ريام ( 16 سنة ) - العراق
منذ سنة

دليل عدم تحريف القران

السلام عليكم... هل القران الكريم محرف وإن كان كذلك اريد دليل وإن كان غير محرف اريد دليل


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مرحبا بكم في تطبيق المجيب ذكر الباحثون في علوم القرآن والمفسّرون أدلّة عدّة على صيانة القرآن من التحريف، أبرزها التالي: الدليل القرآني 1. قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾(١) . من أجمع الأوصاف التي يذكرها القرآن لنفسه أنّه ذِكْر لله، فإنّه يذكِّر به تعالى، بما أنّه آية دالّة عليه، حيّة خالدة. وتفيد هذه الآية أنّ الله تعالى هو حافظ هذا القرآن في مرحلتي التنزيل والبقاء، حيث أُطلِقَ الذِكْر وأُطلِقَ الحِفظ، فالقرآن محفوظ بحفظ الله عن كلّ زيادة ونقيصة وتغيير في اللفظ أو في الترتيب يزيله عن الذِكريّة ويُبطِل كونه ذكراً لله سبحانه بوجه. وقد وُضِعَت كلّ عوامل التأكيد بعضها إلى جانب بعضها الآخر، لبيان هذه الحقيقة المهمّة والخالدة(٢). 2. قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (٣). العزيز: عديم النظير أو المنيع الممتنع من أن يُغلَب، والمعنى الثاني أنسب، لما يتعقّبه من قوله تعالى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ... المزید﴾. والمدلول هو: أنّه لا تناقض في بياناته، ولا كذب في أخباره، ولا بطلان يتطرّق إلى معارفه وحكمه وشرائعه، ولا يُعارَض ولا يُغيَّر، بإدخال ما ليس منه فيه، أو بتحريف آية من وجه إلى وجه. وكيف لا يكون كذلك؟! وهو منزَّل من حكيم متقِن في فعله، لا يشوب فعله وهن، محمود على الإطلاق. فهذه الآية تنفي أيّ احتمال للتحريف بالزيادة أو التحريف بالنقصان، وتشير إلى أنّ خاصّيّة الحفظ جاءت من داخل القرآن، بفعل تماسك بنيانه(٤). وغيرهما آيات كثيرة تدلّ على صيانة القرآن عن التحريف(٥). الدليل الروائي روايات الثقلين (٥) : ومفاد هذه الروايات: "إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما، لن تضلّوا بعدي أبداً، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض". ووجه الاستدلال بها: أنّ القول بالتحريف يستلزم عدم وجوب التمسّك بالكتاب المنزل، لضياعه على الأمّة، بسبب وقوع التحريف، ولكن وجوب التمسّك بالكتاب باقٍ إلى يوم القيام، لصريح حديث الثقلين، فيكون القول بالتحريف باطلاً جزماً. وقد دلّت هذه الروايات على اقتران العترة بالكتاب، وعلى أنّهما باقيان في الناس إلى يوم القيامة، فلا بدّ من وجود شخص يكون قريناً للكتاب، ولا بدّ من وجود الكتاب ليكون قريناً للعترة، حتى يردا على النبي صلی الله عليه وآله وسلم الحوض، وليكون التمسّك بهما حفظا للأمّة عن الضلال(٦). روايات التمسّك بالقرآن (٧): حيث توصينا هذه الروايات بالرجوع إلى القرآن عند الفتن والشدائد، وتصف القرآن بأنّه ملاذ حصين. فإذا كان الكتاب نفسه لم يسلم من فتن الزمان، فكيف يمكنه حماية الآخرين من أضرار الفتن؟ روايات العرض على القرآن (٨): وردت روايات عن أهل البيت عليهم السلام جاء فيها: "إنّ على كلّ حقّ حقيقة، وعلى كلّ صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه"، "كلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف"، "ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف"، "اعرضوها (أي الروايات) على كتاب الله، فما وافى كتاب الله عزّ وجلّ، فخذوه، وما خالف كتاب الله، فردّوه". ويفهم من مجموع هذه الروايات أنّ القرآن هو الميزان الحقّ الذي يعتمد عليه في كشف الحقّ من الباطل والتمييز بينهما. وعليه، فكلّ رواية تشير إلى تحريف القرآن، إذا تعذّر تأويلها وتوجيهها، تكون باطلة وموضوعة ولا اعتبار لها (٩). أمر الأئمّة عليهم السلام بقراءة سورة كاملة بعد الفاتحة في الصلاة: فلو كان القرآن محرّفاً، لما صحّ الأمر بالقراءة منه، ولكان الأمر بالقراءة منه لغواً وتكليفاً بغير المقدور للمكلّف. وهذا ما لا يلتزم به القائلون بالتحريف (١٠). نعم، إنّ هذه الروايات لا تنهض بنفي دعوى وقوع نقص في القرآن بسورة كاملة أو أكثر من سورة. روايات تلاوة القرآن وفضلها وثوابها (١١): إنّ مجموع هذه الروايات يفيد أنّ القرآن الموجود بين أيدينا غير محرّف، وإلا لكانت هذه الروايات