العلم والزياره
السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته هل لطلب العلم أجر عند الله تعالى من تعب وسهر لأجل الدراسة؟ أحياناً تشغلني الدراسة عن زيارة مراقد الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فهل يحسب لي أجر لذلك؟ وما هو أجر طالب العلم في الدنيا والآخرة؟
وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب طلب العلم: إنَّ الإنسان خلقه الله تعالى في هذه الدُّنيا ليس للعلب واللهو وجمع المال والتكاثر، والأكل والشرب، بل لهدف سامي، قال تعالى: {ما عِنْدَ اللَّـهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللَّـهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (الجمعة: ١) وغير هذه الأمور. نعم، يأخذ الإنسان من هذه الأمور ما يسد حاجته ويغنيه عن الآخرين؛ لأنَّ الإنسان خلقه الله تعالى لأمر أعلى واسمى واقدس من ذلك، وهو العبادة والمعرفة وهي لا تأتي بدون تحرك جدي من الإنسان نحو تحقيق ذلك. وإلا فأنّه تشترك معه سائر الحيوان في مراحلة نموه، قال تعالى: {وَاللَّـهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَل لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (النحل: ٧٨). فالحواس الظاهرية كالسمع والبصر والذوق واللمس كلها موجود عند الحيوانات، بل بعض الحيوانات تكون عندها بعض الحواس الظاهرية أقوى من الحواس التي عند الإنسان، كالصقر يرى فريسته من مسافة بعيدة جداً، فحينئذٍ ما هو الذي يميز الإنسان عن سائر الحيوانات، ويجعله ينطلق ويتميز عن سائر العجماوات؟ قالوا الذي يميز الإنسان هو التفكر والتعقل فهذه المرحلة لا تمتلكها سائر الحيوانات، بل فقط الإنسان رزقه الله تعالى هذه القوى التي يمكن له أن يكون من خلالها إنساناً حقيقاً. وهذه القوى وهي مرحلة التفكير التي يكون بها الإنسان إنساناً، لا تاتي بدون حركة جدية من الإنسان، بل لابد من طلب العلم والتعلم بجدية تامة حتى ينال مراده ويكون من العلماء الذي ورد في حقهم روايات كثيرة تشير إلى فضل العلم وطلبه فالشاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله تعالى. ورد في كتاب (البحار)، للمجلسي (رحمه الله )، جزء (١)، صفحة (١٨٠ - ١٨٢). ما يدل على ذلك، ومنها: ١ - … عن النبي (صلى اللّٰه عليه وآله): "اطلبوا العلم ولو بالصين، فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم". ٢ - … وعنه (صلى اللّٰه عليه وآله): "من تعلم مسألة واحدة قلده الله يوم القيامة ألف قلائد من النور، وغفر له ألف ذنب، وبنى له مدينة من ذهب، وكتب له بكل شعرة على جسده حجة". ٣ - … وعنه (صلى اللّٰه عليه وآله): "إن العبد إذا خرج في طلب العلم ناداه الله (عزَّ وجلَّ) من فوق العرش: مرحباً بك يا عبدي أتدري أي منزلة تطلب؟ وأي درجة تروم؟ تضاهي ملائكتي المقربين لتكون لهم قريناً لأبلغنك مرادك ولأوصلنك بحاجتك". فقيل لعلي بن الحسين (عليه السلام): ما معنى مضاهاة ملائكة الله (عزَّ وجلَّ) المقربين ليكون لهم قرينا؟ قال: "أما سمعت قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم﴾ فبدأ بنفسه، وثنى بملائكته، وثلث بأولي العلم الذين هم قرناء ملائكته، وسيدهم محمد (صلى اللّٰه عليه وآله) وثانيهم علي (عليه السلام) وثالثهم أهله، وأحقهم بمرتبته بعده، قال علي بن الحسين (عليه السلام): ثم أنتم معاشر الشيعة العلماء بعلمنا تأولون مقرونون بنا وبملائكة الله المقربين شهداء لله بتوحيده وعدله وكرمه وجوده، قاطعون لمعاذير المعاندين من إمائه وعبيده فنعم الرأي لأنفسكم رأيتم، ونعم الحظ الجزيل اخترتم، وبأشرف السعادة سعدتم حين بمحمد وآله الطيبين (عليهم السلام) قرنتم، وعدول الله في أرضه شاهرين بتوحيده وتمجيده جعلتم، وهنيئاً لكم أن محمداً لسيد الأولين والآخرين، وأن أصحاب محمد الموالين أولياء محمد وعلي (صلى اللّٰه عليهما) والمتبرئين من أعدائهما أفضل أمم المرسلين، وأن الله لا يقبل من أحد عملاً إلا بهذا الاعتقاد، ولا يغفر له ذنبا، ولا يقبل له حسنة، ولا يرفع له درجة إلا به". ٤ - … وعنه (صلى اللّٰه عليه وآله): "من تعلم باباً من العلم عمل به أو لم يعمل كان أفضل من أن يصلي ألف ركعة تطوعاً". ٥ - وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "قوام الدين بأربعة: بعالم ناطق مستعمل له، وبغني لا يبخل بفضله على أهل دين الله، وبفقير لا يبيع آخرته بدنياه، وبجاهل لا يتكبر عن طلب العلم، فإذا اكتتم العالم علمه، وبخل الغني، وباع الفقير آخرته بدنياه، واستكبر الجاهل عن طلب العلم، رجعت الدنيا على تراثها قهقري ولا تغرنكم كثرة المساجد، وأجساد قوم مختلفة". قيل: يا أمير المؤمنين كيف العيش في ذلك الزمان؟ فقال: "خالطوهم بالبرانية يعني في الظاهر، وخالفوهم في الباطن، للمرء ما اكتسب، وهو مع من أحب، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله تعالى". ٦ - … وعنه (عليه السلام): "الشاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله، إن طلب العلم فريضة على كل مسلم، وكم من مؤمن يخرج من منزله في طلب العلم فلا يرجع إلا مغفوراً". ٧ - وعنه (عليه السلام): "لا علم كالتفكر ولا شرف كالعلم". ٨ - … وعنه (عليه السلام): "يا مؤمن إن هذا العلم والأدب ثمن نفسك فاجتهد في تعلمهما، فما يزيد من علمك وأدبك يزيد في ثمنك وقدرك، فإن بالعلم تهتدي إلى ربك، وبالأدب تحسن خدمة ربك، وبأدب الخدمة يستوجب العبد ولايته وقربه، فاقبل النصيحة كي تنجو من العذاب". تنبيه: الاجابة تكون عن سؤال واحد فقط لطفاً منكم. ونسألكم الدُّعاء