قال الشيخ المفيد في كتاب (أوائل المقالات) باب (القول في عصمة الأئمة): إن الأئمة القائمين مقام الأنبياء في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأتديب ألانام معصومون كعصمة الأنبياء ولا تجوز عليهم كبيرة ولا صغيرة.. ولا سهو في شيء من الدين ولا ينسون شيئاً من ألاحكام. ويقول الشيخ المظفر: ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن من سن الطفولة إلى الموت عمداً وسهواً كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان لأن الأئمة حفظة الشرع والقوامون عليه حالهم في ذلك حال النبي (صلى الله عليه وآله). طيب لو توصلنا إلى عدم تحقق العصمة بمفهومها الشيعي في الأنبياء فهل يكفي ذلك لإبطال عصمة الأئمة خاصة وان دواعي وجوب العصمة في الأثنين واحدة؟ يقول العلامة الحلي في كتاب (نهج البلاغة): (.. ولأن الحاجة إلى الإمام إنما هي للأنتصاف للمظلوم من الظالم ورفع الفساد وحسم مادة الفتن ولأن الإمام لطف يمنع القاهر من التعدي ويحمل الناس على فعل الطاعات واجتناب المحرمات ويقيم الحدود والفرائض ويؤاخذ الفساق ويعزر من يستحق التعزير فلو جازت عليه المعصية وصدر عنه انتفت هذه الفوائد. أقول وهل تحقق ذلك على الأرض. الواقع عند الأئمة جميعهم؟؟ خاصة ونحن نسمع ترديد الشيعة كثيراً لمقولة أن الأئمة ظلموا.. وسلب حقهم.. فإذا كانوا عاجزين عن فعل ذلك بأنفسهم فكيف يغيرهم؟... والأدلة على عصمة الأئمة يمكن أنا تأتينا من الآيات القرآنية أو السنة الشريفة ونمر على بعضها مروراً عاجلاً ثم نستدل بالدليل العقلي على حكمة العصمة لدى الأئمة (عليهم السلام): قال الله تعالى: ((...إنَّمَا يريد اللَّه ليذهبَ عَنكم الرّجسَ أَهلَ البَيت ...)). (سورة الأحزاب: الآية 33). الواضح من سياق الآيات السابقات لهذه الآية. والآية التي بعدها تشير إلى أنها نزلت في نساء النبي (( يَا نسَاء النَّبيّ لَستنَّ كَأَحَد مّنَ النّسَاء )) (39) وروى أن حصين بن سبرة سأل زيد بن أرقم عن أهل البيت النبي, فقال له: أهل بيته من حرم الصدقة عليه, وهم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس, فهم أصله وعصبته (40) وآية التطهير في نساء النبي وغيرهن من أهل البيت كما دلّ حديث زيد بن الأرقم هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس, ولا قائل بعصمة هؤلاء, وتخصيص الخمسة يحتاج إلى دليل. وإذا تمت لهؤلاء فكيف تتم العصمة لأولادهم وأحفادهم؟!
الاخ حبيب المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الادلة العامة التي تثبت العصمة للانبياء والائمة على حد سواء هي ادلة عقلية ثابتة ومسلمة وعليه فلا ترد على العصمة نقوض من باب الموارد والامثلة بل وبحسب القواعد العلمية يجب تفسير تلك الموارد غير الواضحة على ضوء ادلة العصمة فانه من تفسير وتوضيح المشكوك بالقطعي.
وإذا أمكن الاتيان بدليل قاطع يعارض تلك الادلة ويسقطها عن الاعتبار فان عصمة الانبياء والأئمة (عليهم السلام) سوف تبطل لو كانت العصمة مستندة الى ذلك الدليل فقط, أما إذا كان هناك أكثر من دليل غير معارض فتبقى العصمة باقية بتلك الادلة, ولو سلمنا بإمكان القدح بكل الأدلة التي تثبت العصمة للانبياء (عليهم السلام) فانه تبقى عصمة الائمة (عليهم السلام) ونبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وابنته فاطمة عليها السلام ثابتة لان هناك ادلة خاصة تثبت العصمة لخصوص الائمة (عليهم السلام).
وأما ما يتعلق بسؤالك عن كلام العلامة الحلي:
طبعاً لم يتحقق ذلك على ارض الواقع عند اغلب الائمة (عليهم السلام) كما اراده الله لهم، لسلب السلطة المعطاة لهم من قبله تعالى، ولكنهم كانوا يعملون بمقدار وسعهم فهم الهداة الى الله وكلام العلامة الحلي اثبات موصفات الائمة في مقام الثبوت لا في مقام الاثبات وبتعبير اخر ان للائمة (عليهم السلام) مواصفات واعمالاً يريد الله تعالى ان تتحقق باختيار وقبول من خلقه واذا لم تتحقق لسلبهم القدرة على تلك الاعمال فان الله يبقى في ذلك المقام مريداً لتلك الاعمال حتى لو لم يتحقق منها في مقام الاثبات الا الشيء القليل.
وأود أن أقول هنا شيئاً: وهو أن هذا السؤال يرد كثيراً من إخواننا السنة، مع أنه لا يحتاج في جوابه الا لتأمل القليل، وعدم الخلط في الشروط والمواصفات التي بموجبها يستحق الامام أن يكون اماماً أي في مقام الجعل والثبوت وبين ما وقع في الخارج.
واعطي مثالاً لذلك: فان من شروط إمام الجماعة أن يحسن القراءة فلو وجد شخص يتوفر فيه هذا الشرط، ولكن المأمومين لم يأتموا به وأتموا بغيره الذي لا يحسن فهل يسقط هذا الشرط من شروط امام الجماعة، أو أن المحسن للقراءة سوف تسقط أهليته باعراض الناس عنه؟
وإذا جعل الله في تشريعه ان مصلحة الصلاة والفائدة المترتبة عليها لا تتم الا بالائتمام بمن يحسن القراءة ثم لم يلتزم الناس بهذا الشرط، فهل سيسقط مثلاً، أو تقول أن الله لم يشرط مثل هذا الشرط؟ مع أن ثبوت الشرط وعدمه يأخذ من دليل آخر، ما لكم كيف تحكمون!!
أما ما يتعلق بآية التطهير فان الكلام الذي جاء على لسان زيد بن ارقم ما هو الا رأي من عنده وكما هو معلوم فان اجتهاد زيد لا يكون حجة علينا ولقد تم تفصيل ما يتعلق بآية التطهير في الموقع تحت عنوان أهل البيت :
1 ـ من هم؟ 2 ـ حديث الكساء يشملهم 3 ـ من هم الآل في آية التطهير 4 ـ أليس هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر
أما عصمة بقية الأئمة غير الخمسة فارجع الى الموقع تحت عنوان : أهل البيت : 1 ـ أليس هم آل