الأخ مرتضى المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في تفسير الميزان - للسيد الطباطبائي - ج 8 - ص 22 - 23 قال:
ولهذا وقع الخلاف بينهم في توجيه هذا الاستثناء: أ هو استثناء متصل بتغليب الملائكة لكونهم أكثر وأشرف أو أنه استثناء منفصل وإنما أمر بأمر على حده غير الامر المتوجه إلى جمع الملائكة وإن كان ظاهر قوله: (( مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسجُدَ إِذ أَمَرتُكَ )) (الأعراف:12) أن الامر لم يكن إلا واحدا وهو الذي وجهه الله إلى الملائكة.
والذي يستفاد من ظاهر كلامه تعالى أن إبليس كان مع الملائكة من غير تميز له منهم والمقام الذي كان يجمعهم جميعا كان هو مقام القدس كما يستفاد من قصة ذكر الخلافة (( وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجعَلُ فِيهَا مَن يُفسِدُ فِيهَا وَيَسفِكُ الدِّمَاء وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ )) (البقرة:30)، وأن الامر بالسجود إنما كان متوجها إلى ذلك المقام أعني إلى المقيمين بذلك المقام من جهة مقامهم كما يشير إليه قوله تعالى في ما سيأتي: (( قَالَ فَاهبِط مِنهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا )) (الأعراف:13) والضمير إلى المنزلة أو إلى السماء أو الجنة ومالهما إلى المنزلة والمقام ولو كان الخطاب متوجها إليهم من غير دخل المنزلة والمقام في ذلك لكان من حق الكلام أن يقال: (( فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ )) (الأعراف:13).
وعلى هذا لم يكن بينه وبين الملائكة فرق قبل ذلك؟ وعند ذلك تميز الفريقان، وبقي الملائكة على ما يقتضيه مقامهم ومنزلتهم التي حلوا فيها، وهو الخضوع العبودي والامتثال كما حكاه الله عنهم: (( بَل عِبَادٌ مُّكرَمُونَ * لَا يَسبِقُونَهُ بِالقَولِ وَهُم بِأَمرِهِ يَعمَلُونَ )) (الأنبياء:26-27) فهذه حقيقة حياة الملائكة وسنخ أعمالهم، وقد بقوا على ذلك وخرج إبليس من المنزلة التي كان يشاركهم فيها كما يشير إليه قوله: (( كَانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ )) (الكهف:50) والفسق خروج التمرة عن قشرها فتميز منهم فأخذ حياة لا حقيقة لها إلا الخروج من الكرامة الإلهية وطاعة العبودية.
ودمتم في رعاية الله