلام): "مَن توكل على الله كفاه الأمور". وعنه (عليه السلام): "التوكل على الله نجاة من كل سوء وحرز من كل عدو". وكذلك نجد أعلى درجات التوكل على الله والثقة بارزة وظاهرة في مدرسة عاشوراء والعلة في ذلك هو حقيقة التوكل التي تحملها الذات الحسينية المشرّفة. ولذلك: نجده (عليه الصلاة والسلام) يظهر لنا في مدرسة عاشوراء عامل الثقة بالله ودوره في الهزيمة والنصر في جميع مجالات الحياة، فيعيد بيانه في دعائه مرتين؛ فيقول: "اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمرٍ نزل بين ثقة وعدة". (الكافي للشيخ الكليني، ج٢، ص٥٧٩). وفي ذلك يقول العلامة الطباطبائي قدس سره: (إن معنى التوكل على الله أنه ليس اعتماداً عليه سبحانه بإلغاء الأسباب الظاهرية بل سلب الاعتماد القطعي على الأسباب الظاهرية لأن الذي يبدو للإنسان منها بعض يسير منها دون جميعها، والسبب التام الذي لا يختلف عن مسببه هو الجميع الذي يحمل إرادته سبحانه. فالتوكل هو توجيه الثقة والاعتماد على الله سبحانه الذي بمشيته تدور رحى الأسباب اللائحة عليه من غير أن يلغي شيئاً منها فيركب مطية الجهل). (تفسير الميزان، ج٩، ص١٧٧). وحصول التوكل (كما خلص إليها العلامة النراقي قدس سره) يكون بالأمور التالية: ١) بعد تقوية التوحيد والاعتقاد بأن الأمور بأسرها مستندة إليه سبحانه، وليس لغيره مدخلية فيها، أن يتذكر الآيات والأخبار المذكورة الدالة على فضيلته ومدحه، وكونه باعث النجاة والكفاية. ٢) أن يتذكر أن الله سبحانه خلقه بعد أن لم يكن موجوداً وأوجده من كتم العدم، وهيأ له ما يحتاج إليه، وهو أرأف بعباده من الوالدة بولدها، وقد ضمن بكفايته من توكل عليه، فيستحيل أن يضيعه بعد ذلك ولا يكفيه مؤونته ولا يوصل إليه ما يحتاج، ولا يدفع عنه ما يؤذيه، لتقدسه من العجز والنقص والخلف والسهو. ٣) كما ينبغي له أن يتذكر الحكايات التي فيها عجائب صنع الله في وصول الأرزاق إلى صاحبها، وفي دفع البلايا والأسواء عن بعض عبيده، والحكايات التي فيها عجائب قهر الله في إهلاك أموال الأغنياء وإذلال الأقوياء وكم من عبد ليس له مال وبضاعة ويرزقه الله بسهولة، وكم من ذي مال وثروة هلكت بضاعته أو سرقت وصار محتاجا، وكم من قوي صاحب كثرة وعدة وسطوة صار عاجزا ذليلا، بلا سبب ظاهر، وكم من ذليل عاجز صار قويا واستولى على الكل، ومن تأمل في ذلك، يعلم أن الأمور بيد الله فيلزم الاعتماد عليه والثقة به. ٤) والمناط: أن يعلم أن الأمور لو كانت بقدرة الله سبحانه من غير مدخلية للأسباب والوسائط فيها، فعدم التوكل عليه سبحانه والثقة بغيره غاية الجهل، وإن كانت لغيره سبحانه من الوسائط والأسباب مدخلية فالتوكل من جملة أسباب الكفاية وإنجاح الأمور، إذ السمع والتجربة شاهدان بأن من توكل على الله وانقطع إليه كفاه الله كل مؤونة. فكما أن شرب الماء سبب لإزالة العطش، وأكل الطعام سبب لدفع الجوع، فكذا التوكل سبب رتبه مسبب الأسباب لإنجاح المقاصد وكفاية الأمور، وعلامة حصول التوكل، ألا يضطرب قلبه، ولا يبطل سكونه بفقد أسباب نفعه وحدوث أسباب ضره. فلو سرقت بضاعته، أو خسرت تجارته، أو تعوق أمر من أموره، كان راضيا به، ولم تبطل طمأنينته، ولم تضطرب نفسه، بل كان