السلام عليكم ورحمة الله وبركاته امي تتكلم عني بسوء وتتدخل في أموري الخاصة فكيف اتعامل معها مع العلم اني في اغلب الاحيان احاول أن أصبر عليها لكن في مرات قليلة تفقدني اعصابي بسبب كلامها الجارح والغير صحيح عني فأرد عليها وترد علي وتصبح مشكلة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ولدي العزيز، زادك الله علماً وفهماً في دينك، وبصّرك عيوب الدنيا دائها ودوائها، وزرع فيك حبه وحبّ من يحبهم، وأخذ بيديك لمّا فيه خير الدنيا والآخرة.
بني، الأبوين ساحة مقدسة قدّسها المولى تبارك وتعالى، حتى قال: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) الاسراء. فربط تعالى بين توحيده وبين الإحسان إليهما، وما يستتبع ذلك، ولذلك شدّد الشارع في أمرهما، من حيث الطاعة لهما والاحسان إليهما وعقوقهما وما يستتبع ذلك. وعلاقة الحب التي بين الأبوين والأبناء تختلف من فئة ومجموعة لأخرى، وبحسب ما للأبوين من ممارسة نوعية طيبة وساحرة في التأثير على شخصية الطفل والأبناء في جعلهم يحبونهما.
وعليه، ولدي العزيز، أنت تعلم ما للأبوين من حقٍ عظيم علينا، وخصوصاً الأمّ، ويجب برهما، وبوابة البر بهما هي الحب لهما، فكيف من لا يحب أمه أو أباه يقوم ببرّه به؟؟ ولذلك بمّا أنّ البرّ أمر لازم للأبوين لا يمكن التخلص منه إلا بالأداء مع كونهما حيين أو ميتين مؤمنين أو كافرين، ومع ذاك نرشدكم إلى هذه النصائح حتى تساعدكم على برّ الوالدين وخصوصاً في مسألة العلاقة مع أمّكم!!!؟ ونقول:
١- لعلّ سبب عدم وجود العلاقة بين الأبن والأمّ وبرود المشاعر العاطفية الرحيمية بينهما، هو لكون الأم غير مثقفة مثلاً في هذا الجانب، أو بسبب الإضطهاد الذي تعرّضت خلال حياتها الزوجية أو ما شابه ذلك فولّدَ صدّمة نفسية لديها، أو بسبب معاناتها وحدّة تصرفها ممّا جعلكم تنفرون منها وهي بالتالي جعل علاقتكم باردة ليس فيها أيّ إثارة عطفٍ وحنان.
٢- لعلكم لم تأخذوا قسطاً وافراً وكبيراً من الحنان الذي تستحقوه أيام الطفولة لسبب معين كمثل أنها كانت مشغولة بعملٍ أو بحملٍ أو مرضٍ أو ما شابه ذلك، ممّا جعل ذلك يرجع إلى الفتور في العلاقة والعاطفة بينكم.
٣- لعلّ صغر سنكم في عينيها لا زال موجوداً، وهي لشدّة حرصها عليكم ومحبتها لكم تجد أنّها أدرى منكم بالمصلحة وأعرف منكم بحكم خبرتها وتجربتها في الحياة، ولذلك تبدي رأيها في كلّ شيء يخصكم وفي كلّ حاجة تريدون الإقدام عليها، وهنا تبدي رأيها، وعند ذلك قد تخالفكم في قناعتكم واختياركم وما سابه ذلك، وأنتم تميلون إلى رأيٍ آخر في قبال رأي الأمّ، وعند ذلك تثار حالة التوتر بينكم حتى تتفاقم هي لخوفها عليكم وأنتم لشخصيتكم ترون أنفسكم مستقلين في أمركم فلا تحبّوا التدخل في شؤونكم الشخصية وما شابه ذلك، ومن هنا ينتج اختلاف الرأي والتشنج والعراك وما شابه ذلك، وهذا الأمر مع بقاءه واستمراره خطير جداً على حياتكم الأسرية بين الأمّ والأبناء.
٣- وبعد ما ذكرناه، عليكم بتفعيل الجانب العاطفي بينكم وتولّدون الحب في نفوسكم تجاه أمّكم وذلك من خلال، مثلاً الالتفات إلى ما قدّمته لكم الأم من حنان حين الحمل والرضاعة والعناية والاهتمام الكبير وغير ذلك الذي لا تعدّونه أنتم اهتماماً وعناية ورعاية، وكذلك تنظروا إلى ما قدّمته لكم من إيثاراً لكم على نفسها في الطعام والشراب والراحة وكل شيء، وغير ذلك الكثير الكثير الذي صدر منها تجاهكم ولكنكم لم تلتفتوا إليه وتعدونه مهماً.
٤- القاعدة تقول من يقدم الحب يجده، ومن يزرع الحنان يحصد الدفئ ومن ينبت البغضاء يحصد الشحناء والحقد والجفاء، ومن لم يكن مبالياً بغيره يجده مهملاً له. ولذلك، عليكم أن تزرعوا أنتم الحب والحنان واللطف والعطف والرأفة والرحمة والخير والابتسامة وكل معاني الجمال والعلاقة بينكم، وعند ذلك ستحصدون كل حب وعطف منها وستفور العلاقة بينكم حتى تأخذ بكم إلى أعذب علاقة وأجملها بينكم وبين الأمّ.
٥- وليكن النقاش بينكم بعيداً عن التشنج والصياح والصراخ والعناد، بل ليكن باسلوب لطيف لا يرفع فيه الصوت فوق صوت الأمّ، ولا تسب ولا تلعن، ولا تقهر، ويسمع لقولها، وتطاع في أمرها، وفي هذه النقطة عليك أن تمارس هذا الأسلوب في الحوار معها:
أولاً عندما تتكلمون حول نقطة معينة لتكن لك روحاً رياضية، طيبة وودودة في الكلام الطيب مع الأمّ، وتبدي رأيك العلمي أو المعرفي، وتسمع لوجهة نظرها، وتعرض كلامها على عقلك وقلبك، ومع مناقشتك له لا تقول كلامك غير صحيح وكلامك خطأ، وما شابه ذلك ممّا يكون طعناً لها ومغالبة لرأيها!!!!
ولكن، لو أختارت الأمّ رأياً مخالف لرأيكم وجب عليك قبول ذلك وعدم المخالفة خصوصاً فيما لو رجع ذلك إلى شفقتها عليكم، وهنا يجب إمتثال أمرها وعدم مخالفته. ومع كل ذلك ليكن النقاش يسوده الحب والوئام والتودد والطمئانينة، وعند ذلك يوماً بعد يوم ستجد أنّ الأمّ لا تعارضك فيما تختار عندما ترى رجاحة عقلك وقوة شخصيتك، وخبرتك في الحياة، ومع ذلك تكون لكم علاقة طيبة وجميلة.
وما عليكم إلا أن تقوموا بهذا العمل وستجدون أنفسكم تكتشفون أمّا عظيمةً لم تكتشفوها من قبل.
هذا، والذي يحذر الشارع منه هو عدم الإحسان اليهما وعدم البر بهما، والوقوع في العقوق لهما، وقد بقاء الحال بمثل ما وصفتم يوصل إلى عقوقها والإنكار لها ونسيان حقها عليكم. والحمد لله وحده لم يتخذ صاحبة ولا ولداً.