logo-img
السیاسات و الشروط
حبيب - الدانمارك
منذ 5 سنوات

 نفي السهو ليس تشبيهاً بالله سبحانه وتعالى

عندما يذكر السيد المرتضى علم الهدى ما يحتج به على صواب جميع ما انفردت به الإمامية, أو شاركت فيه غيرها من الفقهاء, يذكر اجماعها على ذلك الأمر, ثم يبين سبب حجية ذلك الاجماع بقوله: (إنما قلنا ان اجماعهم حجة لان في اجماع الامامية قول الإمام الذي دلت العقول على ان كل زمان لا يخلو منه, وانه معصوم لا يجوز عليه الخطأ في قول, ولا فعل). حقيقة هذا الكلام يحتاج إلى مزيد إيضاح... كيف لا يخلو زمان من قول الإمام وإمام الشيعة الثاني عشر غائب منذ 1200 سنة تقريباً؟ ...الشيخ الطوسي شيخ الطائفة قدس سرة: قال ردّاً لحديث ذي الشمالين في سهو النبي صلى الله عليه وآله: (وذلك مما تمنع العقول منه) التهذيب الطوسي 2: 180, وقال في الاستباصر وذلك مما تمنع منه الادلة القاطعة في أنه لا يجوز عليه السهو والغلط) (الاستبصار الطوسي 1:) وإن تعارض العقل مع الدليل الصحيح فبأيهما نأخذ؟ ... وقال في (نهج المسترشدين): (إنه لا يجوز أن يقع منه الصغائر والكبائر لا عمداً ولا سهواً ولا غلطاً في التأويل... ويجب ان يكون منزهاً عن ذلك كله من أول عمره إلى آخره). الرد ذلك... وقال الفاضل المقداد قدس سره: (وأصحابنا حكموا بعصمتهم مطلقاً قبل النبوة وبعدها عن الصغائر والكبائر عمداً وسهواً, بل وعن السهو مطلقاً, ولو في القسم الرابع, ونقصد به الافعال المتعلقة بأحوال معاشهم في الدنيا مما ليس دينياً, ارشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين الفاضل السيوري: 304 وقال في موقع آخر (المجلسي): (العمدة في ما اختاره أصحابنا من تنزيه الأنبياء والأئمة عليهم السلام من كل ذنب ودناءة ومنقصة قبل النبوة وبعدها قول ائمتنا عليهم السلام بذلك المعلوم لنا قطعنا باجماع أصحابنا رصوان الله عليهم مع تأييده بالنصوص المتظافرة حتى صار ذلك من قبيل الضروريات في مذهب الإمامية). أقول وهذا يناقض قول: الشيخ المفيد (قدس سرة): (إن الذي أذهب إليه في هذا الباب إنه لا يقع مع الأنبياء عليهم السلام ذنب بترك واجب مفترض ولا يجوز عليهم خطأ في ذلك ولا سهو يوقعهم فيه, وإن جاز منهم ترك نفل ومندوب إليه على غير القصد والتعمد, ومتى وقع ذلك منهم عوجلوا بالتنبيه عليه فيزولون عنه في أسرع مدة وأقرب زمان, فأما نبينا صلى الله عليه وآله وسلم خاصة والأئمة من ذريته عليهم السلام فلم يقع منهم صغيرة بعد النبوة والإمامة, من ترك واجب, ولا مندوب إليه, لفضلهم على من تقدمهم من الحجج عليهم السلام, وقد نطق القرآن بذلك, وقامت الدلائل منه ومن غيره على ذلك للآئمة من ذريته عليهم السلام), فجملة (وإن جاز منهم ترك نفل ومندوب إليه على غير القصد والتعمد) تعني السهو... فالمفيد يثبت السهو للأنبياء. وجملة (فأما نبينا صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة والأئمة من ذريته عليهم السلام فلم يقع منهم صغيرة بعد النبوة والإمامة) يفهم من هذا بان الأنبياء غير النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد يقع منهم صغيرة بعد النبوة!!... وقال الشيخ بهاء الدين في جواب (المسائل المدنيات)): (عصمة الأنبياء والأئمة عليهم السلام من السهو والنسيان, مما انعقد عليه اجماعنا. وقال العلامة المجلسي صاحب البحار قدس سرة: ( اعتقادنا في الانبياء والرسل والائمة, والملائكة عليهم السلام أنهم معصومون, مطهرون من كل دنس, وانهم لا يذنبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً, ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون .. ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهلهم, واعتقادنا فيهم أنهم موصوفون بالكمال والتمام والعلم من أوائل أمورهم إلى أواخرها, لا يوصفون في شيء من أحوالهم بنقص ولا جهل) (بحار الأنوار المجلسي 11: 72 باب عصمة الأنبياء عليهم السلام). الرد عليه بكتاب الله كما سبق وبينا ذلك... مجملاً عما استدل به المطؤون من اطلاق لفظ العصيان والذنب فيما صدر عن آدم عليه السلام هو انه لما قام الدليل على عصمتهم نحمل هذه الألفاظ على ترك المستحب والأولى, أو فعل المكروه مجازاً, ترك المستحب والأولى!! كيف يكون هذا؟ وأقول سلمنا لكم.. أليس معنى الآية حينئذ أن الله قد عهد إلى آدم عهداً فتركه, هل هذا يتماشى مع العصمة؟ وهل يجوز الاقتداء به في ذلك؟ وقوله: (وعصى آدم ربه فغوى) عصى ـ فغوى, ما معنى هذا؟ ولماذا خرج آدم عليه السلام من الجنة؟.