حال قلبه في السكون قبله وبعده واحدا، فإن من لم يسكن إلى شيء لم يضطرب بفقده، ومن اضطرب لفقد شيء سكن إليه واطمأن به. (جامع السعادات، للنراقي، ج٣، ص١٨٦-١٨٧). وأمّا عن الثقة بالنفس، فنقول: إنّ الله تعالى عندما خلق الإنسان وجعله خليفة في الأرض دون المخلوقات الأخرى كالملائكة والحيوان وغيرها؛ لما يحمل من مميّزات عن المخلوقات الأخرى فاستحق أن يكون خليفة في الأرض، سئل الإمام الصادق (عليه السلام ) الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال: "قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام ): إنّ الله (عزَّ وجلَّ) ركّب في الملائكة عقلاً بلا شهوة، وركّب في البهائم شهوةً بلا عقل، وركّب في بني آدم كلتيهما، فمَن غلب عقله شهوته، فهو خيرٌ من الملائكة، ومَن غلبت شهوته عقله فهو شرٌّ من البهائم".(بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج٥٧، ص٢٩٩). وتوجد طرق كثيرة لتقويَة الشخصيَّة، والإرادة، وزيادة الثقة بالنفس، والتخلُّص من ضَعف الشخصيَّة، منها: ١) صناعة النفس، وتقويتها؛ حيث تبدأ هذه العمليّة من الشخص نفسِه، وبناء الثقة بالنفس يبدأ من الصورة المَبنيَّة في ذهن الشخص عن ذاته؛ وحتى يتمّ بناء شخصيَّة قويَّة، وذات ثقة عالية، يجب أن تكون الصُّورة المَبنيَّة في ذهن الشخص عن ذاته إيجابيَّة، وهذه الصورة تدفع الشخص للتغيير نحو الأفضل، وتُحفِّزه على استمراريَّة العمل، والصَّبر على الصِّعاب، وبناء صورة إيجابيَّة داخل الأشخاص عن ذواتهم؛ حيث يتحقَّق ذلك عندما يُقدِّر الأشخاص أنفُسَهم، ويحبُّونها، وذلك عن طريق النظر إليها بأنَّها تستحقُّ الأفضل، كما يجب عدم وَضْع النفس في مواضع مُهينة، والإساءة إليها أمام الناس. ٢) الثقة دائماً بأنَّ لكلِّ إنسان صفات تُميِّزه عن غيره، سواء كانت عِلمه، أم طريقته في التفكير، أم الكلام، حيث يجب الاقتناع بأنَّ ما يمتلكه كلُّ شخص، يختلف عمّا يمتلكه الآخرون، كما يجب على الإنسان أن لا يخجل من نفسِه؛ وذلك لأنَّها مُميَّزة بالفعل، ومن الضروريّ أن يعرف كلّ شخص ما هي نقاط ضَعفه، ونقاط قُوَّته، فإذا تمّ إدراك ذلك، فإنّ الإنسان يبدأ بالوصول إلى هدفه وغايته بشكل أسرع. ٣) إعطاء العقل، والذَّات فُرصَة للتعرُّف على الأشياء الجديدة، وتجربة كلّ ما هو جديد من الهوايات التي يمتلكها الفرد ولم يسبق له أن مارسها، فكلَّما زادت التجارُب، زادت قوَّة الإنسان وثقته بنفسه. ٤) زيادة التفاعُل والتواصُل مع المُجتمع، والأفراد، فكلّما ازداد التواصُل والتشارُك مع الجماعة، ازدادت قوَّة الشخصيّة، وثقة الفرد بنفسه. ٥) مُرافَقة الأشخاص الإيجابيّين، والمُتفائِلين دومًا، والابتعاد عن الأشخاص السلبيّين، ودائمي الشكوى؛ حتى يبقى تصوُّر الشخص عن الحياة إيجابيّاً دوماً. ٦) بناء مقدرَة الشخص على اتِّخاذ القرارت، فكلَّما ازدادت مقدرة الفرد على اتّخاذ قراراته بنفسه، ازدادت قُوَّته. ٧) تجنُّب القلق والخوف، ومُحاولة تشجيع النفس بأنَّ ما يأتي أفضل. ٨) تجنُّب مُقارنة النفس بالآخرين؛ حيث إنَّ لكلّ إنسان صفةً تُميِّزه عن غيره من البَشَر، وعلى كلِّ فرد معرفة ما يُميِّزه، والبَدء بتطويره. ودمتم موفقين

3