باقر عبد الرزاق كاظم - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 أنس بن مالك خادم النبي (صلى الله عليه و اله)

ما هو موقف أسامه بن زيد من الامام علي عليه السلام بعد وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم وموقفه من السقيفة؟


الاخ باقر المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جاء في (الاحتجاج) للطبرسي: ((وروي عن الباقر (عليه السلام) أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر: اكتب الى أسامة بن زيد يقدم عليك، فإنّ في قدومه قطع الشنعة عنّا، فكتب أبو بكر إليه: من أبي بكر خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أسامة بن زيد. أمّا بعد: فانظر إذا أتاك كتابي فأقبل إليَّ أنت ومن معك، فإنّ المسلمين قد اجتمعوا عليَّ وولوني أمرهم فلا تتخلفنّ فتعصي ويأتيك مني ما تكره والسلام. قال: فكتب أسامة إليه جواب كتابه: من أسامة بن زيد عامل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على غزوة الشام. أما بعد: فقد أتاني منك كتاب ينقض أوله آخره، ذكرت في أوله أنك خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذكرت في آخره أن المسلمين قد اجتمعوا عليك فولوك أمرهم ورضوا بك، فاعلم أني ومن معي من جماعة المسلمين والمهاجرين، فلا والله ما رضينا بك ولا وليناك أمرنا، وانظر أن تدفع الحق إلى أهله وتخليهم وأياه، فإنهم أحق به منك، فقد علمت ما كان من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي (عليه السلام) يوم الغدير، فما طال العهد فتنسى, أنظر بمركزك ولا تخالف فتعصي الله ورسوله وتعصي من استخلفه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليك وعلى صاحبك، ولم يعزلني حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنك وصاحبك رجعتما وعصيتما فأقمتما في المدينة بغير إذني. فأراد أبو بكر أن يخلعها من عنقه قال: فقال له عمر: لا تفعل، قميص قمّصك الله, لا تخلعه فتندم، ولكن الح عليه بالكتب (والرسائل) ومر فلاناً وفلاناً (وفلاناً) أن يكتبوا إلى أسامة أن لا يفرق جماعة المسلمين، وأن يدخل معهم فيما صنعوا. قال: فكتب اليه أبو بكر وكتب اليه أناس من المنافقين: أن أرض بما اجتمعنا، وإياك أن تشمل المسلمين فتنة من قبلك فإنهم حديثو عهد بالكفر. قال: فلمّا وردت الكتب على أسامة، انصرف بمن معه حتى دخل المدينة فلما رأى اجتماع الخلق على أبي بكر، انطلق إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال (له): ما هذا؟ قال له علي (عليه السلام): هذا ما ترى. قال له أسامة: فهل بايعته؟ فقال: نعم يا أسامة. فقال له أسامة: طائعاً أو كارهاً؟ قال: لا, بل كارهاً.  قال: فانطلق أسامة فدخل على أبي بكر وقال له: السلام عليك يا خليفة المسلمين. قال: فردّ عليه أبو بكر وقال : السلام عليك أيها الأمير)) (الاحتجاج 1: 224). ولكنه بعد ذلك تخلف عن القتال مع أمير المؤمنين (عليه السلام) واعتذر لذلك عذراً . ذكره المفيد في كتاب (الجمل): ((عن أبي مخنف لوط بن يحيى في كتابه الذي صنفه في حرب البصرة: ان أمير المؤمنين (عليه السلام) لما هم بالمسير إلى البصرة، بلغه عن سعد بن أبي وقاص وابن مسلمة وأسامة بن زيد وابن عمر تثاقل عنه فبعث إليهم، فلما حضروا قال لهم: (قد بلغني عنكم هنات كرهتها وأنا لا أكرهكم على المسير معي، ألستم على بيعتي؟)، قالوا: بلى قال: (فما الذي يقعدكم عن صحبتي)؟ فقال له سعد: إني أكره الخروج في هذا الحرب لئلا أصيب مؤمناً، فإن أعطيتني سيفاً يعرف المؤمن من الكافر، قاتلت معك! وقال له أسامة: أنت أعز الخلق علي ولكني عاهدت الله أن لا أقاتل أهل لا إله إلا الله وكان أسامة قد أهوى برمحه في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى رجل في الحرب من المشركين، فخافه الرجل فقال: لا إله إلا الله. فشجره بالرمح فقتله وبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) خبره فقال: ( يا أسامة، أقتلت رجلاً يشهد أن لا اله إلا الله؟) فقال: يا رسول الله، إنما قالها تعوذاً فقال (صلى الله عليه وآله) له: (ألا شققت قلبه) فزعم