وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
ابنتي الكريمة، زادك الله بصيرة في دينك، وقوة في إيمانك، وعلماً وفهماً، وأخذ بيدك نحو ما هو خير الدنيا والآخرة.
أحسنت يا ابنتي أن تكرهين تلك العادة وتتنفرين منها، فإن هذا علامة أنّ ضميرك وباطنك وعقلك ووجدانك يكرهها، وهذه علامات سلامة ونقاء الباطن، إلا ما يمكن أن يكدّره من بعض المعاصي كالغناء وغيره.
فالغناء محرّم فعله وسماعه، وهو من اللهو بالباطل، وفاعله يستحق عليه دخول جهنم، ومن كان مبتلى بالغناء والسماع له نرشده إلى ما يلي وبحول اللّٰه وقوته يهتدي إلى طريق الحق وسواء السبيل، فنقول:
١- الغناء حرام، وكذا سماعه، وقد ورد في لسان الشرع أن البيت الذي يسمع فيه الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، يقول تعالى: ﴿ ... المزیدفَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠)﴾ (سورة الحج).
وعنه (صلى الله عليه وآله): "إياكم واستماع المعازف والغناء، فإنهما ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل".
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "الغناء مما أوعد اللّٰه (عزَّ وجلَّ) عليه النار، وهو قوله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (٦) وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٧)﴾ (سورة لقمان)". وهناك الكثير من الروايات في هذا الشأن.
٢- ينبغي للعاقل أن يلتفت إلى ما يرثه الغناء من الآثار السلبية، مثل ما تذكره الرواية السابقة أنه يورث النفاق، والنفاق أشد الأمراض فتكاً بالانسان حتى أنزل الله سورة في المنافقين وهي سورة براءة، وسمى سورة بذلك بسورة المنافقين لعظم خطر النفاق على الإنسان والمجتمع.
وممّا يثيره الغناء في النفس، هو أنّه يهيّج النفس إلى الفاحشة، ويدعوا إلى الزنا والعياذ بالله تعالى.
٣- عليكم بالتأمل في هذه الآثار السلبية، ومعاهدة النفس باصرار وقوة على ترك الغناء، وجعل عقوبة على النفس فيمّا لو خالفتم ذلك، كمثل التصدق بمبلغ من المال فيما لو استمعتم للغناء، أو تلزمون أنفسكم بالصيام مثلاً لو خالفتم الشرط والالتزام بعدم الاستماع للغناء.
٤- عليكم بتحبيب النفس إلى قراءة وسماع المناجاة والأدعية، ففيها جمال وعذوبة وروحانية تؤثر في النفس تربطه بمولاه الحق.
٥- عليكم بالالتزام بالصلاة في وقتتها، مع ملاحظة التأثير الروحي للصلاة في النفس، لأنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
٦- العبد المؤمن يحب أن يتشبه بأخلاق محبوبه من مثل أهل البيت (عليهم السلام)، والمحب لمن أحبّ مطيع، وهم (عليهم السلام) بعيدون عن مثل هذه الأمور، فينبغي لمن شايعهم أن يتخلق بأخلاقهم.
٧- ترك رفاق السوء والمجالس التي تدعو وتدعم مجالس اللهو والغناء وتشجع عليها، وإبدالهم برفاق الصلاح ومجالس الخير والذكر.
٨- ترك العلاقات العاطفية، أو حتى التفكير فيها والميل إليها، حتى لا يتسبب ذلك في تهييج النفس لتميل إلى سماع الغناء.
٩- تعويد اللسان على ذكر الله تعالى حتى يتشبع في جميع وجود الإنسان لتلين نفسه إلى محبة الله تعالى وعشقه والكون دائماً في محضره.
١٠- لعلّ فلسفة ترك الغناء هو؛ أنّ العبد عندما يسمع الغناء وتطرب نفسه إلى ذلك، وتترقص على ألحانه، تميل به عن حد الاعتدال والصواب، وتتحكم به النفس حتى تغلب عقله، حتى تطلب ما هو محذوراً ومحظوراً عليها، وكأنّها تكون في سكرٍ لا تفيق منه، وكأنه في حالٍ من التلاعب في عواطفه ومشاعره ونظامه الداخلي حتى تراه مرةً يبكي وأخرى يضحك، نتيجة تلاعب الكلمات والايقاع النغمي في نفسيته وروحه حتى يسخره الفاعل لمثل ما يريده، ومثل هذا يكون قد شابه السكر في فاعليّة التأثير.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ودمتم موفقين