لغواً، غير مقدور تحصيل ثوابها للمكلّف (١٢). روايات صيانة القرآن عن التحريف المرويّة عن الأئمّة عليهم السلام: حيث تدلّ هذه الروايات على صيانة القرآن عن التحريف، ومنها: ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما بين الدفتين قرآن" (١٣). ما روي عن الإمام العسكري عليه السلام: "اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك: أنّ القرآن حقّ لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة الإجماع عليه مصيبون، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون..." (١٤). الدليل العقلي ذكر الباحثون والمحقّقون في مجال علوم القرآن والتفسير عدّة تقريبات للدليل العقلي على صيانة القرآن عن التحريف (١٥) وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه التقريبات ليست عقليّة بحتة، لأنّها تتضمّن مقدّمات متسالم عليها بين المسلمين. ومن هذه التقريبات: التقريب التالي، وهو يتألّف من مقدّمات عدّة، هي: إنّ القرآن كتاب هداية للعالمين. القرآن كتاب خاتم، كما أنّ الرسول صلی الله عليه وآله وسلم رسول خاتم. إذا حرّف القرآن يترتّب على ذلك إضلال الناس. مقتضى حكمة الله تعالى أن ينزّل كتاباً آخر ويُرسل رسولاً آخر، وهذا يلزم منه: إمّا تكذيب الله سبحانه، لأنّه أخبر بأنّ الرسول صلی الله عليه وآله وسلم هو خاتم الرسل ورسالته خاتمة الرسالات، وإمّا نسبة الجهل إليه تعالى على فرض اكتشافه ضرورة إرسال نبي آخر ورسالة أخرى. النتيجة: إذن، القرآن لم يحرّف. —————————————————————————————————— ١. سورة الحجر، الآية: 9. ٢. انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 12، ص 106، السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص 207-209. ٣. سورة فصّلت، الآيتان: 41-42. ٤. انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 17، ص 398-399، السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص 210-211. ٥. قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾ (البقرة: 2)، ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (السجدة: 2)، ﴿وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (يونس: 37)، ﴿إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾(الفرقان: 30). ٦.تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الروايات متواترة تواتراً معنوياً بين المسلمين، وهي منقولة في كتب السنّة والشيعة. انظر: الصفّار، بصائر الدرجات، ج 8، باب 17 في قول رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم "إنّي تارك فيكم الثقلين"، ح 1-6، ص433-434، ابن حنبل، مسند أحمد، ج3، ص14، النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج3، ص148، المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، ج 1، ح 943-955، ص 185-187. ٧. انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص 211، السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 12، ص 107. ٨. انظر: الشيخ الكليني، الكافي، ج2، كتاب فضل القرآن، باب في تمثّل القرآن وشفاعته لأهله، ح 1-14، ص 598-602. ٩. انظر: الشيخ الكليني، الكافي، ج1، المقدّمة، ص8، كتاب فضل العلم، باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب، ح 1-5، ص 69. ١٠. انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 12، ص 107-108. ١١. انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص 214-215. ١٢. انظر: الشيخ الكليني، الكافي، ج2، كتاب فضل القرآن، باب فضل حامل القرآن، ح 1-11، ص 603-606، باب من يتعلّم القرآن بمشقّة، ح 1-3، ص 606-607، باب ثواب قراءة القرآن، ح 1-7، ص 611-613، وما يليها. ١٣. انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 12، ص 108. ١٤. انظر: مجموعة من المحدّثين: الأصول الستّة عشر، أصل حسين بن عثمان بن شريك العامري، ط2، قم المقدّسة، دار الشبستري للمطبوعات، مطبعة مهديه، 1405/ 1363هـ.ش، ص 111. ١٥. انظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن: الاحتجاج، تعليق محمد باقر الخرسان، لاط، النجف الأشرف، دار النعمان، 1386هـ.ق/ 1966م، ج 2، ص 251.

2