أسامة أن النبي (صلى الله عليه وآله) أمره ان يقاتل بالسيف ما قاتل المشركين، فإذا قاتل المسلمين ضرب بسيفه الحجر فكسره وقال عبد الله بن عمر لست أعرف في هذا الحرب شيئاً أسالك ألا تحملني على مالا أعرف فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام: (ليس كل مفتون معاتب ألستم على بيعتي؟) قالوا: بلى. قال : (انصرفوا فسيغني الله تعالى عنكم). فقد اعترفوا له (عليه السلام) بالبيعة، وأقاموا في تأخرهم عنه معاذير لم يقبلها منهم، واخبر أنهم بترك الجهاد معه مفتونون، ولم ير الإنكار عليهم في الحال بأكثر مما أبداه من ذكر زللهم عن الصواب في خلافه والشهادة بفتنتهم بترك وفاقهم له، لأن الدلائل الظاهرة على حقه تغني عن محاجتهم بالكلام، ومعرفته بباطن أمرهم الذي أظهروا خلافه في الاعتذار يسقط عنه فرض التنبيه الذي يحتاج إليه أهل الرقدة عن البيان وقد قال الله تعالى في تأكيد ما ذكرناه وحجة على من وصفناه (( بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره )) . وقد ذكر بعض العلماء: أن أسباب القوم في تأخرهم عن نصرة أمير المؤمنين عليه السلام بعد البيعة له معروفة، وأن الذي أظهروه من الأعذار في خلافه خداع منهم وتمويه وستر على أنفسهم مما استبطنوه منه خوفاً من الفضيحة فيه! فقال: أما سعد بن مالك فسبب قعوده عن نصرة أمير المؤمنين(عليه السلام) الحسد له، والطمع الذي كان منه في مقامه الذي يرجوه، فلما خاب من أمله حمله الحسد على خذلانه والمباينة له في الرأي قال: والذي أفسد سعداً واطمعه فيما ليس له بأهل وجرأه على مساماة أمير المؤمنين(عليه السلام) عمر بن الخطاب بإدخاله إياه في الشورى وتأهيله إياه للخلافة وإيهامه لذلك أنه محل للإمامة، فأقدم عليه وأفسد حاله في الدنيا والدين حتى خرج منها صفراً مما كان يرتجيه. وأما إسامة بن زيد فإن النبي (صلى الله عليه وآله) كان ولاه - في مرضه الذي توفي فيه - على أبي بكر وعمر وعثمان فلما مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لسبيله، انصرف القوم عن معسكره وخدعوه بتسميته مدة حياتهم له بالإمرة مع تقدمهم عليه بالخلافة، وصانعوه بذلك بما خالفوه فيه من السمع له والمسير معه والطاعة، واغتر بخداعهم وتقبل منهم مصانعتهم، وكان يعلم أن أمير المؤمنين عليه السلام لا يسمح له بالخداع، ولا يصانعه مصانعة القوم، ويحذفه من التسمية التي جعلوها له، ولا يرفعه عن منزلته، ويسير به سيرته في عبيده وموالي نعمته، إذ كان ولاؤه بالعتق الذي كان من إنزاعه النبي (صلى الله عليه وآله) لأبيه بعد استرقاقه، فصار كذلك بعد النبي (صلى الله عليه وآله) غير أنه منه في الولاء فكره الانحطاط عن رتبته التي رتبها القوم فيه، ولم يجد إلى التخلص من ذلك إلا كفر النعمة، والمباينة لسيده، والخلاف لمولاه، فحمل نفسه على ذلك لما ذكرناه. وأما محمد بن مسلمة فإنه كان صديق عثمان بن عفان وخاصته وبطانته، فحملته العصبية له على معاونة الطالبين بثاره، وكره أن يتظاهر بالكون في حيز المحاربين لهم، المباينين طريقهم ولم ير بمقتضى الحال ولا شيعه وريده معاونة أعدائه، ولا سمحت نفسه بذلك فأظهر من العذر بتأخره عن نصرة أمير المؤمنين(عليه السلام) بخلاف باطنه منه مما كره وستراً للقبيح من سريرته. وأمّا عبد الله بن عمر، فإنه كان ضعيف العقل، كثير الجهل ماقتاً لأمير المومنين وراثة الخلف عن السلف مايرثونه من المودة والعداوة، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) قد أشجاه مع ذلك بهدر دم أخيه عبيد الله لقتله الهرمزان، وأجلاه عن المدينة، وشرده عن البلاد، لا يأمن على نفسه من الظفر به، فيسقط قوداً فلم تسمح نفسه بطاعة أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا أمكنه المقت من الانقياد له لنصرته، وتجاهل بما أبداه من الحيرة في قتال البغاة والشك في سبب ذلك وحجيته. وروي هذا الكلام بعينه عن امير المؤمنين (عليه السلام) في أسباب تأخر القوم عنه، فإن صحت الرواية بذلك فهو أوكد لحجته، وإن لم تثبت كفى في برهانه أن قائله من أهل العلم، له صحة فكر وصفاء فطنة(الجمل: 95ـ 99). ودمتم في رعاية الله

1