صالح - السعودية
منذ 5 سنوات

 حمزة بن عبد المطلب

ذكر أحد المخالفين وهو يدافع عن عثمان : ((أما التهمة الثانية المفتراة على عثمان رضي الله عنه فهي أنه ضرب عمار بن ياسر رضي الله عنه حتى فتق أمعاءه، ولو حدث هذا ما عاش عمار بعد تلك الوقعة المكذوبة، ولكن عمارا رضي الله عنه عاش حتى موقعة صفين بعد ذلك، فضرب عمار رضي الله عنه حتى فتق أمعائه لم يحدث)) وأكمل بقوله : (( أما ضربه فقط فقد حدث، والسبب في هذا الأمر أنه قد حدث خلاف بين عمار بن ياسر رضي الله عنه، وبين عباس بن عتبة بن أبي لهب رضي الله عنه، فقذف بعضهما بعضا فعزرهما عثمان رضي الله عنه بالضرب، بعد أن رأى أن كلا منهما قد أخطأ في حق أخيه))


الأخ صالح المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في كتاب الصحيح من سيرة الامام علي عليه السلام 16/313 قال : أسباب ضرب عثمان لعمار : روى عباس بن هشام الكلبي، عن أبي مخنف في إسناده : أنه كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حلي وجوهر، فأخذ منه عثمان ما حلى به بعض أهله .فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك وكلموه فيه بكل كلام شديد حتى غضب فخطب، وقال : لنأخذن حاجتنا من هذا الفئ وإن رغمت أنوف أقوام . فقال له علي (عليه السلام) : إذا تمنع من ذلك، ويحال بينك وبينه . فقال عمار : أشهد الله أن أنفي أول راغم من ذلك . فقال عثمان : أعلي - يا بن ياسر وسمية - تجترئ ؟! خذوه .. فأخذوه، ودخل عثمان فدعا به، وضربه حتى غشي عليه، ثم أخرج فحمل إلى منزل أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) فلم يصل الظهر والعصر والمغرب، فلما أفاق توضأ وصلى . وقال : الحمد لله، ليس هذا أول يوم أوذينا فيه في الله تعالى . فقال هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي - وكان عمار حليفاً لبني مخزوم - : يا عثمان! أما علي فاتقيته . وأما نحن فاجترأت علينا، وضربت أخانا حتى أشفيت به على التلف، أما والله لئن مات لأقتلن به رجلا من بني أمية عظيم الشأن . فقال عثمان : وإنك لها هنا يا بن القسرية! . قال : فإنهما قسريتان - وكانت أمه وجدته قسريتين من بجيلة -، فشتمه عثمان، وأمر به فأخرج، فأتي به أم سلمة، فإذا هي قد غضبت لعمار . وبلغ عائشة ما صنع بعمار فغضبت، وأخرجت شعراً من شعر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونعلاً من نعاله، وثوباً من ثيابه، وقالت : ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم، وهذا ثوبه وشعره ونعله لم يبل بعد . وروى آخرون : أن السبب في ذلك : أن عثمان مر بقبر جديد، فسأل عنه، فقيل : عبد الله بن مسعود . فغضب على عمار لكتمانه إياه موته - إذ كان المتولي للصلاة عليه والقيام بشأنه - فعندها وطئ عثمان عماراً حتى أصابه الفتق . وروى آخرون : أن المقداد، وطلحة، والزبير، وعماراً وعدة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتبوا كتاباً، عددوا فيه أحداث عثمان، وخوفوه ربه، وأعلموه أنه مواثبوه إن لم يقلع، فأخذ عمار الكتاب فأتاه به، فقرأ منه صدراً . فقال عثمان : أعلي تقدم من