الاخ حبيب المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ان الاجماع الذي تقول بحجيته الامامية، هو الاجماع الذي يكشف عن قول المعصوم. أي أن المعصوم داخل في ضمن الاجماع ولان الامام موجود في كل زمان، والامام معصوم لذلك اعتبر الاجماع عندنا حجة. أما سؤالك عن الامام الغائب، فراجع ما كتب بالموقع تحت عنوان الغيبة: 1 ـ كيفية الانتفاع بالامام المهدي في غيبته .2 ـ عدم خلو الارض من حجة لا تناقض الغيبة. والدليل العقلي القاطع لا يتعارض مع الدليل النقلي القاطع، ولكن اذا تعارض دليل عقلي قاطع مع دليل نقلي ظني يقدم الدليل العقلي على الدليل النقلي ويأول الدليل النقلي القابل للتأويل أو يطرح ولا يعمل به لتعارضه مع الدليل القاطع. والرواية الصحيحة لا تخرج عن كونها ظني، فلاحظ. والجملة التي قالها الشيخ المفيد لا تدل على السهو الذي يقدح بالعصمة كما تقول انت وليس الشيخ المفيد يقول بسهو الانبياء بذلك المعنى وانما الذي يقوله بعبارته ان المستحبات ـ التي هي غير الواجبات والمكلفين غير ملزمين بأدائها ـ اذا تركوها أي المستحبات فانهم سرعان ما يعودون الى ممارسة تلك المستحبات بعد التنبيه عليها فترك الاولى الذي يعنيه المفيد لا يقدح في العصمة كما هو الحال في السهو بالواجبات وهذا ما اتفقت عليه الامامية. أما ما ذكرته من قصة آدم (عليه السلام) فراجع صفحتنا تحت عنوان (العصمة: مسألة خروج آدم من الجنة، وتحت عنوان عصمة الانبياء (عليهم السلام) في راي الفريقين، وعنوان التوفيق بين ترك الاولى لآدم وتوبته). وان الآيات القرآنية التي تذكرها والتي ظاهرها ينسب المعصية والخطأ والذنب والنسيان للأنبياء يجب تأويلها لتعارضها مع الادلة القطعية التي تثبت العصمة للانبياء، ولابد لنا من ذلك في مثل هذه الآيات واذا كنت ممن يتمسك بظواهر القرآن، فنحن نقول لك ماذا تقول في الآيات القرآنية الاتية: ((كل شيء هالك الا وجهه))[القصصك88]، وقوله: ((ومن كان في هذه اعمى فهو في الآخرة اعمى واضل سبيلاً))[الاسراءك72]. فهل هذا يعني ان جزء من الله يهلك او ان الاعمى هنا اعمى هناك؟!! اذن لابد لنا من تأويل هذه الآيات وغيرها التي يتعارض ظاهرها مع أدلة قاطعة لا تقبل الشك، ونحن على هذا الأساس نبين الآيات القرآنية واحدة واحدة. ودمتم سالمين