حبيب - الدانمارك
منذ 4 سنوات

لنتبرّك بعض معاني العصمة من كلام الإمام الرضا عليه السلام: (إنّ الإمامة خصَّ الله عز وجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلة, مرتبة ثالثة وفضيلة شرفه بها, وأشاد بها ذكره, فقال: ((...إنّي جَاعلكَ للنَّاس إمَامًا ...)). الشيعة كما اعلم تعتقد بأن منزلة الأئمة افضل من منزلة الأنبياء جميعاً سوى نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم), وعلى سبيل المثال فعلي رضي الله عنه افضل عند الشيعة من إبراهيم عليه السلام. والإشكال الذي لدي هو: الإمام الرضا ذكر ثلاثة مراتب لنبي الله إبراهيم عليه السلام وهي الإمامة, النبوة, والخلة.. وعلي رضي الله عنه أثبتم له مرتبة الإمامة فقط فكيف يكون أفضل منه؟ فنحن نجد أن ما عند علي عند إبراهيم, ويفضل إبراهيم (عليه السلام) بالنبوة والخلة, فأيهما أحق بالفضل والعلو؟


الاخ حبيب المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما إشكالك حول أفضلية أئمتنا على إبراهيم الخليل مع أنه إمام كما هم أئمة ويزيد عليهم بفضائل أخرى كالنبوة والرسالة والخلة حتى مع التسليم بأفضلية الامامة على ما سواها من مراتب وفضائل وخصائص. فنقول: 1 ـ إن سلّمت بأفضلية الامامة على ما سواها فقد كفيتنا المؤنة في إثبات ذلك وقطعنا نصف الطريق للوصول الى النتيجة. 2 ـ وأما جمعك لمراتب وفضائل ابراهيم (عليه السلام) وجعلها ثلاثة أو أربعة في قبال فضائل أمير المؤمنين التي جعلتها واحدة فقط وهي الامامة فهذا لعدم احاطتك لحقيقة الفضائل والصفات. لأنك إن سلمت بأفضلية مرتبة الامامة على سواها فيجب عليك أن لا تعود الى مرتبة أدنى منها وتثبتها في عرض الامامة ثم تقول اجتمعت أكثر من مرتبة وأكثر من فضيلة لابراهيم (عليه السلام) دون علي (عليه السلام) فهذا باطل لان المراتب التي ذكرناها وسلمت أنت بتفاوتها وتفاضلها هي مراتب طولية لا عرضية حتى تجمع فالمراتب الطولية تكون فيها المرتبة العليا أسمى وأعلى مرتبة من المرتبة الدنيا حتى مع التغاير في السنخ والحقيقة, كما هو الحال بين الحياة الدنيا والآخرة فإن الآخرة بالتأكيد هي الدار الحقيقية وهي الأعلى مرتبة وأجل وأسمى من الدنيا مع أنها لا تحتوي على مرتبة الدنيا معها ولا شيء من سنخ وحقيقة هذه الدنيا موجود هناك بل هو عالم آخر مختلف تماماً عن هذه الدنيا ويكون أفضل وأعلى مرتبة منها. فكذلك الشأن في الامامة فهي مرتبة أعلى وأسمى وأرقى من النبوة والرسالة فلا يجب على الامام أن يكون نبياً أو رسولاً وكذلك لا يلزم أن يكون النبي أو الرسول أفضل من الامام لو كان إماماً أيضاً ناهيك عن عدم كونه إماماً أيضاً. لماذا؟ لاننا نقول وبوضوح إذا سلمنا أن مرتبة الامامة أعلى من النبوة أو الرسالة فإننا نعتقد أن الامامة أيضاً لها درجات ومراتب مختلفة ومتفاوتة كما ثبت ذلك للانبياء والرسل بنص القرآن الكريم كقوله تعالى ((تلكَ الرّسل فضَّلنَا بَعضَهم عَلَى بَعض...)) وكذلك قوله تعالى ((وَلَقَد فضَّلنَا بَعضَ النَّبيّينَ عَلَى بَعض )). فالتفضيل ثابت بين الناس وبين المؤمنين وحتى في الطعام ((ونَفضّل بَعضَهَا عَلَى بَعض في الأكل)). فثبت أن الأئمة أيضاً ليسوا في درجة واحدة قطعاً. 3 ـ ونقول أيضاً أن الدين الاسلامي أفضل الأديان وأكملها وأسماها وهو خاتم الديانات وأعلى مرتبة يمكن أن يصل إليها الانسان في مراتب سموه ووصوله الى الرفيق الأعلى والحضرة المقدسة ففيه يصل الانسان إلى مرتبة الكمال التي لم يصل إليها أحد من المتقدمين عليه مهما كان. وإلا فما الداعي لكونه خاتم الاديان وأكملها وأفضلها وأن الانبياء لو بعثوا لما وسعهم إلا أن يتبعوا ويعتنقوا الاسلام. إذن يوجد في الاسلام من مقتضي الكمال ما لا يوجد في دين سواه بناءاً على التدرج والارتقاء والاكمال في مسيرة الاديان وهذا مما لا خلاف فيه بين أحد من أهل الاسلام. 4 ـ إنه ثبت من الفضائل لاهل البيت (عليهم السلام) ما لم يثبت لغيرهم. فمثلاً علوم أهل البيت كانت وراثة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والنبي عنده كل علوم الأولين والآخرين فهم بالتالي عندهم العلوم الكاملة وعندهم علم الكتاب كما وصفهم بذلك سبحانه وتعالى. وأنهم نفس رسول الله وخاتم رسل الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأفضل خلق الله وقد أوضح ذلك القرآن بقوله تعالى على لسان رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) (وأنفسنا) فدعى علياً وحده وسماه نفسه بنص الكتاب العزيز. وكذلك ما رواه أصحاب الصحاح عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول مراراً وتكراراً (إن علياً مني وأنا منه) و(حسين مني وأنا من حسين) و(فاطمة بضعة مني) و(إن ابني هذا سيد) يعني الحسن (عليه السلام) وقال في حقهم جميعاً (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما أفضل منهما وأمهما سيدة نساء أهل الجنة). وصححه الألباني في سلسلته الصحيحة. فكل ذلك يدل على أفضليتهم على من سواهم من المسلمين ومن الامم السابقة. 5 ـ ولو سلمنا معكم جدلاً بعدم الافضلية في الدنيا فنقول إنهم بالآخرة أفضل من غيرهم وهم في درجة ومنزلة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تفضلاً من الله تعالى لقوله تعالى (( وَالَّذينَ آمَنوا وَاتَّبَعَتهم ذرّيَّتهم بإيمَان أَلحَقنَا بهم ذرّيَّتَهم وَمَا أَلَتنَاهم مّن عَمَلهم مّن شَيء )) فهذه الآية الكريمة تنص على إلحاق ذرية المؤمن وأهل بيته به في مقامه في الجنة ودمتم سالمين