بينهم ؟! فقال : لأني أنصحهم لك . فقال : كذبت يا بن سمية! . فقال : أنا والله ابن سمية وأنا ابن عمار . فأمر غلمانه فمدوا بيديه ورجليه، ثم ضربه عثمان برجليه - وهما في الخفين - على مذاكيره فأصابه الفتق، وكان ضعيفاً كبيراً فغشي عليه . وفي نص الثقفي : أن عثمان لما خطب، وقال : إنه سيؤثر بني أمية على رغم أنف من رغم . قال عمار : أنفي والله ترغم من ذلك . قال عثمان : فأرغم الله أنفك . قال عمار : وأنف أبي بكر وعمر ترغم ؟! قال : وإنك لهناك يا ابن سمية . ثم نزل إليه فوطأه، فاستخرج من تحته وقد غشي عليه، وفتقه .. ونقول : أولاً : هناك رواية تقول : إن السبب في ضرب عثمان لعمار حتى أصيب بالفتق هو الكتاب الذي كتبه عشرة من الصحابة .. حيث اتهمه عثمان بأنه يجتري عليه من بينهم .. وتقدم قولهم : إن سبب ضربه لعمار هو قضية ابن مسعود . ورواية ثالثة تذكر : أن السبب هو إعلانه إيثار بني أمية . فهل الأسباب الثلاثة قد حصلت في أوقات متقاربة، فضربه عثمان عندها، فحكي ضربه له، وأسنده كل راو إلى سبب منها، وكلهم صادق في ذلك ؟! أو يقال : إن التناقضات التي ظهرت كانت أوهاماً من الرواة .. والأرجح : هو تعدد ضرب عثمان لعمار .. لتعدد الأسباب . ويؤيده : وجود تناقضات لا تحلّ إلا بتقدير تعدد الواقعة . ثانياً : إن علياً (عليه السلام) يقول لعثمان الذي كان يخطب، ويعلن أنه سيأخذ حاجته من الفيء : إذاً تمنع من ذلك، ويحال بينك وبينه . ولا يجيبه عثمان بشيء .. ولكنه بطش بعمار، لمجرد أنه أعلن عدم رضاه بما يقول عثمان . وقد صرح هشام بن الوليد لعثمان بقوله : أما علي فقد اتقيته، وأما نحن فاجترأت علينا .. ثالثاً : إن كلمة علي (عليه السلام) لعثمان أوضحت ما يلي : 1- إنه (عليه السلام) كان مرهوب الجانب، لا يجترئ عليه أحد، حين يجد الجد، ويبلغ السيل الزبى، وإن كانوا حين يأمنون جانبه يسيئون معاملته، ويجترئون عليه، ويظهرون ما يعتلج في صدروهم من حسد وحقد .. ولهذا الموقف نظائر كثيرة يمكن تتبعها، والوقوف عليها، ومنها رفضه (عليه السلام) للقبول بمنع عثمان من تشييع أبي ذر، وغضبه من مساواة عثمان له بمروان .. 2- إنه (عليه السلام) لم يصرح باسم ولا بهوية من يمنعون عثمان من فعل ما يريد .. بل أبقى الأمر في دائرة الإبهام، لكي لا يفسح المجال للجدل العقيم، أو لإثارة العصبيات، وتحريك الأهواء .. رابعاً : إن عثمان لم يكن يملك منطقاً يواجه به عماراً، لأن خطابه مبني - أساساً - على الجبرية والقهر، وفرض القرار بالقوة .. بل إن كلمة عمار لم تتضمن جرأة ظاهرة على عثمان، وإنما تضمنت الإقرار بالعجز عن مواجهة القوة بالقوة، وإعلاناً لعدم الرضا بالفعل .. خامساً : إن عثمان يعرض لهشام بن الوليد بأمه، وكأنه يريد تنقصه بنسبته إليها .. سادساً : هل كان يجب على عمار أن يخبر عثمان بموت ابن مسعود، حتى لو كان عثمان قد طلب منه أن يخبره بذلك ؟! وهل كان يجب عليه أن يساعد عثمان في تلميع صورته أمام الناس ؟! من دون أن يتراجع عثمان عن أي شيء من مخالفاته ؟! ومنها ضربه لابن مسعود نفسه، حيث لم يتراجع عنه، ولا عن موجباته، ولم يصلح ما أفسده بفعله هذا .. سابعاً : هب أنه كان يجب عليه أن يخبره بذلك، أو اشتبه عليه الأمر في وجوب الطاعة في هذه القضية، بل لنفرض : أنه عصى هذا الأمر عمداً، فهل تصح عقوبته على ذلك ؟! .. وهل العقوبة هي بإحداث الفتق له ؟! وفي أي كتاب أو سنة وجد ذلك ؟! عثمان، وعمار، وسعد : عن أبي كعب الحارثي : .. خرجت حتى أتيت المدينة، فأتيت عثمان بن عفان، وهو الخليفة يومئذ، فسألته عن شيء من أمر ديني . وقلت : يا أمير المؤمنين، إني رجل من أهل اليمن من بنى الحارث بن كعب، وإني أريد أن أسألك، فأمر حاجبك ألا يحجبني . فقال : يا وثاب، إذا جاءك هذا الحارثي، فأذن له . قال : فكنت إذا جئت، فقرعت الباب . قال : من ذا ؟! فقلت : الحارثي . فيقول : ادخل . فدخلت يوماً، فإذا عثمان جالس، وحوله نفر سكوت لا يتكلمون، كأن على رؤوسهم الطير، فسلمت ثم جلست، فلم أسأله عن شيء لما رأيت من حالهم وحاله، فبينا أنا كذلك إذ جاء نفر، فقالوا : إنه أبى أن يجيء . قال : فغضب . وقال : أبى أن يجيء! اذهبوا فجيئوا به، فإن أبى فجروه جراً . قال : فمكثت قليلاً، فجاءوا ومعهم رجل آدم طوال أصلع، في مقدم رأسه شعرات، وفى قفاه شعرات، فقلت : من هذا ؟! قالوا : عمار بن ياسر . فقال له عثمان : أنت الذي تأتيك رسلنا فتأبى أن تجيء! قال : فكلمه بشيء لم أدر ما هو، ثم خرج . فما زالوا ينفضون من عنده حتى ما بقي غيري فقام، فقلت : والله لا أسأل عن هذا الأمر أحدا أقول حدثني فلان حتى أدرى ما يصنع . فتبعته حتى دخل المسجد، فإذا عمار جالس إلى سارية، وحوله نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبكون . فقال عثمان : يا وثاب على بالشرط، فجاؤوا . فقال : فرقوا بين هؤلاء، ففرقوا بينهم . ثم أقيمت الصلاة، فتقدم عثمان فصلى بهم، فلما كبر قالت امرأة من حجرتها : يا أيها الناس . ثم تكلمت، وذكرت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما بعثه الله به . ثم قالت : تركتم أمر الله، وخالفتهم عهده ونحو هذا، ثم صمتت، وتكلمت امرأة أخرى بمثل ذلك، فإذا هما عائشة وحفصة . قال : فسلم عثمان، ثم أقبل على الناس، وقال : إن هاتين لفتانتان، يحل لي سبهما، وأنا بأصلهما عالم . فقال له سعد بن أبي وقاص : أتقول هذا لحبائب رسول الله (صلى الله عليه وآله)! فقال : وفيم أنت! وما هاهنا! ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه، فانسل سعد .فخرج من المسجد، فاتبعه عثمان، فلقي علياً (عليه السلام) بباب المسجد . فقال له (عليه السلام) : أين تريد ؟! قال : أريد هذا الذي كذا وكذا - يعنى سعداً يشتمه - . فقال له علي (عليه السلام) : أيها الرجل، دع عنك هذا . قال : فلم يزل بينهما كلام، حتى غضبا . فقال عثمان : ألست الذي خلفك رسول الله (صلى الله عليه وآله) له يوم تبوك! فقال علي (عليه السلام) : ألست الفار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم أحد . قال : ثم حجز الناس بينهما . قال : ثم خرجت من المدينة حتى انتهيت إلى الكوفة، فوجدت أهلها أيضا وقع بينهم شر، ونشبوا في الفتنة . إلى أن قال : فلما رأيت ذلك رجعت حتى أتيت بلاد قومي ودمتم في رعاية الله